{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
رحيل المؤرخ اللبناني الفلسطيني نقولا زيادة
skeptic غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,346
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #7
رحيل المؤرخ اللبناني الفلسطيني نقولا زيادة
[B][CENTER]نقولا زيادة: رجل في تاريخ وحياة كثيرة
ثلاث حسرات ونٍعَمٌ أربع
[/CENTER]صقر ابو فخر
بعثرت الأقدار المريرة مصائر نقولا زيادة فما أمكنته من تخطي حاجز المئة، بعدما ظل، مثل أبطال الأساطير الاغريقية، يصارع أيامه موعوداً بتدشين قرن جديد في عمره المديد، لكن تعب الأيام أوهنه فغادرنا في التاسعة والتسعين.
كان يدرج نحو المئة بفرح غامر، ويخطط لأيامه المقبلة بنشوة الأيام الأولى. وفي لقاء مؤثر معه بصحبة جامعية أميركية جميلة تدعى روشيل دايفيز، والتي يحلو لها أن تعرّف نفسها بأنها بدوية فلسطينية من <تشاليفورنيا>، قال لي إنه تعاقد مع إحدى دور النشر اللبنانية على كتاب سيصدر في سنة ,2007 أي عندما يبلغ المئة. وحينما قلت له مازحاً: <وماذا لو غادرتنا الى الرفيق الأعلى قبل المئة؟>، نظر إليّ بابتسامة حانية، وقال: <بحَفَظ...>، وأشار الى قفاه. وتابع قائلاً: <إذ مت فسيخسر الناشر ما دفعه على الحساب، وإذا عشت فسأربح أنا الكتاب وما بقي من المبلغ>.
هكذا عاش نقولا زيادة ضاحكاً وساخراً معاً. عاش في هذه الدنيا نحو قرن من الزمان، وهو أسوأ قرن وأروع قرن في تاريخ العرب المعاصر؛ فكم ارتفعت بنا في خضم هذه الفترة العاصفة أحلام جسورة، وكم انحطت بنا هزائم كثيرة. لكن نقولا زيادة، المؤرخ اللامع والراصد الثاقب، اجتاز هذه المرحلة الصاخبة وفي فؤاده ثلاث حسرات، وفي روحه أربع متع: أما الحسرات ففقدانه والده صغيراً وفقدان وطنه فلسطين ثم فقدان زوجته مرغريت شهوان. أما المتع التي لم يبرح جائلاً في أرجائها فهي الحسان والسفر ومتعة الحروف والخمر. وكم كان يقرّعني حينما أتباعد في زيارته فيهاتفني: ماذا لديك هذا المساء؟ لعلك تشاطرني كأساً من نقيع البصل.
? ? ?
عرفت نقولا زيادة، أول مرة، في مقر الموسوعة الفلسطينية في بيروت. كنا نفراً لم يتجاوز العشرة نتحلق حول أنيس صايغ الذي كان يرعى بالجهد والعذاب مشروع الموسوعة مثلما رعى بالدم وبالأصابع المقطعة مركز الأبحاث الفلسطيني. ولا أبالغ في القول إنني قلما عرفت جماعة ربطت المودة أفرادها مثل جماعة الموسوعة الفلسطينية، وأوثقتهم بعرى متينة من الصداقة لا تنتهي أبداً. وكان نقولا زيادة في هذه الجماعة كبيرنا وصديقنا وزميلنا في آن، وكان استاذاً نبيلاً ومتواضعاً في الوقت نفسه. وإني إذ أذكره الآن، في معمعان هذه الحرب الهمجية، فإنني أتذكره مرة وقد دخل علينا في مكتب الراحل قسطنطين خمار في الموسوعة الفلسطينية، وكان خمار يباسطنا ويروي لنا نكتة فيها بعض الكلام المكشوف. وتوقف خمار عن الكلام وهبّ واقفاً ليسلم عليه. ثم رحنا نحثه على إكمال النكتة، غير أن خمار اضطرب واحمرّ ولم يكمل نكتته إلا عندما غادر نقولا زيادة المكتب. وحينما سألناه: لماذا توقفت عن سرد النكتة مع أن الدكتور زيادة مشهور بأنه إذا بدأ الكلام المكشوف فلا يتوقف، أجاب: عيب. لقد كان أستاذي في عكا. ولعلم من لا يعرف، فإن هذه الواقعة حدثت في سنة 1984 حينما كان قسطنطين خمار في الثالثة والسبعين ونقولا زيادة في السابعة والسبعين، أي أكبر منه بأربع سنوات فقط، فتخيّلوا هذا الطراز من الأفراد الذي ظلّ حتى وهو في الثالثة والسبعين يحفظ للمعلم القديم احتراماً متجدداً لا مثيل له.
? ? ?
ولد نقولا زيادة في 2/12/1907 في حي باب المصلّى أحد أحياء منطقة الميدان في مدينة دمشق. فهو، والحال هذه، دمشقي المولد، لبناني الإقامة، ناصري <الدم>. فكأنه مثل ابن بلدته الناصرة، أي مثل المسيح الذي كان، بدوره، ناصري <الدم> تلحمي الولادة، سرياني الثقافة. ومهما يكن الأمر، فقد عاش نقولا زيادة في بيت لا رجل فيه؛ فوالده عبده الذي عمل في سكة حديد الحجاز توفي في سنة ,1915 أي إبان الحرب العالمية الأولى. واضطرت والدته هيلين السعد الى العودة به وبأخيه ألفرد الى فلسطين في ما بعد. وهذا الفتى الفقير الذي بدأ دراسته في دمشق وتابعها في فلسطين على ضوء قناديل الكاز صار، لاحقاً، أحد أهم المؤرخين وأساتذة التاريخ في العالم العربي بعدما حاز الدكتوراه مع مرتبة الشرف من جامعة لندن سنة 1950 على أطروحة بعنوان: <تاريخ مدن سوريا بين 1200 و1400>، وبعدما زاول التدريس في فلسطين وكيمبردج وليبيا وهارفارد، وترأس دائرة التاريخ والآثار في الجامعة الأميركية في بيروت بين 1965 و.1973
? ? ?
لم ينخرط نقولا زيادة في أي جهد سياسي مثل معظم الفلسطينيين في بلاد الشتات، ولم تشغله السياسة يوماً عن حياته الفكرية والثقافية والتربوية، لكن مذكراته الموسومة بعنوان: <أيامي: سيرة ذاتية> (1992) حفلت بأخبار رجال السياسة، فضلاً عن رجال الفكر والأدب والتربية. وهذه المذكرات وإن تكن تأريخاً لكثير من الأماكن، إلا أنها ليست تاريخاً لمدينة بعينها ولو حتى الناصرة. لكن لدمشق فيها مكانة مميزة ومكان رحب. ومع أن نقولا زيادة لم يعش في دمشق إلا طفولته المبكرة غير أنه حينما يتكلم على هذه المدينة فكأنه يتكلم بسلطان الشعر والعاطفة لا بسلطان التاريخ وعين المؤرخ، فجاءت عباراته أنشودة حب وقصيدة وفاء لهذه المدينة العابقة بالتاريخ وسحر الماضي وشواهد السنين.
ويكاد نقولا زيادة يتفرد عن غيره من الأعلام الفلسطينيين بشجاعته على الذات وجرأته على المحرمات. ولعل ادوارد سعيد المقدسي تفوّق على نقولا زيادة الناصري في هذا الضرب من الكتابة، ولا سيما في سيرته <خارج المكان>. غير أن زيادة، وهو من جيل أسبق، تجرأ على البوح بتفصيلات حميمة من حياته لم نعهدها في كتب مجايليه أو السابقين عليه أمثال محمد مهدي الجواهري (<ذكرياتي>)، وميخائيل نعيمة (<سبعون>)، وهشام شرابي (<صور الماضي>)، وجبرا ابراهيم جبرا (<البئر الأولى> و<شارع الأميرات>)، فكان أقرب الى <يوميات> أندريه جيد و<اعترافات> جان جاك روسو والقديس أوغسطين التي شجّعت الميل إلى تعرية النفس المتلبسة بالآثام. ونقولا زيادة الذي نشأ في بيت بلا رجل، فلا أب ولا عم أو خال، تجرأ على الحديث في سيرته الذاتية عن تفتح غرائزه وعن الإغواء الذي تعرّض له من بعض الفتية في نابلس، ثم اعترف انه لم يعرف امرأة إلا سنة 1935 في أوروبا، وكان في الثامنة والعشرين. وبين هذه المشاهد من التذكر وافتضاض أختام المحرمات العتيقة جاء وصف عرسه على زوجته مرغريت شهوان أشبه بقصيدة حب لم تُنْسِه الأيام دقائقه، ولم تخنه الذاكرة في أبسط تفصيلاته.
? ? ?
خانته أقداره فلم تصل به الى المئة، ورحل في لجة هذا العماء الإسرائيلي الهمجي. ولعل من حسن حظه ألا يشاهد ما نشاهده نحن في كل يوم.

http://www.assafir.com/iso/today/culture/3263.html

07-29-2006, 04:21 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
رحيل المؤرخ اللبناني الفلسطيني نقولا زيادة - بواسطة skeptic - 07-29-2006, 04:21 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الحزب الشيوعي الفلسطيني وتاريخ النضال Dr.xXxXx 27 4,031 12-21-2013, 04:49 AM
آخر رد: Rfik_kamel
  رأي بحزب الله اللبناني Awarfie 44 11,435 04-17-2012, 10:25 AM
آخر رد: ابن حمص
  هذه سفالة وخيانة ترتكب باسم الشعب الفلسطيني observer 42 12,494 05-12-2011, 03:41 PM
آخر رد: فلسطيني كنعاني
  الموت يغيَب المؤرخ العربي الكبير عبد العزيز الدوري في عمان الثائر 0 1,044 11-20-2010, 07:31 PM
آخر رد: الثائر
  حتى القبر ........... محروم على الفلسطيني بلبنان!!! نسمه عطرة 4 1,640 06-28-2010, 08:17 AM
آخر رد: بسام الخوري

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS