{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية
الكندي غير متصل
ليس التلاسن مع الرعاع فكر ولا حرية
*****

المشاركات: 1,739
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #3
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية
نقطتان تحتاجان إلى توضيح قبل الخوض في لحظة معاوية.

الاولى : ان الحساسية من الخوض في هذا الموضوع لا معنى لها ، وهي ناتجة بشكل ما عن تاريخ طويل من السب والتعريض واللعن المتبادل عبر العصور من النزاع المستمر الذي صار بالتدريج جزأً من الدين نفسه . هل يمكن ان نتناسى المسبة والانتقاص ولو قليلاً ونبحث الموضوع بشكل علمي ؟

الثانية : ان الاقرار ببعض حقائق لحظة معاوية وإن محاولة اخفائها و / او التجاوز عنها بسبب ان التيار الاخر المناوئ (الشيعي) سيستفيد من هذه الحقائق او سيروج لها ، الاقرار والاخفاء هما ابعد ما يكون عن مباديء الخطاب القرأني الذي يطالبنا دوماً بالبحث عن الحقيقة بغض النظر عن كونها جارحة . ثم ان هذا الاخفاء يظل بعيداً جداً عن الروح العلمية التي يفترض ان نتحلى بها ، والابتعاد عن الروح العلمية سيجعلنا اقل فهماً لظروف الصراع ونشأة الفرق واكثر تحزباً لفريق معين حتى دونما وعي ونية مسبقة .

ان هاجس الآخر- والجدل معه هو الذي يجرنا دوماً إلى ثنائية الاقرار والاخفاء اوآلية التأويل والتجاوز او تطويب الفترة بأكملها قدساً مقدسأً لا تجوز مراجعتها او البحث فيها .

ان التعامل مع لحظة معاوية بهذه الطريقة يجعلنا نتجاهل تأثيراتها التي لم تختص بالشيعة ونشؤهم كفرقة وُلِدت كرد فعل في ظروف الصراع فحسب ، بل انها امتدت بالتأكيد لتكون جزءً من آليات ونظم التفكير السني، وعندما تكون هذه اللحظة هي لحظة انتصار الطلقاء ووثوبهم نحو السلطة مع قيمهم ومفاهيمهم وفهمهم الخاص للاسلام ، و عندما نستوعب ان هذه اللحظة وهذه التأثيرات تركت اثارها الجاهلية لا على الشيعة فحسب ولكن على السنة ايضاً وربما بشكل اعمق وان كان اقل وضوحاً _ الا يستحق الامر ان نتفحصه بهدوء وعمق وعلمية ؟

فلننس الشيعة فلنفترض انهم في مرحلة من مراحل الصراع انقرضوا واختفوا تماما .ً ألن يكون وقتها موقفنا من لحظة معاوية مختلفاً ؟ اكثر حيادأً ونزاهة دونما خوف ان يستغل موقفنا لصالح هذه الفرقة او تلك ؟

فلننس هاجس الاخر المسيطر علينا . لعل ذلك يكون بداية لفهم نشوء الانا ونشوء الاخر . وكل العلاجات تبدء بالتشخيص .

* * *

يروج الكثير من الباحثين المعاصرين (الجابري ، عمارة – على سبيل المثال لا الحصر) مقولة مفادها ان اول من ظهر بالجبر معاوية ويعزون ذلك إلى القاضي المعتزلي عبد الجبار.

في الحقيقة ان هذا القول يحتاج إلى توثيق وتوضيح . فليس من السهل على معاوية ان (يظهر) القول بالجبر لكن الامر لا يشترط احياناً اظهار القول به خاصة بالنسبة لمفهوم جاهلي كان شديد الرسوخ والعراقة دون ان يحتاج إلى تنظير وفلسفة ، ان الجبر في نهاية المطاف هو فعل ممارسة لا مجرد قول او اعلان.

ويختلف الجبر الجاهلي عن الجبر الذي انتشر فيما بعد بنقطة اساسية .

• ان الجبر الجاهلي لم يكن جزءأً من عقيدة دينية بشكل مباشر- لقد كان استسلاماً لظروف البيئة ولنمط الحياة العربية وللكيان القبلي العشائري الذي يجبر الفرد على الأنضمام لهذا الكيان و الذوبان التام فيه ، اما الجبر الذي ساد فيما بعد فقد كان مرتبطاً بعقيدة دينية و مبرراً بنصوص دينية معينة او على الاقل بتأويل لها .

وقبل القفز إلى استنتاجات متسرعة دونما توثيق معتمد ، فلنتامل في لحظة معاوية ، فلنبحث فيها معتمدين على وثائق صحيحة بقدر ما يمكن .

* * *

فلنتأمل نصاً وثائقياً مهما ونادراً شديد الندرة وفي الوقت نفسه يمتلك هذا النص اعلى درجات الاصالة التاريخية بحكم وروده في صحيح البخاري

(عن ابن عمر قال : دخلت على حفصة ونسواتها تنطف قلت قد كان من امر الناس ما ترين فلم يُجعل لي من الامر شيء . فقالت: الحق. فانهم ينتظرونك واخشى ان يكون في احتباسك عنهم فرقة فلم تدعه حتى ذهب فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: من كان يريد ان يتكلم في هذا الامر فليطلع لنا قرنه فنحن احق به منه ومن ابيه . قال حبيب بن مسلمة لابن عمر: فهّلا اجبته؟ قال عبد الله: فحللت حبوتي وهممت ان اقول : احق بهذا الامر منك من قاتلك واباك على الاسلام. فخشيت ان اقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدم ويحمل عني غير ذلك فذكرت ما اعد الله في الجنان. قال حبيب : حفظت وعصمت ) انتهى البخاري 3882/ج4/ص1508 باب المغازي غزوة الخندق . والنص يكاد يكون مذهلاً من عدة جوانب لا لأنه في صحيح البخاري فحسب بل لأنه ينقل انفعالات نفسية صادقة عن شخص مثل عبد الله بن عمر وهو صحابي لا يمكن ابداً ان يحسب على تيار مناوئ لمعاوية كما انه في ذات الوقت لا يمكن ان يحتسب على معاوية بل ان موقفه كان مثل موقف سعد بن ابي وقاص وغيرهما اقرب إلى (الاحتباس عن الفتنة ) أي بمعنى ما الحياد والذي فسر عملياً لصالح معاوية ضد علي . فقد كان يذكر دائماً وحتى اليوم ان فلاناً وفلاناً من أفاضل الصحابة (بالذات ابن عمر وسعد واسامة بن زيد ) لم يؤيدوا علياً بغض النظر عن عدم تأييدهم لمعاوية هو الاخر لكن هذه المسألة كانت توحي دائماً بوجود (خطأ ما) في موقف علي حدا بهم الى اخذ هذا الحياد.

على العموم هذا النص يعطينا انطباعات اخرى عن رجل قلما تكلم وقلما عبر عن مشاعره . فقد عرف عن ابن عمر حرفيته الشديدة في نقل الاحاديث وعرف عنه تشدده الفقهي بشكل عام وتمسكه بتفاصيل صغيرة قد لا يعرفها حتى هو شخصيأً ، من ذلك تلك القصة المعروفة عن وقوفه في مكان معين ونزوله من الفرس ثم صعوده ثانية لمجرد انه رأى الرسول عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك .

المهم اننا نرى بان الرجل قد كاد ان يتكلم ثم لم يفعل لكنه تكلم فيما بعد على أي حال ونقل لنا القصة.

وهذه القصة ولا بد منزوعة من سياق احداث تاريخية معينة لكننا للاسف لا نعرفها تحديداً هل حصلت القصة بعد التحكيم في صفين واثناء فترة المفاوضات بين علي و معاوية كما يوحي بذلك ابن حجر في (فتح الباري) ؟ ام انها حصلت بعد ذلك بفترة طويلة عندما اراد معاوية اخذ البيعة لأبنه يزيد كما يشير غيره ؟ في الحقيقة ان الفرضية الاولى لا تبدو منطقية هل كان من الممكن لمعاوية ان يتحدث بهذا الاسلوب الفض وهو اللين الهين صاحب الشعرة المشهورة والامر لم يستتب له بعد ؟ يبدو ذلك بعيداً والاقرب إلى المنطق ان تكون الحادثة كلها قد وقعت فيما بعد- عندما اراد البيعة ليزيد .

في النص عموماً مشاكل اخرى فما معنى ان يقال (فلما تفرق الناس خطب معاوية) لماذا خطب معاوية بعد ان تفرق الناس ؟ وهل كانوا مجتمعين على احد قبله ؟ ام انهم تفرقوا عندما رأوه ؟ عندما صعد إلى المنبر مثلاً ؟

وما معنى ان تقول حفصة لأخيها انهم ينتظرونك ؟ هل كانوا يتشاورون في مسألة محددة وكان ابن عمر يرفض الذهاب فقالت له ذلك ؟ فلنلاحظ هنا ان النص يشير إلى ان الاحتباس فرقة . أي ان المسألة تبدو كما لو كانت قد حددت وعدم ذهاب ابن عمر سيفسر بشكل مخالف . فلنتذكر هنا أن اسم ابن عمر كخليفة مرشح قد طرح فعلاً في مفاوضات التحكيم من قبل ابن عباس ومن دون علم ابن عمر ورضاه ، ولنتذكر اكثر ان معاوية كان يريد البيعة ليزيد من اربعة تحديداً واحد منهم ابن عمر .

كل هذه المشاكل في النص لا تهم . لقد وصل الينا بأعجوبة وانفرد به البخاري وحده وسواء كنا في عهد المفاوضات وقبيل اغتيال علي ام كنا في عهد اخذ البيعة ليزيد فنحن في لحظة معاوية فلنتأمل فيها .

ان معاوية وهو يطرح ولده (او نفسه) للخلافة يتحدث عن حق (من كان يريد ان يتكلم في هذا الامر فليطلع لنا قرنه _ أي رأسه _ فلنحن احق به منه ومن ابيه)

احق به منه ومن ابيه ؟ لعله يعرض بأحد كما يشير لذلك ابن حجر ؟ باولاد عمر واولاد علي ؟ ولذلك قال حبيب لأبن عمرعندما كان يروي له الرواية : فهلا اجبته ؟ وكاد عبد الله ان يجيب الا قليلاً، فحللت حبوتي وهممت ان اقول : احق بهذا الامر منك من قاتلك واباك على الاسلام .. وابن عمر ايضاً هنا يتحدث عن حق ولكنه حق واضح بخلاف حق معاوية الغامض غير واضح الهوية والمعالم .

الحق الذي يتحدث عنه ابن عمر ولم ينسبه لنفسه هو حق السبق إلى الاسلام والجهاد فيه ، بل هو حق الاسلام نفسه بمواجهة الكفر .

اما حق معاوية الذي يعده اعلى من حق الموجودين من الصحابة واولادهم فلا نزال لا نعرف عنه شيئاً . هل كان يتحدث مثلاً عن الحق بالنسب الاموي ؟

يبدو ذلك بعيداً فاذا كانت المسألة مسألة نسب فأن الامر كله وصل عن طريق بني هاشم- خصوم بني امية التقليديين ومن المستبعد جداً ان يتحول من بني هاشم إلى اولاد عمهم الامويين خاصة وان بني هاشم لهم مكانتهم وسبقهم وجهادهم في الاسلام . ما كان معاوية ليتورط في الادعاء بحق النسب الاموي العريق وهو يعرف انه سيكون ضده فالنسب الهاشمي سيكون اولى بالامر بداهة وهو بالتاكيد لا يريد فتح هذا الباب الذي ستأتي منه مشاكل كثيرة. ثم ان بني امية رغم كونهم من البطون القريشية المهمة والثرية والاعضاء الدائميين في الملأ المكي المستكبر ، لم تكن لهم الزعامة والريادة في مكة بل كان حالهم حال البطون المهمة الاخرى التي تسير شؤون التجارة والقوافل عبر الاجتماع في دار الندوة بل ان ابا سفيان بالذات لم يصل إلى سدة زعامة قريش الا بعد ان قُتل كل رجالات قريش المهمين في غزوتي بدر وأُحد ولعل موضوع رئاسة ابي سفيان للاحزاب وتزعمه لهم في غزوة الخندق لم تكن لا في بال معاوية حين صرح بحقه ولا في بال ابن عمر حين اراد أن يجيبه . لكنها بالتأكيد كانت في بال البخاري الذي وضع هذا النص في باب المغازي ، غزوة الخندق تحديداً .

فلنسجل هنا ان معاوية يدعى لنفسه حقاً لا نعرفه ، حقاً مهماً يجعله ( او يجعلهم بالجمع كما توحي صيغة كلامه) احق من كل الموجودين من الصحابة ومن اباتهم ايضاً بالمطلق . ولنسجل ايضاً وبقوة ان ابن عمر لم يسكت ايمانا منه بحق معاوية بل خوفاً من سفك الدماء فحسب ، الامر الذي يعطينا صورة موجزة عن الكيفية التي كانت تجرى بها الامور على عهد معاوية : بطش واستبداد وسفك دماء.

ولنسجل ايضاً قول حبيب بن مسلمة لابن عمر : حفظت وعصمت . لقد كان حبيب من اصحاب معاوية وعماله . هل يحتاج الامر إلى تفكير كثير لنعرف ان التيار المؤيد لمعاوية كان جد مغتبط لموقف ابن عمر المسالم ، ما ضّر معاوية وصحبه ان يكون ابن عمر قد حل حبوته وهمّ بأن يقول كذا وكذا ، اذا كان لم يقل شيئاً في نهاية الامر ؟ وما ضره اذا كان قد نقل الخبر فيما بعد وربما بعد استتباب الامر لمعاوية ولولده بفترة طويلة ؟ ولمن ؟ لواحد من اصحابه .

فلنسجل كل ذلك ولننظر في الوثائق الاخرى لعلنا نصل لسر الحق الغامض الذي لا نعرفه ، لا نحن ولا ابن عمر .

من كتاب البوصلة القرآنية للدكتور أحمد خيري العمري دار الفكر دمشق

يتبع الحلقة الثالثة ..
08-31-2006, 03:32 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة الحر - 08-30-2006, 08:46 PM,
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة الكندي - 08-31-2006, 03:32 AM
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة آمون - 08-31-2006, 09:45 AM,
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة خالد - 08-31-2006, 07:20 PM,
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة ريفي - 08-31-2006, 07:37 PM,
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة الحر - 09-01-2006, 04:48 PM,
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة Truth - 09-02-2006, 06:03 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  فقه الثورة وفقه العنف والجريمة ..لحظة داروينية في ربيع العرب بقلم: نارام سرجون فارس اللواء 0 682 09-06-2012, 12:41 PM
آخر رد: فارس اللواء
  فرصة تاريخية للمصريين والعرب ... الأهرام الرقمى نظام الملك 22 5,025 02-24-2012, 04:37 AM
آخر رد: The Holy Man
Video معاوية بن ابي سفيان، صحابي جليل ام زنديق تملك المسلمين؟ (خطبة مثيرة للاهتمام) المفكر شمعون 11 3,856 05-14-2011, 09:40 PM
آخر رد: على نور الله
  جمهورية اليهود ...حقيقة تاريخية والحل بيد الليدي ميشيل نسمه عطرة 1 1,969 01-10-2011, 10:43 PM
آخر رد: أسامة مطر
  نصارىالعرب وقبر أبو أيوب و بزيد ابن معاوية عزيز عزير 12 3,611 09-16-2010, 01:29 PM
آخر رد: المضطهد Le persécuté

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS