يا ريموتا (f)

أهلين جاره

اليوم، يا سندي، كان "فؤاد السنيوره" – رئيس الحكومة اللبنانية – يبكي أمام "الأشقاء العرب" وهو يتحدث عن "عروبة لبنان".
كان صوت "السنيورة" يتهدج ، ولا بد أن مأساة لبنان الحالية وحالته الكارثية تتصور له وهو يتحدث أمام "بني يعرب".

لا شيء يدعو للفرح يا "جاره"، فالثمن الذي يدفعه "لبنان" لهذه "الكاتيوشا" ثمناً باهظاً جداً. والرعب الذي زرعته الكاتيوشا يتيح "لإسرائيل" أن تستثمره كي تدك لبنان وتقلبه رأساً على عقب ... وهذا ما يحدث – للأسف – أمام سمع العالم وبصره.

لقد عشت هذه الحرب القذرة في أسبوعها الأول في فلسطين، ورأيت بأم عيني حالة الرعب المستشرية، ولكني رأيت أيضاً بأن دمار صواريخ "حزب الله" محدود إلى أبعد الحدود. فعدد القتلى لم يتعد العشرات حتى اليوم وعدد الجرحى لم يعادل الذين يجرحون يومياً على الطرقات في فلسطين.

الكاتيوشا ليست صواريخاً دقيقة، ولكنها سلاح يغلب عليه العشوائية، لذلك نرى ألف صاروخ من هذه الصواريخ تسقط في مساحات مفتوحة أو في عرض البحر، فلا تحدث أي أثر. ولكن ماذا مع الطائرات الاسرائيلية؟
قبل يومين قرأت بضعة أحصائيات في صحيفة "هآرتس" تقول بأن ما ألقته اسرائيل على لبنان حتى اليوم من قنابل ومتفجرات يعادل ما تلقاه العراق على أيدي قوات الحلفاء قبل سنوات ثلاث. وللقاريء بعد ذلك أن يتخيل حجم الدمار الذي تزرعه هذه الطائرات، ناهيك عن الدبابات والصواريخ.

اليوم، تم قصف "جسر القاسمية" على "نهر الليطاني"، وهو آخر الجسور التي بقيت سالمة حتى الآن. مع سقوط "جسر القاسمية" تنعزل المساحة الممتدة من صور حتى حدود فلسطين حتى عن المساعدات الانسانية. المواطن اللبناني اليوم محاصر بالبحر والنهر وإسرائيل من جميع الجهات، وليس له إلا الله.

هذه الحرب لا معنى لها أما ثمنها فباهظ جداً. حرب عبثية تشترك بها دولة مجرمة تدعمها قوة عظمى متطرفة وعصابة مقامرة لم تحسن قراءة شروط اللعبة وإمكانيات الخصم وقدرته على تحقيقها.

راهن "نصرالله" على "لعبة اسرائيلية قديمة" كانت تمارسها حكومات "اسرائيل السابقة" معه في الجنوب اللبناني. ولكنه فوجيء بأن "حكومة أولمرت وبيرتس" لا تريد اللعب بعد ولكنها تريد قلب الطاولة على رؤوس اللاعبين.
مسكين "نصرالله" فهو رجل محترم ووطني شريف قيدته المساعدات الإيرانية السورية، وجرفه التيار الإجرامي لحكومات تل أبيب وواشنطن، فلم يستطع أن يتأقلم مع الوضع الحالي كي يسحب بلده معه إلى الهاوية، وتقضي إسرائيل خلال ثلاثة أسابيع على منجزاته ومنجزات "الموسوي وفضل الله" منذ عقدين وأكثر. "فسيد المقاومة" يرى اليوم طائرات اسرائيل تدمر بلده، ودبابات اسرائيل وجنود اسرائيل يعودون إلى لبنان بالآلاف.

لجميع هذا، لن أفرح معك يا "جاره" على الكاتيوشا المتساقطة على الجليل، فلا أعتقد بأن من يحب "البندوره" سوف يفرح عندما يعود إلى البيت ومعه كيلوغرام واحد دفع ثمنه عشرة آلاف دولار. فأنا لو فرحت، فإنني سوف أشعر بشعور الغربان على جثة ميت ... ميت كان اسمه "لبنان".

البقية بحياتك يا "جاره" (f)

واسلموا لي
العلماني