جزى الله أخي الصفي فقد أحسنت الجواب ..وكذلك أخي الزعيم ..

وأعلق : أن مايسميه العلماء والفلاسفة المتقدمين : ( الحس ) هو المشكلة التي تقف أمام كل من ينكر وجود الله ...

هو يريد أن ( يحس ) به , أن يراه أو يشمه أو يلمسه أو حتى يسمعه ... أن يحس به بأي من حواسه الخمس ..

المؤمن أيضا يشتاق إلى الله ويريد أن يراه ويسمعه وليس مجرد أن يشعر بوجوده ... ( مع ملاحظة أن مرحلة الشعور بوجود الله لايحصلها الا المؤمن القوي الايمان جدا الذي لايفتر عن الذكر بلسانه وقلبه ) ... فيريد أن يرتقي من ( الفكر ) الى ( البصر ) كما يقول المتصوفة ...

ولكن هو يعلم أنه هنا في دار امتحان ومجاهدة نفس , وليس كل ماتطلبه نفسه يلبيه لها ..

وقد أخبر القرآن عن هذا الكلام من خلال قصة موسى عليه السلام لمن تأملها ..

فقوم موسى من اليهود الماديين قالوا له بعدما شاهدوا انفلاق البحر الاحمر ثم انطباقه على فرعون وجنوده وهلاكه أمام أعينهم ( وهي علامة واضحة وبينة جدا على قدرة الله فضلا عن وجوده فقط ) فقالوا لموسى عليه السلام :

لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون .

مع أن موسى عليه السلام قد طلب نفس الطلب ولم يؤاخذه الله مثلهم حين قال : رب أرني أنظر إليك . قال لن تراني ولكن انظر الى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني .

قال الله له إنك لاتقوى على رؤيتي هنا في دار الدنيا الا إذا كنت أقوى من هذا الجبل , انظر اليه الان فسوف أتجلى له . فلما تجلى له أخذت موسى عليه السلام اغماءة وغشي عليه من هول مارأى .. فلما أفاق عرف أنه قد تعدى طوره وطلب مالايجب وقال :

سبحانك تبت اليك وأنا أول المؤمنين . قال ياموسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي . فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين .

والفارق بين طلب المؤمن رؤية ربه ( المتمثل في موسى عليه السلام ) وبين طلب الكافر المعاند ( المتمثل في قومه من اليهود ) :

أن طلب المؤمن عن اشتياق لمعاينة من خلقه وأنعم عليه بنعمة الوجود واستمرار الحياة . وأمنية لرؤية من يعامله بالغيب .

وأن طلب الكافر عن جحود نعمة وليس عن اشتياق للمنعم . إنه سؤال انكار لوجوده , باعث السؤال هو عدم الاتيان بالعبادة المفترضة التي حق الله , ومن ثم يشعر أنه قد أتى بجرم عظيم في قرارة نفسه وفي أعماق قلبه , فيريد أن يستريح من هذا بانكار مصدر هذا القلق بالكلية .

ومن هنا :

لاينتج عن طلب المؤمن الا مزيدا من الايمان بالله وبالخضوع له والمحبة والشوق له ..

وأما الكافر فيزيده سؤاله كفرا واستكبارا وجحودا ..