لو كان الموقف يا "شيخنا رحمة" لا يحتمل إلا أن تختار بين "حزب الله" و"إسرائيل"، فأنا مع "حزب الله" دون شك. ولكنه ليس كذلك!!! فالموقف يحتمل أيضاً أن تكون مع "لبنان"، البلد الحاضر الغائب الذي يعاني أهله مرارة القتل والتهجير والتدمير، ولا حل له في الموقف الحالي إلا الإصرار على الانتماء له وبسط راية جيشه فوق "العشره وأربعميه وتنين وخمسين".

أنا لا أقف على "التل" كي أتفرج على المعركة الدائرة بين "اسرائيل وحزب الله"، ولكني مع "حكومة لبنان الشرعية" وضرورة استعادتها لكامل سيادتها وكافة سلطاتها "من العبده للناقوره".

موقفي*، إذا ما كان لي أن أتخذ موقفاً، هو المطالبة بوقف اطلاق النار وانسحاب الجيش الصهيوني المجرم وإرسال ألوية الجيش اللبناني كي تتمركز على كافة الأرض اللبنانية، ثم مطالبة "حزب الله" بتسليم سلاحه. هذا الموقف لم يأت من خلال معاداة "للحركات الاسلاموية"، فمشروع "حزب الله" الاسلامي لا يزعجني كثيراً، لأنني أعرف له وطنية صادقة بعيدة عن الهوس الديني والتعصب الأعمى والتطرف الحاقد.

موقفي ينبع من حرصي على "لبنان"، لأنني ببساطة أحب هذا البلد وجذور نصف عائلتي راسخة فيه. هذا الحرص يجعلني أرى بأن هذه الحرب "عبثية محضة وقاتلة مجرمة"، والاستماتة فيها هو ضرب من "القاء النفس إلى التهلكة" وتدمير ما تبقى بعد من "لبنان" دون أدنى طائل.

قد تكون "المقاومة" حررت الجنوب سنة 2000، ولكن ظروف اللعبة تغيرت والمعطيات اختلفت، والحرب الدائرة اليوم لا تشبه "مناورات توم وجيري" التي كانت سائدة ما قبل "التحرير".
الاصرار على "المقاومة" بوجهها الكلاسيكي الذي يختصر نفسه بالاصطفاف خلف "حزب الله" وأسلحته الموجهة لصدور الصهاينة لا تنفع اليوم، لأن معنى ذلك ترك الصهاينة يدكون لبنان أكثر وأكثر في ظل ظروف دولية تتيح لهم التحرك بحرية. لهذا، فالحل الوحيد اليوم هو أن ينام "حزب الله" تحت عباءة "الحكومة اللبنانية وحقها بالسيادة على بلدها"، وهو أمر متاح، بل ولعل قرار الحكومة اللبنانية بنشر جنودها في الجنوب بموافقة وزراء حزب الله قبل يومين يأتي في هذا المضمار.

واسلم لي
العلماني





* (موقفي لن يغير بطبيعة الأمر شيئاً على الأرض، فلست إلا مجرد كاتب باسم مستعار في منتدى افتراضي)