اقتباس:  ابن العرب   كتب/كتبت  
عزيزي لوجيكال،

هل المنطق والعقل قادر على استيعاب كل ما يجري في العالم او الكون من امور حسية وملموسة؟!

ثم سؤال آخر: هل استمعت للرجل الذي أجرت معه فضائية المستقبل -على ما أظن- لقاء قارنت فيه بين "أحاسيسه" بشأن العام 2004 وما تحقق منها وما لم يتحقق؟!

لقد تمكن من "التنبؤ" بالعديد من الأمور قال أنه : "شعر بها"، مثل غياب ياسر عرفات وأحمد ياسين عن الحلبة السياسية وغيرها.

هل يمكن للعقل والمنطق أن يفسر مثل هذه الحاسة؟!

ألا يعتقد -أو اعتقد- بعضهم أن الدماغ يعمل في جزء صغير منه وأن البقية غير مستغلة، وأن الإنسان قادر على فعل الكثير بما تبقى له من دماغ غير مستخدم مثل التخاطر وغيرها من المواهب؟!

ألا يمكن أن نفترض جدلا -بصورة منطقية عقلانية - أن هذا الجزء غير المستخدم من الدماغ يمنح الإنسان القدرة على فعل الكثير مما نسميه آيات ومعجزات؟!

فإن كان المسيح يسوع هو الإنسان الكامل، ألا يعقل أنه قام بكل ذلك لمجرد أنه أحسن استخدام كامل عقله ودماغه؟!

هذا مجرد تسلسل فكري عقلاني مبني على خبرة بشرية ولا علاقة له بالأديان.

ما تعليقك؟!

شكرا لمداخلتك وتحياتي القلبية

اجابتي عبارة عن جزئين:

أولا: أنت تقول: هل يُعقل؟ هل من الممكن؟ أليس من المحتمل؟ لِمَ لا يكون؟ ماذا لو؟ لِمَ لا نفترض جدلا؟

و هل يُعقل يا عزيزي أن أبني فلسفة حياتي و هدف عمري على مجرد احتمالات لغيبيات لا تفسير واضح لها؟

ثانيا: اجابتي الثانية هي: نعم يا عزيزي. كل شيء ممكن. من الممكن أيضا أن محمد رسول اللـه. من الممكن أيضا أن امبراطور الرومان هو ابن الإله زيوس. من الممكن أيضا أن أنصاف الآلهة الاغريق كانوا حقيقيين، و من الممكن أن العرافين و العرافات لهم تواصل مع قوى خارقة، و آلهة الهندوس كلها موجودة. فلماذا أنت تنتقي و تختار بعض الاقاصيص هنا و هناك لتصدقها، بينما أنت تنفي بعضها الاخر؟

العقلية العلمية يا عزيزي هي بالطبيعة عقلية متفتحة، و لكن لا بد أن يكون هناك حدود! اذا ألغينا الحدود و أصبح كل شيء مباح تصديقه هكذا، فلن يعود عندنا أي مصداقية و لا أي تعريف واضح للمعلومات و المعرفة، و عندها لماذا لا نضيف جميع خرافات الاقدمين و خزعبلاتهم لكتب التاريخ و العلوم و نعترف بها كلها كحقائق لمجرد أنها "ممكنة" و لمجرد أن هناك أشياء غامضة لا نفهمها؟

و اذا تريدنا أن نعترف بأن يسوع الناصري مشى على الماء و طار في الهواء، فلماذا لا نضيف قصص المصريين القدامى و التوراة و الاوروبيين و الرومان الى سجلات الحقائق و التاريخ و تصبح كلها حقائق طالما أنه لم يعد لدينا أي حدود طبيعية و كل شيء أصبح ممكن و مباح تصديقه؟

الدراسة العلمية للتاريخ تعتمد أساسا على مبدأ محدد هو: الطبيعة ثابتة لا تتغير. لهذا فعندما نقرأ أخبار المصريين و الصينيين القدامى، فإن دارسي التاريخ يزيلون منها المزاعم الخارقة و المعجزات، و يحتفظون بالاخبار التي لا تخرق الطبيعة.

أما اذا كانت الطبيعة شوربة و "كله زي بعضه" و كل شيء ممكن، فعندها لماذا نرفض أي شيء و لماذا لا نصدق كل شيء طالما أن كل شيء ممكن؟

هذه مشكلة الكتب المقدسة. الطبيعة فيها شوربة و كل شيء يسري. الشمس تقف في السماء، و الناس يطيرون في الهواء و الارواح تتكلم مع الناس، و اللـه لا شغلة له و لا مشغلة إلا التدخل في شؤون الناس، فهو يقتل هذا و يلعن ذاك و يكلم هذا و يشتم ذاك، الملائكة عاملين فرقة موسيقية في بيت لحم.

يعني بلا مؤاخذة الاسطورة من كبرها تبين.

مثلا يا ابن العرب، لو قلنا أن رجلا جاء لي و قال، "فلان الفلاني جاءك الى العمل طائرا في الهواء بسرعة كبيرة، قاطعا مسافة 20 كلم بمدة دقيقة واحدة." و بعدها جاءني رجل آخر قائلا، "فلان الفلاني جاءك الى العمل في سيارته، قاطعا مسافة 20 كلم بمدة 20 دقيقة."

من مِنَ الرجلين يا ابن العرب تريدني أن أصدق؟؟؟ أليس الرجل الثاني هو الاكثر مصداقية؟ طبعا من الممكن أن يكون الاول هو الصادق، و لكن احتمال صحة الرجل الثاني بالتجربة و الطبيعة و الخبرة و التاريخ هو الاكثر و الاكبر. يعني بالعربي الفصيح، حتى لو كان الاول هو الصادق، فأنا لا ألام و لا أوبَّخ اذا رفضت تصديقه و صدقت الرجل الثاني. ألا تتفق معي؟