بما انك من المعجبين بالقلاب فهذه هديه خصوصي

خفايا خطاب الصوت المرتفع!


جانب لم ينتبه إليه بعض الذين قرأوا خطاب الرئيس بشار الأسد الأخير وسمعوه مثنى وثلاث ورباع وهو استجداء الإلتفات الى جبهة الجولان المحتل ومحاولة استدراج الحل الذي وضعته ما سـميت وديعة رابين فوق غصن شجرة مرتفع وبقي هناك منذ ان أغتيل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق وتوفي الرئيس السوري السابق حافظ الأسد.

هناك في عالم تجارة الأغنام و «الحلال» طريقة اسمها «ربط راس» إذ يلجأ السماسرة الشطار الى نصب شرك لأي غشيم قادم الى السوق بعرض سعر عليه لم يكن يتوقعه لشاته أو بقرته ثم بعد ذلك ينفض عنه هؤلاء السماسرة ويتركوه مصرا على أكثر من السعر الذي عرضوه عليه ثم يعودون إليه في نهاية النهار وقد تحطمت أعصابه فيعرضون عليه نصف ما كانوا عرضوه فيضطر تحت ضغط الوقت والحاجة الى البيع بأي سعر يعرض عليه.

إن هذا تماما هو الذي حصل مع سورية فقد وضعت وديعة رابين في إذنها وشوشة ثم تركها السماسرة الأميركيون نهبا لانتظار يفتت الأعصاب فرحل رابين ثم رحل الأسد «الكبير» وبقي الانتظار انتظارا بينما بقيت القيادة السورية تبحث عن أوراق إقليمية في العراق وفي لبنان وفلسطين لتنعش هذه الوديعة من إغماءتها الطويلة ولكن بدون فائدة!!.

وهكذا فقد شعر الرئيس بشار الأسد بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 1701 أنه سيخسر الورقة اللبنانية بعد ان خسر الورقة العراقية وقبل ذلك الفلسطينية وأنه «سيبقى يدعو لأندلس وحلب محاصرة».. فلجأ الى تضمين خطاب الصوت المرتفع عرضا بالإستعداد للتخلي عن المقاومة في لبنان وليس في الجولان، لأن الجولان لم يعرف المقاومة، وذلك بركوب موجة ما سمي «إنتصار»!! حزب الله ومصادرة هذا الإنتصار حتى من الذين صنعوه مقابل وديعة رابين التي ذهبت بذهابه والتي تنام الآن معه في قبره الدارس.

حتى عندما اعتبر الرئيس الأسد ان «انتصار»!! حزب الله هو انتصار على قوى الرابع عشر من آذار «مارس» اللبنانية وتوعد بإسقاط هذه القوى اللبنانية فإنه قصد توجيه رسالة الى أصحاب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وفي مقدمتهم الأميركيون، بأن لبنان سيعاد الى الحرب الأهلية وان الحرب ستنقل من الجنوب الى بيروت إن لم تصل الحلول الحالية والمتوقعة الى هضبة الجولان إن على أساس وديعة رابين وإن على أساس نصفها.

والسؤال هنا هو :.. هل ان الرئيس الأسد يا ترى على استعداد لفك تحالف سورية مع إيران إن استقبلت الولايات المتحدة الأميركية أولا وإسرائيل ثانيا عرضه هذا الآنف الذكر الذي ضمنه خطاب الصوت المرتفع بالإيجاب وبالأريحية؟!.

إن ما يلفت النظر ان وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيريتس كان قد تحدث عن ضرورة خلق ظروف ملائمة لاستئناف عملية السلام مع سورية بينما كان القتال على جبهة الجنوب اللبناني مايزال على أشده وهذا يعني أنه كانت هناك أشياء تجري تحت الطاولة بينما كانت الحرب في ذروتها وأن هناك صحة لكل ما قيل عن ان دخان هذه الحرب كان يغطي مساومات كانت تجري في الخفاء.

وحسب ما كشف النقاب عنه فإن هذه المساومات، التي كانت تجري بسرية والشعب اللبناني يذبح من الوريد الى الوريد، تركزت على أربع نقاط هي :

* فك العزلة المفروضة على سورية دوليا.

* طي صفحة لجنة التحقيق الدولية بالنسبة لجريمة إغتيال الرئيس الحريري.

* توقيع اتفاقية الشراكة الأوروبية ـ السورية المجمدة منذ أكثر من عامين.

* ثم والأهم من هذا كله استئناف عملية السلام على مسار هضبة الجولان المحتلة ومن النقطة التي انتهت إليه.

لقد فشلت هذه المساومات وسبب فشلها أن مجريات الحرب باتت تشير الى أن سورية أخذت تفقد أوراقها في لبنان وأهمها «مزارع شبعا» وما سمي «تلازم المسارين»!!.. ولذلك فقد لجأ الرئيس الأسد في خطابه المرتفع الصوت الى التلويح بورقة المقاومة.. لكن المشكلة ان هذا التلويح يأتي وقد سقطت هذه الورقة على الساحة اللبنانية ولهذا فإن الخيار المتبقي هو البيع بأي سعر.. وحتى وإن كان هذا السعر نصف وديعة رابين أو أقل!.

صالح القلاب