اللـه و كل الآلهة الاخرى التي اخترعها الانسان هي مجرد شخصنة و أنسنة للطبيعة الصماء.

مثلا، كانت بعض القبائل تعتقد أن الرعد هو إله مزمجر، و رأى البعض أن السماء إله تخصب الارض (التي هي إله آخر) بالمطر (الذي هو نطفة السماء) فتحبل الارض و تنتج الزرع. و هكذا تمت شخصنة السماء و الارض و الزرع و المطر.

و كلما ازداد فهم الانسان لأمور الطبيعة، كلما قل عدد الآلهة فكلما فهمنا شيئا، حذفنا الإله الذي كنا قد اخترعناه سابقا لتفسير هذا الشيء.

الحالة الاخرى هي حالة الوظائف الإلهية. اللـه (إله الديانات الثلاث) كانت له وظائف متعددة، و لكن بعد الثورة العلمية في اوروبا، قلت وظائف الإله و اندحرت. فبعدما اكتشف نيوتن القوى الطبيعية و قوانين الطبيعة، لم يعد اللـه ضروريا لتفسير الظواهر الطبيعية، و بعد أن اكتشف داروين تطور الكائنات الحية، لم يعد اللـه ضروريا لخلق الحياة، و بعد أن اكتشف جاليليو الفضاء على حقيقته، لم يعد اللـه جالسا فوق القبة الزرقاء و لم يعد للسماء وجود فوقنا، و اضطر المؤمنون الى ابعاد اللـه الى سماء نظرية "ما وراء المادة" و اصبح اللـه قوة خفية.

الان مسمار جحا الذي يتمسك به الدينيون للبقاء في اللعبة هو مسألة أصل الكون. في الدوائر العلمية الغربية، لم يعد أحد ينسب الامراض و العوامل الطبيعية و الحركة و الذرة لأي إله بعد أن كان اللـه هو المسبِّب و المسيِّر لكل هذه الامور. و لكن هناك قلة قليلة مازالت تنسب أصل الكون للـه. في المستقبل القريب، قد نكتشف أصل الكون، و عندها سيصبح اللـه عاطل عن العمل و يصبح صفر على الشمال.

فكر في الأمر: اللـه لا وجود فعلي له في الواقع و لا في النظرية، و لهذا يتمسك المؤمنون دائما بالحجة "التفسيرية" أي أنهم يحاولون اثبات وجود اللـه كعامل مفسِّر للأمور. فهم يقولون مثلا، "لا يمكن للكون أن يوجد بدون إله خالق، و لا يمكن لكذا أن يحدث بدون إله." يعني لا يوجد عندهم أي دليل مباشر، و انما مجرد تأويلات لأدلة غير مباشرة. و هم في الغالب يستغلون جهل الانسان ببعض الامور، فكلما عجز العلماء عن تفسير ظاهرة معينة، يستغلها المؤمنون لاثبات وجود اللـه بأن ينسبوا هذه الظاهرة للـه (مثل أصل الكون). و لكن ان اكتملت معرفتنا و وجدنا التفسيرات الطبيعية لكل مظاهر الطبيعة، فلن يعود هناك أي شماعة يعلق المؤمنون عليها حجج ايمانهم بشيء عجزوا عن اثباته.