[SIZE=4]
لم يربح أحد في هذه الحرب التي افتقدت المنطق و الإستراتيجية و سادها الإرتجال منذ البداية ..

الأخوة الأعزاء (f)

لا منتصـــــــــــر .
عندما طرحت هذا الشريط منذ فترة طويلة قفز إلى ذهني مباشرة هذا العنوان ( حرب بلا منتصر ) ليس لأني أتنبأ بالغيب و لكني فقط أقرأ الواقع ، هذا تماما ما حدث لاحقا فرغم إدعاء كل طرف بانه انتصر على الطرف الاخر، لم يربح أحد في هذه الحرب التي افتقدت المنطق و الإستراتيجية و سادها الإرتجال منذ البداية . على الجانب اللبناني نشاهد حسن نصرالله و حزبه يعلنون إنتصارهم المدوي بينما لا يوجد عاقل يصدق أن مايراه نصرا و إلا كيف تكون المصائب ؟ ، بل حتى أرى أن طرح القضية لتكون نصرا و هزيمة هو تسطيح معيب للمأساة التي حدثت في لبنان ، ما حدث في لبنان مأساة كبرى و لن يغيرها أن نسميها نصرا او نكسة او صمودا، إن احتفال حزب الله و بشار الأسد بالنصر يذكرنا بنكسة 1967 عندما قام أحد أعضاء مجلس الشعب المصري بالرقص عشرة بلدي فرحا ببقاء عبد الناصر غير عابئ بجثث عشرات الألوف من الشهداء تتحلل تحت شمس سيناء ، في نفس الوقت كان أعضاء الكنيست يقفون حدادا على عشرات القتلى الذين فقدتهم إسرائيل ، اليوم يواجه رئيس وزراء اسرائيل ايهود اولمرت محاسبة قاسية بسبب ما يراه المعارضون من ضعف و تردد في قيادته للأزمة ،و لكننا بالتأكيد لن نر محاسبة مماثلة على الجبهة اللبنانية فرئيس الحكومة أعلن من البداية أنه آخر من يعلم ، أما الامين العام لحزب الله فقد أعلن انتصاره من البداية أيضا ، أقصى ما سيحدث في الساحة اللبنانية بعض التسويات السياسية التقليدية ، وفي النهاية سيكافئ الجميع حسن نصرالله لأنه الأكثر قوة و خطورة ، و السياسي اللبناني أبرع كثيرا من ألا يردعه رأس جبران تويني الطائر . علينا ألا ننسى أنهم في العالم العربي يعشقون الهزائم و يرفعون المهزومين على الأعناق و يفدونهم بالروح و الدم ، فعلوا هذا مع عبد الناصر و صدام حسين و سيفعلون مرة أخرى مع حسن نصرالله ، في العالم العربي لم يعد مهما ما تفعله و لكن ما تملكه من الأجهزة الدعائية لتسويق الكوارث كانتصارات أو على الأقل كأفضل المتاح أو التمحك بالقضاء و القدر . إن آخر ما سيفعله السيد نصر الله هو أن يترك منصبه طالما ظل يحظى برضاء و مباركة مرشده الأعلى السيد خامنئي .
الخاسرون .
1- الخاسر الأكبر هو الشعب اللبناني : حوالي 1500 قتيل و ربما عشرة أمثالهم من الجرحى و المصابين ، تهجير ثلاثة أرباع مليون مواطن ، تدمير البنية الاساسية و المباني لأحياء بأكملها ،وكل هذا سيحتاج الى مليارات الدولارات وسنوات كاملة لإعادة الاعمار مرة أخرى،.
2- الحكومة اللبنانية : أصبح واضحا للجميع هشاشة النظام اللبناني و ضعفه أمام القوى المحلية (تمرد حزب الله) ،و أن لبنان في حاجة فعلية للوصاية المباشرة من قوة محلية أو دولية أو بالتوافق بينهما و إلا عاد لبنان إلى الخضوع للإبتزاز السوري و الإيراني خلال وكلائهما المحليين مثل حزب الله ،و لعل أفضل المتاح الآن هو دور سعودي نشط في لبنان .
3- حزب الله : رغم البسالة التي أبداها المقاتل الشيعي اللبناني و النجاح الدعائي و الإعلامي المؤقت ، خسر الحزب أهم ورقة لديه وهي ورقة الحدود بعد الاتفاق على نشر الجيش اللبناني والقوة الدولية على الحدود مع اسرائيل ، و لن يطول الوقت الذي سيثور فيه من جديد انتهاك الحزب لسيادة الدولة و انتمائه الإيراني و علاقاته السورية و مسؤوليته في جلب الدمار الى لبنان.
4- إسرائيل : رغم نجاحها في ابعاد ميليشيات حزب الله عن حدودها ، لم تنجح إسرائيل في نزع سلاح حزب الله بالقوة ولو مرحليا ،كما خسرت إسرائيل أهم معاركها وهي معركة الرأي العام بسب الدمار الإجرامي البشع الغير مبرر و الذي أحدثته في لبنان الجار الصغير المغلوب على أمره، خاصة في ضوء اعتراف إسرائيل نفسها أن لبنان الدولة غير مسؤول عن تصرفات حزب الله ، كما أظهرت القيادة العسكرية الإسرائيلية تخبطا و ارتباكا ،و كان واضحا أنها فضلت في البداية ردا محدودا و ان أمريكا هي التي دفعتها لتوسيع مرتجل للعمليات الحربية .
5- سوريا : مَنحت هذه الحرب النظام في سوريا فرصة نادرة عندما بدأ الحديث عن دور سوريا الإقليمي و ترويض «حزب الله»، ولكن بشار الأسد تيبس تماما داخل الجراج الإيراني ، لقد كان حافظ الأسد لاعبا هاما لا يمكن تجاوزه في لعبة الأمم ،و لكن بشار يحتفظ بالأوراق في يده حتى يتجاوزه الدور و تصبح أوراقه عديمة القيمة ،فيغطى فشله السياسي بخطب من محفوظات طلبة المدارس في الستينات ، و النتيجة التوبيخ غير المسبوق الذي وجهه شيراك لسوريا ، وها هو ملف الحريري يطل مرة أخرى.
6- إيران : ظهر أن إيران ليست قوية كما تدعي ،و أنها لن تتورط في حرب من أجل العرب حتى من حلفائها ، أرادت إيران أن تكون اللاعب الأساسي في لبنان فأهملها الغرب متعمدا فلن يعطوها هذا الدور دون أن تتخلى عن مشروعها النووي في مساومة سياسية كبرى ، حاولت إيران توجيه الإهنمام بعيداً عن السلاح النووي دون جدوى ، ويتجه مجلس الأمن إلى مسودّة قرار ثان بخصوص طهران وملفها النووي. زادت أيضا مخاوف دول الجوار من النفوذ الإيراني و مغامرات طهران . فاليوم هناك توترات كبيرة بين مصر و السعودية من جانب وإيران، ويقترب هذا الأمر إلى حافة المواجهة.
7- الشيعة العرب : بشكل مبدئي أرى أن هناك إنهيار واضح لحق بالسمعة السياسية للشيعة العرب ، فقد أكدت تلك المغامرة أن ولاء الشيعة هو للمذهب و ليس للوطن ، و أن إيران تمثل قيادة روحية و أيضا سياسية لأغلبيتهم على الأقل ، و لعل الشيعة في العراق الذين يحاولون تأسيس اول دولة عربية يحكمها الشيعة هم أول المتضررين ، فمواقف حسن نصرالله المنفلتة تؤكد المخاوف التي يبديها السنة العراقيين من أن الشيعة مجرد تابعين لإيران و أنهم سيسلمون بلادهم لقمة سائغة للإيرانيين ، هذا يبعث المخاوف أن يتحول الشيعة إلى جاليات أجنبية في دولهم ،و أن تصبح مناطقهم بمثابة جيتوهات منعزلة ،و أن يصبح من غير المنطقي أن يطالبوا بحقوق المواطنة التي ينكرونها .. هذه أحد الثمار الأولية لمغامرة حسن نصر الله.
8- الفلسطينيون : نجح أولمرت بهذه الحرب أن يتهرب من «خريطة الطريق»، ومن التزامات إسرائيل الدولية تجاه القضية الفلسطينية، و قد استغل الإسرائيليون انحسار الضوء عن القضية الفلسطينية كي يمضوا بعيدا في ضرب السلطة الفلسطينية و حكومة حماس و تنظيمات المقاومة ، ومن الغريب أن يساعد العرب اولمرت عندما يعلن عمرو موسى بأن عملية السلام قد ماتت، مقدما الغطاء السياسي والإعلامي لتهرب أولمرت من أي التزام بـ «خريطة الطريق»، لأن العرب أنفسهم هم الذين أعلنوا موت العملية السلمية دون أن يطوروا أي بديل آخر .
الرابحون :
لايوجد رابحون بشكل حاسم و لكن هناك من أحرز بعض النقاط المحدودة .
1- الولايات المتحدة : زادت شعبية الرئيس الأميركي مرة أخرى بعد أن وصلت شعبيته إلى أدنى شعبية للرؤساء الأميركيين ، لكن بعد حرب إسرائيل على «حزب الله»، ودور الإدارة الأميركية كلاعب رئيسي من خلال كونداليزا رايس وجون بولتون ودافيد وولش ، و أيضا بعد كشف مؤامرة الإرهاب الأخيرة التي خططت القاعدة فيها لتفجير عشر طائرات أميركية فوق المحيط أو في ست مدن أميركية. كل هذا عزّز موقف بوش ،و لكن هذه المكاسب سوف يخسرها بوش سريعا لو لم يحدث تقدم جقيقي في العراق .
2- السعودية : بدأت السعودية ولو على حياء لعب دورا سياسيا قائدا يعبر عن قوتها الإقتصادية ، هذا الدور يبدوا غريبا في ضوء السياسة المتحفظة للغاية التي جعلت من السعودية عملاقا اقتصاديا و لكنها مراهق سياسي ، خلال هذه الحرب برزت السعودية كقائد مقبول عالميا للمحور العربي المعتدل و الذي يتصدى للمشروع الإيراني في المنطقة .

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	العمل المسلح .. الأهداف والجدوي .. منتصر الزيات	skeptic	1	751	02-25-2007, 11:43 AM آخر رد: skeptic