لم يجب أن نعبأ كثيرا يا إبراهيم بما يظنه رجل الشارع الغربي؟

ألا يمكنه أن لا يحشر أنفه في أمورنا الخاصة كما لا نحشر أنوفنا في قضية إعادة تكساس ونيومكسيكو وأريزونا للمكسيك؟

ألا يمكن للغرب أن يحلوا عنا، يفارقونا بريحة طيبة؟

نحن لسنا النموذج المثالي يا إبراهيم، لكننا خير لهم منهم لأنفسهم، فحروبنا وإن كالت لا تشتمل على ما اشتملت عليه حروبهم وتشتمل.

بالأمس القريب أشعل الغرب حربين عالميتين ضروستين، استعمل فيها الغرب ضد الغرب أسلحة يعتبرها الغرب محرمة.


رجاء يا إبراهيم، نحن لسنا طلابا عند الغرب، وليس رجل الشارع الغربي بأستاذ ينتظر منا تقديم حسن سلوك، نحن نمارس ما نقتنع بصوابه كما أن الغرب يمارس ما يقتنع هو بصوابه.

أما الحرب، فهي الكريهة كما سميناها قبل أن يكرهها أحد، وهي على الكراهة لا يمكن الحياة دونها من استقراء الواقع الانساني على مدى العصور المتعاقبة حتى يومنا هذا.

إن أردت أن نوقف الحرب، فأعطنا بديلا يعيد شذاذ آفاق بولونيا وبطيخيا وأوكرانيا والمانيا إلى بلادهم، ويحرر الأسرى. غير ذلك يكون الحديث نافلة سهلة لا تسمن ولا تغني من جوع.

ولا خير في أمر إذا لم يكن لـه ــــــ حكيمٌ إذا ما أوردَ الأمرَ أصدرا
ولا خير في حِلم إذا لم يكن لـه ــــــ بوادر تحمي صفوه أن يتكدرا

ثم لو شئت لأبنت لك فضل العرب على الغرب، وفضلهم على الناس، ولو شئت أيضا لأبنت لك سوء الغرب على الناس أجمعين، ولو أردت لبسطت لك من سيئات من تسكن بين ظهرانيهم ما يجعلك تخشى على نفسك الهلاك وتقي نفسك منهم الشرور.

ولولا أننا لا نورد الأمور ورودك، ولا نصدر عنها كما تصدر يا إبراهيم، فلسنا إلا قوم كرام اعتدي علينا وأجلب القوم المتحضرون علينا مرارا وتكرارا، ثم نبت من جلدتنا نابتة يكرهون أن نميط الأذى عن أنفسنا بله عن غيرنا.