كنت أفكر قبل أيام بمصير البشرية لو أن الوحي الإلهي انقطع عنها.... وقد لفت نظري أن جميع الأديان سواءً الأساسية أو الآخرى بشرت بظهور مصلح رباني مرسل من عند الله....
إن ما يميز الإنسان في المملكة الحيوانية عن باقي المخلوقات هو العقل... أو العقلانية... وهذه العقلانية لم تكن من النتاج البشري... بل كان الوحي الإلهي هو مصدرها....
إن الحيوانات تعيش يوماً بعد يوم على ما تقدمه الحياة لهم... وهي لا تنظر لماضيها أو تحلم بمستقبل تتطلع إليه... أما الإنسان فهو على عكس ذلك... إذ أنه من الصعب أن يقنع بحاضره... فهو إما أن يعيش هائماً في ذكريات الماضي... أو يمني نفسه بأيام أفضل في غياهب المستقبل... وهذه الآمال غالباً ما ترتبط بمستقبله الاقتصادي أو السياسي أو الديني... ما يهمنا هنا هو المستقبل الديني للإنسان.... فهل هناك مستقبل ديني للإنسان...

كما ذكرت في البداية فإن جميع الأديان بشرت بظهور مصلح رباني أو مبعوث إلهي يكون مجيئه بمثابة مرحلة جديدة من الأمل للإنسانية... إذ أنه سوف يوحد البشرية جمعاء ويجمع كلمتهم تحت لواء سماوي واحد... غير أن هذه البشارات بكل أسف قد صارت مفترق طرق تتباعد عنده السبل والدروب... وتختلف عليها المقاصد والاتجاهات.... إن أصحاب جميع الأديان يشتركون في شيء واحد فقط هو الأحلام... لكنهم لا يشتركون في كيفية تحققها...
فجميع أتباع الأديان متفقون في إيمانهم بأن مبعوثاً سماوياً سوف يأتي لهداية البشرية وتخليصها من الدمار والهلاك... ولكن حين يتعلق الأمر بشخصية ذلك المنتظر نرى أنهم يختلفون تماماً بعضهم مع بعض... فهل سيكون هو بوذا أم زرادشت؟؟؟ هل سيكون المسيح يسوع أم الرب كرشنا؟؟ لعله لاوتزو أو كونفوشيوس....
فأنتباع كل دين ينتظرون شخصاً مختلفاً... له اسم مختلف ولقب مختلف... وتتوقع كل فئة منهم أن هذا المبعوث السماوي سوف ينتمي إلى دينهم على وجه الخصوص... وهنا نرى أن أبواب الأمل التي كانت مفتوحة لمجيء المخلص المنقذ قد بدأت توصد مرة أخرى... وهي تبدو موصدة من وجهة نظر أولئك الذين يعتبرون أن كل الأديان الأخرى هي أديان زائفة باستثناء دينهم هم... وعلى هذا فإن الباب الوحيد المفتوح هو بابهم هم.... بينما يرى الآخرون نفس هذا الباب موصداً أيضاً وأن بابهم هم هو باب الخلاص الوحيد....
والكل يغني على ليلاه حين يتعلق الأمر بشخصية ذلك المنتظر... فإما أن يحقق لهم ما تخيلوه في أحلامهم ووتوقعاتهم... أو إنهم لن يقبلوا أحداً على الإطلاق... إن هذا الموقف الأخير المؤسف هو الذي اختاروه لأنفسهم... فلماذا يعبأ الله تعالى بهم وبأهوائهم إن كانوا هم لايعبئون بإرادته ومشيئته... فلينتظر كل منهم منقذهم الذي يتخيلونه من خواء آمالهم وتصوراتهم اللاعقلانية...
يتبع...
سلام