{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية
الكندي غير متصل
ليس التلاسن مع الرعاع فكر ولا حرية
*****

المشاركات: 1,739
الانضمام: Jul 2002
مشاركة: #18
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية
( عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال سمعت عبد الله بن عمرو يحدث في ظل الكعبة قال كنا مع رسول الله في سفر فمنا من ينتضل ومنا من هو في مجشرة ومنا من يصلح قباءه. إذ نودي بالصلاة جامعة فاجتمعنا فإذا رسول الله يخطب يقول لم يكن قبلي نبي إلا كان حقا على الله ان يدل امته على ما هو خير وينذرهم ما يعلم انه شر لهم وان هذه الامة جعلت عافيتها في اولها وسيصيب آخرها بلاء فتجئ فتنة المؤمن فيقول هذه مهلكتي ثم تنكشف فمن احب منكم ان يزحزح من النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر وليات إلى الناس الذي يحب ان يؤتى إليه ومن بايع أماماً فاعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع قال قلت هذا ابن عمك معاوية يأمرنا ان ناكل اموالنا بيننا بالباطل ونهرق دماءنا وقال الله يا ايها الذين امنوا لا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل وقال لا تقتلوا انفسكم قال ثم سكت ساعة ثم قال اطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله) صحيح ابن حبان 5961 (قال شعيب الارناؤوط صحيح على شرط مسلم) الامام احمد 6793 .

ربما لم نعد نستغرب من أي شئ نقراه بسبب ما قراناه مقدما.

وفي هذا النص نلاحظ اصطدام توظيفات السلطة للنصوص النبوية مع الايات القرانية التي تشكل الخطوط الأساسية للمقاصد العامة للشريعة .الاصطدام واضح وجلي، نص نبوي مجتزء حتما من سياق اوسع يتحدث عن ضرورة طاعة الامام فيواجه فورا، يدا بيد ووجها لوجه، بنصوص قرانية بالنهي والمنع العام لأمور يامر بها الامام الناس المامورين _حسب التوظيف_ بطاعته. المعضلة واضحة وجلية. والتوفيق بين نص قراني وحديث نبوي مجتزأ حتما من سياق مختلف ، يتطلب عمليات جراحية معقدة لم يخضع لها الفقه الإسلامي إلا في مراحل لاحقة أما في تلك المرحلة المبكرة فقد كان التعارض الواضح محرجا جدا لا للسلطة ودعاتها فحسب ولكن أيضا للشعب، لعموم الناس الذين كانوا يؤمنون بكتاب سماوي يجدون فيه موانع ونواهي منتهكة وفرائض واوامر معطلة بقوة السلطة وجبروتها، كان ذلك التعارض يعبر عن نفسه حتى في حالة اضعف الأيمان في وخزة ضمير تظل تلح على الفرد المؤمن صادق الأيمان الذي سلبوه ارادته وحريته واجبروه على طاعتهم ثم حاولوا اقناعه بعد كل ذلك بانهم انما ينفذون امر الله.

كانت وخزة الضمير المسلم موجعة حقا فكان لا بد ان تحصل أحيانا تلك الاسئلة التي تتسلح بالقران لتواجه توظيف السنة في خدمة السلطة. انه الشمول يواجه التجزئ والمقصد العام يواجه التفاصيل العابرة. كان تعارضا محرجا للطرفين: السلطة والناس وكان السؤال الذي وجهه عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة لعبد الله بن عمرو بن العاص سؤالا صعبا على بداهته، لم يكن عبد الله بن عمرو بن العاص رغم كونه قريبا من معاوية محسوبا عليه بالضبط، لقد كان يكثر من رواية احاديث كان ظاهرها العام يحرج السلطة لكن معاوية كان يتمكن من تأويلها بشكل مضاد فعندما دخل عبد الله بن عمرو بن العاص على ابيه وعلى معاوية باكيا عمار عقب صفين قائلا تقتله الفئة الباغية نهره معاوية بشدة واوّل ان قتله من اخرجه إلى الحرب لا من طعنه بالسيف أو بالرمح أي انه جعل الفئة الباغية هي فئة علي واعوانه ( الامام أحمد 17813 ) وهنا يواجه عبد الله بن عمرو سؤالاً صعباً وبسيطاً في ان واحد ،سؤال لعله تكرر عليه كثيرا همسا خوفا من السلطة أو ربما تكرر في ذهنه بوخزات ضميره، لعله كان يحس بالخنجر في احشائه كلما مر على تلك الايات في القران :الايات المحكمة التي تبين حجم التناقض بين ما هو على الورق وفي الصحف والصدور وبين ما هو متحقق في الواقع..

سكت ساعة عبد الله (و في سنن البيهقي الكبرى 16469 انه وضع جمعه على جبهته ثم نكس ثم رفع راسه ) وقال اطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله.

كلام جميل، وتوفيق مستحيل كان عبد الله بن عمرو بالذات يحاوله وكان يعرف ربما اكثر من غيره صعوبته بل استحالته. كان يعي تماما ان معصية الامام قد تعني الموت وكان يعي تماما ان هناك من سياتي ليتاول هذا الموت بـ( ولا تقتلوا انفسكم ) لتعود الدورة من جديد التناقض بين المقاصد العامة للخطاب القراني والتأويل الموظف لاحاديث نبوية ربما لم تكن قد ارتقت وقتها لدرجة الماثور عن النبي . كان التوفيق صعبا ووخزة الضمير حادة لكن الأمر الواقع فرض نفسه في نهاية الأمر.

******

( عن ابي قبيل قال خطب معاوية في يوم جمعة فقال: انما المال مالنا والفئ فيئنا من شئنا اعطينا ومن شئنا منعنا فلم يرد عليه احد.

فلما كانت الجمعة الثانية قال مثل مقالته فلم يرد عليه احد.

فلما كانت الجمعة الثالثة قال مثل مقالته فقام إليه رجل ممن شهد المسجد فقال: كلا بل المال مالنا والفئ فيئنا من حال بيننا وبينه حاكمناه باسيافنا فلما صلى امر ( معاوية ) بالرجل فادخل عليه فاجلسه معه على السرير ثم إذن للناس فدخلوا عليه ثم قال يا ايها الناس اني تكلمت في اول جمعة فلم يرد علي احد وفي الثانية فلم يرد علي احد فلما كانت الثالثة احياني هذا احياه الله. سمعت رسول الله يقول سياتي قوم يتكلمون فلا يرد عليهم يتقاحمون في النار تقاحم القردة فخشيت ان يجعلني الله منهم فلما رد هذا علي احياني احياه الله ورجوته ان لا يجعلني منهم ) مسند الامام ابو يعلى قال الشيخ حسين اسناده صحيح 7282.. وفي صيغة أخرى ( فارسل معاوية إلى الرجل فقال الناس هلك الرجل ثم دخل الناس فوجدوا الرجل معه على السرير فقال معاوية للناس ان هذا الرجل احياني احياه الله فقد سمعت الرسول يقول ياتي قوم يتكلمون فلا يرد عليهم يتقاحمون في النار تقاحم القردة واني تكلمت اول جمعة فلم يرد علي احد فخشيت ان اكون منهم ثم تكلمت في الجمعة الثانية فلم يرد علي احد فقلت في نفسي اني من القوم ثم تكلمت في الجمعة الثالثة فقام هذا الرجل فرد علي فاحياني احياه الله ) المعجم الكبير ج19/ص393/-925.

فلنلاحظ هنا ان النص بنهايته السعيدة ليس ضد معاوية على الاطلاق أي ان مناسبة النص و وروده من قبل الرواة لم يكن يشترط بها معارضة معاوية، لكن فلنترك جانبا حسن ظن الرواة وآليتهم في التفكير ولنتامل في النص نفسه.

( المال مالنا والفئ فيئنا من شئنا اعطينا ومن شئنا منعنا ) إلا تذكر هذه الصيغة بالحق الإلهي الذي منح لمعاوية: لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت.؟ إلا يذكر هذا التصريح بالحق الذي يجعل معاوية احق من كل الصحابة وآبائهم بالمطلق؟ لقد قضى الله له على علي افلا يكون اعطي أيضا المال والفئ كله له؟
الخليفة على المنبر يصيح :المال مالنا والفئ فيئنا، جمعة تلو الجمعة يكرر التصريح ويؤكده ولا يرد عليه احد. ماذا عسى أي احد ان يقول امام معاوية؟ الن تتكرر صيحة (خذوه) التي قيلت في حق غيره؟ في ضوء الاستبداد والبطش الحاصل ماذا كان بوسع أي احد ان يقول؟.

المهم في الجمعة الثالثة قام رجل نكرة، لم يسمع به احد لا قبل ولا بعد، ليرد على معاوية بوجهه (بل المال مالنا والفئ فيئنا من حال بيننا وبينه حاكمناه بأسيافنا.)

فلما ارسل معاوية للرجل قال الناس (هلك الرجل) تقرير لامر واقع لا محالة باستسلام شديد لكل ما يحدث: معاوية تكلم والرجل رد عليه ،إذن هلك الرجل وقدر الله ما شاء فعل.

لكن الرجل لم يهلك. فورا ،على الاقل. وكان على الناس ان يدركوا ان طبيعة معاوية في مواقف كهذه تصير باتجاه ما عرف عنه فعلا من حلم ولين وموادعة.

ما الأمر؟ هل كانت المشكلة حقا في مال وفئ وكان الرجل طامعا في مزيد من مال وفئ ويريد ان يحتكم إلى سيفه فيه؟.

إذا كان كذلك فلا مشكلة على الاطلاق، بالذات مع معاوية. لقد عرف عنه استرضاء خصومه بالمال كلما لمس فيهم حب ذلك. لقد كان ينفق المال انفاقا مذهلا خاصة على كبار الشخصيات العامة التي كان حسن العلاقة معها يكسبه نوع من الشرعية في اعين الرعية، لقد عرف عنه ذلك مع عائشة وابن عمر وغيرهما وله مع عبد الرحمن بن ابي بكر الذي رافقنا قصة مطاردته في صحيح البخاري قصة اخرى فقد بعث اليه ليسترضيه في بيعة يزيد بـ 100 الف درهم فقال قولته المشهورة:ان ديني اذن لرخيص ( المستدرك 6015 ).

لقد كان الناس الذين اعتقدوا ان معاوية سيهلك الرجل مخطئين، فمعاوية كان اذكى من ان ينزلق علنا إلى موقف كهذا وحوادث القتل العلني التي انزلق اليها في عهده ومنها مشهورة (عدي بن حجر ومحمد بن ابي بكر) كانت لها خصوصية مختلفة كان ابطالها شخصيات معارضة لها مكانتها بين الناس وكانت معارضتهم لاسلوب حكم معاوية وسياسته صريحة وواضحة مع تأييد يكاد يكون تاما لعلي <ولم يكونوا من الشيعة، بالمناسبة> وكان استرضاء مثل هذه الشخصيات بالمال صعبا ان لم يكن مستحيلا وكان وجودهم في كل الاحوال يمثل تهديدا لمعاوية فكان القتل العلني، أما ان يقوم رجل، نشدد على كونه نكرة أي لا مكانة اجتماعية له تحوله إلى شخصية عامة معارضة لها اتباعها ومؤيدوها، مجرد شخص اخر ربما من الاعراب، استفزه تصريح معاوية فقام يطالب بالمزيد من المال ويهدد بسيفه، لم يكن يستخدم آيات قرآنية في تهديده أي انه لم ينطلق من مرجعية دينية اساسا للمعارضة ولم يقل مثلا ان المال مال الله والفئ فيئه وانك يا معاوية مستخلف فيه الخ ولم يعارض اسلوب حكم أو يطعن في بيعة معاوية أو يزيد كان المطلب واضحا: المال والفئ.

وكان معاوية واضحا كذلك .لا مشكلة ابدا مع المال. هذا الشخص نكرة ولا خوف من معارضته ويريد المال فلنمنحه ما شئنا فالمال مالنا والفئ فيئنا اولا واخيرا وليقال عن معاوية فيما بعد كم هو حليم ولين، لقد تكلم الرجل باسلوب فظ وغليظ وهدد بسيفه ومع ذلك لم يفعل له شيئا بل اكرمه <يقال ذلك حتى الآن بالنهاية السعيدة للحادثة>

لكن معاوية اكثر من هذا استطاع ان يكمل توظيف الحادثة لتكون في صالحه تماما لا من اجل الحلم واللين والعدل والسخاء والكرم فحسب وكلها صفات لمعاوية يمكن ان تشتق من الحادثة بل من اجل دخول الجنة نفسها أو على الاقل عدم دخول النار.

فقد استطاع معاوية بدهائه توظيف الحادثة ليغير مسار القصة باكملها فإذا بتصريحاته على المنبر يوم الجمعة <ولثلاث اسابيع متتالية> مجرد اختبار للناس، كان يريد ان يمتحنهم ليعرف وضعه هو، هل سيرد عليه احد فلما لم يرد عليه احد في الجمعة الاولى خشي ان يكون من الناس الذين قال عنهم الرسول ما قال فاعطى لنفسه فرصة ثانية وتكلم في الجمعة الثانية فلم يرد عليه احد كذلك فقال في نفسه اني منهم ثم اعطى لنفسه فرصة ثالثة فجاء هذا الرجل احياه الله ورد عليه وكان ذلك بشارة له وللناس كلهم بعدم دخوله النار ما دام قد تجرأ احد أخيرا ورد عليه، الحمد لله: لن يدخل معاوية النار، إذن لا بد انه سيدخل الجنة وتلك بشارة أخرى ولا ندري كيف لم يروج لها اكثر واكثر وتصبح ضمن مناقب وفضائل معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنهما!.

أما المال والفئ وعائديتهما واسلوب التصرف بهما وتوزيعهما فتلك كلها امور ثانوية لا يلتفت النص اليها ولا يلق لها بال،المهم هو في النهاية لن يدخل معاوية النار.

أما الرجل فقد ظل نكرة. ورغم ان ذلك ليس مهما على الاطلاق فنحن لا نعرف بعد كم من الزمن هلك، ولا كيف هلك.

هل شرب، مثلا، شربة من عسل ومات بعدها مثل الحسن بن علي؟.

قضاء وقدرا، بطبيعة الحال!

من كتاب البوصلة القرآنية أحمد خيري العمري akomari70@yahoo.com

يتبع الحلقة السابعة ..
08-31-2006, 05:51 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة الحر - 08-30-2006, 08:46 PM,
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة آمون - 08-31-2006, 09:45 AM,
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة الكندي - 08-31-2006, 05:51 PM
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة خالد - 08-31-2006, 07:20 PM,
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة ريفي - 08-31-2006, 07:37 PM,
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة الحر - 09-01-2006, 04:48 PM,
لحظة معاوية: كرة ثلج تاريخية - بواسطة Truth - 09-02-2006, 06:03 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  فقه الثورة وفقه العنف والجريمة ..لحظة داروينية في ربيع العرب بقلم: نارام سرجون فارس اللواء 0 682 09-06-2012, 12:41 PM
آخر رد: فارس اللواء
  فرصة تاريخية للمصريين والعرب ... الأهرام الرقمى نظام الملك 22 5,025 02-24-2012, 04:37 AM
آخر رد: The Holy Man
Video معاوية بن ابي سفيان، صحابي جليل ام زنديق تملك المسلمين؟ (خطبة مثيرة للاهتمام) المفكر شمعون 11 3,856 05-14-2011, 09:40 PM
آخر رد: على نور الله
  جمهورية اليهود ...حقيقة تاريخية والحل بيد الليدي ميشيل نسمه عطرة 1 1,969 01-10-2011, 10:43 PM
آخر رد: أسامة مطر
  نصارىالعرب وقبر أبو أيوب و بزيد ابن معاوية عزيز عزير 12 3,611 09-16-2010, 01:29 PM
آخر رد: المضطهد Le persécuté

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS