أولا مرحبا لقاء الأضداد(f).. و أشكرك ( ِ ) على تقديم هذا الموضوع الحساس الشائك كأول مشاركة لك ( ِ ) في نادي الفكر (f)

في السبعينات وابان الحكم الماركسي لجنوب اليمن، خرجت مجاميع النساء المدعومة من الحزب الاشتراكي الحاكم في مظاهرات طالبت بحرق النقاب و الحجاب و العباءة. وفعلا احرقناها علنا. وفي التسعينات و بعد سقوط المعسكر الاشتراكي و ائتلاف الحكم في اليمن في دولة واحد سيطرت عليها القوى التقليدية عادت جميع النساء إلى الحجاب و النقاب و بصورة أكثر تزمتاً.

ما الذي حصل؟

حسب قراءات التاريخ، فأن حركات التحرر النسوية تنشط و تقوى في ظل حركات تحرر موازية سواء كانت داخل أم خارج السلطة (الثورة الفرنسية، الثورة البلشفية، حركة التحرر المدني للسود في امريكا و غيرها). كما أن استقرار الدولة المؤساتي و القانوني و الأمني هو عامل آخر مهم لازدهار حركات التغيير و التعبير عن الهوية الفردية دون الخوف من قمع القوى الرجعية كالتيارات المتطرفة أو التقاليد المحمية بنظام القبيلة. العامل الآخر لازدهار المطالبة أو للتعبير عن الهوية الفردية هو وجود حكومات رشيدة: تتمتع بمساحة حرياتية لمختلف الأطياف، ديمقراطية، حرية الصحافة، مشاركة الفئات المتباينة في المجتمع و تنظيمها، الخ...

الآن، في غياب حركات التحرر الداعمة من داخل أو خارج السلطة، وفي غياب سيادة الدولة القانونية و المؤسساتية تبرز قوة الفصائل كالقبائل و المذاهب. هذه الفصائل تفتقد للوحدة الوطنية بينها ككل و تتمركز على كياناتها المنفصلة، الأمر الذي يؤدي إلى الانغلاق على الذات و حفظ الهوية القبلية أو الطائفية، و الاعتزاز بالنسب، و التسلح، و العنف للحفاظ على كيانتها الصغيرة و بالتالي تحريم النساء (اي تقييد حركتهن و تحجيبهن) منعا من العنف الممارس من الآخر لعرض و شرف الفصيلة (الجزائر، اليمن، باكستان، العراق، وغيرها).

أحد التيارات الرئيسية في المنظومة الحقوقية الانسانية هي بسط التعبير عن "الهوية" وتعددها سواء كانت دينية او عرقية أو سياسية أو "فردية" أو غيرها.. وعليه، فيمكنني أن اكون مسلمة (هوية دينية) و عربية (هوية عرقية) و علمانية (هوية سياسية) و بدون حجاب (هوية فردية).. لكن هذا لن يكون في ظل غياب حركات التحرر الشاملة، الامن و الاستقرار للدولة، و الحكم الرشيد.

باختصار ياصديقي/قتي،
الأمر مش هين :23: