حسان يا عزيزي على رسلك ....

اولا : لم افهم اين وجدتني (اشرعن ! ) الاستبداد على حد تعبيرك ؟ ..

تشخيص الداء لا يعني الرضى به أو الاستسلام له، كل ما قصدته هو مواجهة الداء الحقيقي ( الثقافية العريبة الاستبدادية ) والدعوة الى تغييرها بدلا من التشاغل بمشاكل فرعية هي نتاج للمشكلة لا المشكلة نفسها .. كلامي دعوة الى التركيز على اصلا الداء بدلا من الاكتفاء بدمل البثور .. امساك الجذر بدلا من التشاغل بالفروع .. باختصار : توضيح الاشكالية الحقيقية في واقعنا العربي : الاشكالية الثقافية التي تنتج كل يوم مشروع مستبد سواء أكان في صف المعارضة أو في صف النظام، وهذا التوصيف لا يعني بحال الرضى بالمشكلة او القنوع بالواقع، والا لأصبح كل طبيب يشخص المرض الحقيقي للمريض المتشاغل بعلل وهمية ( شخص سطحي يشرعن المرض !! ) .. لا .. كلامي هو تصويب لما اراه تشتيت في العمل الشعبي العربي في مقاومة الاستبداد، فالاستبداد في الواقع العربي هو ظاهرة ثقافية لا سياسية، ومقاومة الاستبداد برأي تبدأ باصلاح ثقافي واجتماعي قبل الاصلاح السياسي، وبدون ذلك لا توجد ضمانة حقيقية في ان لا يتحول بديل المستبد الى مستبد جديد ..

ثانيا : ان قيم التداولية وقبول الآخر ونبذ هيمنة الصوت الواحد هي قيم واحدة ذات تعريف واحد، ومضمون واحد، وممارسة واحدة، ولا تختلف باختلاف الدائرة التي تُمارس بها، فهي ضمن اطار الدولة ذاتها ضمن حزب معارض، وببساطة : من لم يتعود على قيم التعددية والتداولية وقبول الآخر سيصعب عليه ممارستها عند الوصول الى كرسي الحكم.

ثالثا : لا انكر خلافي الفكري مع تيار الاسلام السياسي، ولكني في ذات الوقت صرحت أكثر من مرة باختلافي مع فكر القمع والاقصاء والغاء الآخر والمناقض للتعددية والتداولية والديمقراطية مهما كان توجهه الفكري، ولو أنك قرأت كلامي في هذا المقال بتعمن جيد لوجدت اني وضحت بمنتهى الوضوح بأن الداء الذي اتحدث عنه هو نتاج الواقع العربي ولم تسلم منه باقي الاحزاب العربية، كما لم استثن منه الاحزاب العلمانية ..

رابعا: حديثك عن ديمقراطية الخمسينات ينطوي على قدر كبير من المبالغة وتنقصه الدقة بشكل كبير، وتوضيح ذلك يحتاج الى شرح لعله يكون موضوع مقال منفصل.

خامسا : أنا لم اطنشك ( رغم أني اطنش من الا اتوسم فيه الجدية في الطرح والمعالجة والنقاش ) ولكنك يا عزيزي طرحت الموضوع في الوقت غير المناسب ، يوم كان الجميع مشغول بالهم اللبناني .. ناهيك ان ما اثرته في تعقيبك هو من باب الجدل في الجزئيات لا الاساسيات ..

أخيرا :

من الطبيعي ان تجد كلامي ( سطحيا ويشرعن الاستبداد ! ) برأيك .. أوربما (زحفطون أو مخابرات !! ) براي آخرون .. صدقني هذا مفهوم تماما، وربما لو أني اكتفيت بلعن الواقع وشتم حكامنا، أو اكتفيت بالبصاق !!! .. أو في احسن الاحوال بنيت قصورا من وهم على طريقة معرضة الخارج التي تمني الشعب بقرب زوال الطاغية دون أن نفهم كيف !! ( ونحن نسمع ذات الخطاب منذ الثمانينات على طريقة فيروز : الغضب الساطع آت !! ) لو اني فعلت كل لهذا ربما أصبحت بنظرك المواطن السوري المرضي عنه والذي يمثل الواقعية في العمل السياسي !!!!!!!!!!!!! ...

لا يا عزيزي .. لقد تعودت دائما أن انظر تحت قدمي .. والا اقفز فوق الواقع .. واجيب دائما على الاسئلة الحاسمة : كيف ؟ ومتى ؟..

لعل الفرق بيني وبينك أني لا اعتبر البصاق نهج عمل ! .. كما لا اعتبر قصور الرمل هي سورية المستقبل ! ..

التغيير يبدأ عندما نتعود كيف نقبل الآخر بعجره وبجره، ونحترم الآخر وافقناه أو اختلفنا معه .. لعلها وصفة (سطحية ) برأيك .. ولكن .. ما اصعبها ..

مع التحية لشخصك الكريم (f) ..

شهاب الدمشقي .