عندما بدأت الضغوط تشتد على طهران بشأن ملفها النووي اعتقد البعض أن دورها قد حان في لعبة المطاردة الأمريكية، لكن ذلك لم يكن سوى لعبة مساومة، وهنا لم تواجه الدبلوماسية الإيرانية ذلك بالمماحكة أو التشدد؛ بل تجرعت كأس السم على نحو ذكي، إذ قدمت مبادرة التخلص أو الرقابة على منشآتها النووية للأوروبيين، فنفست بذلك الضغوط الأمريكية.

قلت: وقتال حزب إيران لإسرائيل ما هو إلا لعبة مساومة جديدة، يلعبها ساسة إيران، على حساب شعب لبنان.

مع تحولات المقاومة والحالة العراقية الداخلية كان الأمريكان يدركون يوماً إثر آخر أن طهران هي الأقوى في الساحة العراقية عبر سيطرتها على خيوط الحالة الشيعية السياسية والدينية، وعندما يتذكر الجميع أننا بإزاء حالة مدججة بالغضب على التاريخ والحاضر في آن معاً؛ فإن معنى ذلك أن في مواجهة الاحتلال بركان جاهز للانفجار إذا ما أشعلت طهران الفتيل.

قلت: وإيران يعجبها الاحتلال الذي جاء بها إلى العراق، وجعلها سيدة الموقف هناك، تقتل السنة على مرأى ومسمع من الذي يسبحون بحمد إيران.

وهي في ذات الوقت تساوم أمريكا على أتباعها، وقدرتها على إشعال القتال الشيعي ضد أمريكا هناك.

بالمقابل يدرك المسؤولون الإيرانيون أن واشنطن لن تتسامح مع أمر كهذا، وأن من غير المستبعد أن تلجأ إلى أسوأ الخيارات في التعامل معه، وهو الخيار العسكري.

الطرفان إذاً، خائفان من بعضهما البعض، ففيتنام هنا تغدو ذكرى جميلة قياساً بالعراق، وهو ما سيترك آثاره ليس على الوجود الأمريكي في العراق، بل على وجودها في المنطقة، وبالتالي هيبتها الدولية، وصولاً إلى مستقبلها كقوة أولى في العالم.

بالمقابل تدرك إيران أن الوحش المجروح في كبريائه قد يذهب بعيداً في رعونته ومغامرته وصولاً إلى الاجتياح العسكري، وهو مسار لا يحل مشكلة واشنطن، لكنه قد يشكل عبئاً ما على إيران.


ياسر الزعاترة

http://www.islamtoday.net/albasheer/show_a...d=79&artid=3264