... ومع ذلك يبقى السؤال مفتوحاً: لماذا فقط فلسطين ولبنان؟

حافظ الشيخ صالح

منذ وعينا على الحياة، ومن قبلُ منذ أنْ وعى آباؤنا ومنذ أنْ وعى أجدادنا، والقضية الفلسطينية هي لحمنا ودمنا، وبقي لدينا الأمل متوقّداً، من ماء المحيط إلى ماء الخليج، بأنْ ننهض يوماً، وراء قيادات شريفة وزاهدة ومجاهدة، لبدء المعركة المديدة، معركة تصفية الكيان الصهيوني على بكرة أبيه، وتحرير فلسطين من ماء البحر إلى ماء النهر، إلا أنّ الذي غدر بآمالنا، ولايزال يحاول جاهداً إطفاء هذا الأمل في عيوننا، إنما هي أنظمة الواقع العربي الراهنة، على تعاقب هيئاتها ومسمياتها منذ 1948، وهكذا كانت قاصمة الظهر هي اتفاقيات كامب ديفيد، في نهاية سبعينيات القرن الماضي الميلادي، وما رافقها وتلاها من إخراج للعاصمة مصر الكُبرى من الصراع، ورفع العَلَم الصهيوني القبيح في القاهرة، وصولاً من بعد ذلك إلى سلسلة من التنازلات العربية الرسمية، التي تركتْ الإمبريالية الصهيونية والإمبريالية الأمريكية (وأيضاً الإمبريالية الصفوية الفارسية) تستفرد بتقرير مصائر الوطن العربي، بخاصة شقّه المشرقي، بينما المصالح الطبقية الضيّقة لدى الحكام العرب تضغط ضغوطها الرهيبة على الجمهور العربي الغفير، كيْ تمنعه من استلام قضية فلسطين، وكيْ تقطع عليه طريق تصفية هذا الكيان الدخيل غير القابل ألبتة للاندماج، وغير القابل في تلايا الشوط إلا للزوال والأفول. هذا الوضع الجامد والـمُخادع، والذي يدفع الجمهور العربي من الفقراء وأشباه الفقراء أثمانه لسبب وجود الكيان الصهيوني في الأرض العربية، هو وضع هشّ وغير تاريخي، ولذلك وجب على حركات التحرّر العربية الفاعلة، ومنها اليوم «حماس« و«حزب اللّه«، أنْ تناوشه وتشاغبه، وتضطره إلى وضع الاضطراب، لكيْ تعاد الأشياء إلى وضعها الطبيعي، ولكيْ تتورّط الدول العربية كافة، كما ينبغي، في الصراع، ولكيْ يفارق النوم عيون القوى الطبقية، الباذخة والمترفة، التي هي تابعة للخارج وفي الوقت نفسه مهيمنة على الداخل، ولكيْ تسري الشروخ والشقوق في جدار الصمت والتواطؤ العربي الرسمي العام، الذي سورية (بلْ النظام النصيري في دمشق) أحد مكوناته وأحد ركائزه، إذْ منذ صيف 1967 لم تنطلق رصاصة واحدة على العدو الصهيوني من جانب الجولان المحتل. في مقدمتها سورية الواجب أن تتورّط كل الدول العربية في الصراع، والواجب فتح الصراع من جديد، كيْ لا تبقى فلسطين ولبنان وحدهما مَنْ يحتمل الحِمل الثقيل ويؤدي الأمانة ويرفع البيرق من الطين.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO...=172185&Sn=shkh