يضم تعريف "صناعة الجنس" جميع أوجه هذه صناعة من الرقص، والتعري ، أو توفير الجنس والخدمات الجنسية وجها لوجه أو عبر الإنترنت. كما أنه يشمل صحف التعرية، وأفلام البورنو وصناعة الألبسة و الألعاب والعقاقير الجنسية. ويصعب في بعض الأحيان التعريف الدقيق "بصناعة الجنس" بسبب تداخل الجنس في الكثير من الصناعات الأخرى كالملابس المغرية، والعطور، والعقاقير الطبية (الفياغرا مثلا)، والإغراء السينمائي، بل وحتى بعض الإستخدامات في صناعات الحلي والمجوهرات والترفيه (المطاعم) والسيارات وغيرها من الأمور التي تستخدم للوصول الى أغراض جنسية ..

صناعة الجنس كبيرة جدا، وفي بعض البلاد السياحية كلبنان، تعتبر هذه الصناعة من المنشطات الإقتصادية الأكثر أهمية بل تلك التي يكاد يرتكز عليه إقتصاد البلد برمته في المواسم السياحية. وبسبب الإحراج الذي يسببه الموضوع، وتشابك صناعة الجنس مع غيرها من الصناعات، يصعب تقدير حجم الحركة الإقتصادية الناتجة عن الحراك الجنسي في المجتمع الدولي. غير أن بعض التقديرات عن حجم صناعة البورنو فقط لا غير في الولايات المتحدة الأمريكية تشير انها تزيد عن عشرات مليارات الدولارات في العام الواحد، أو ما يقارب أو يزيد عن حجم الدخل القومي لعدد لا بأس من الدول العربية!

ولو أخذنا "تجارة الجنس" كأحد الأمثلة الأكثر حساسية في هذا الموضوع، لوجدنا أن أغلبية الدول الأوروبية تعتبر هذه التجارة شرعية وتحمي العاملين فيها وتمنحهم ما يلزم من ضمانات اجتماعية وصحية. فمن الدول الأوروبية التي تسمح قانونيا بتجارة الجنس هناك بلجيكا، والدنمارك، وفرنسا، وفنلندا، وألمانيا، واليونان، وإيطاليا، وهولندا. ومن الفضول ملاحظة أن هذه الدول تحمي أيضا هذه الصناعة من المنافسة العالمية فتمنع المهاجرات والقادمات من أماكن أخرى في الإتحاد الأوروبي من ممارسة هذه التجارة !

ولو عدنا الى الإزدواجية الأخلاقية التي يفرضها الكبت الجنسي والعقد الجنسية على البسايكو العربي، لوجدنا أن تجارة الجنس موجودة في كل الدول العربية وبشكل فاضح وواضح في الكثير من الأحيان. من منا، مثلا، لا يعرف مكان "سوق الأوادم" في وطنه؟ من لا يعرف أن تسعيرة "اللحم الأوروبي" الابيض الأشقر في دبي هي خمسون دولارا (هكذا كانت التسعيرة خلال زيارتي عام 1992)، بينما اللحم الفيليبيني ارخص؟

وتصل هذه الإزدواجية أوجها في لبنان الذي يعتمد اعتمادا يكاد يكون كليا في موسم السياحة على صناعة الجنس. فلبنان يمنع البغاء لكنه يصدر تأشيرات دخول للأجنبيات للعمل في البغاء!

الخلاصة هي أن التحرر الجنسي يفتح آفاقا واسعة للنمو الإقتصادي في عدد كبيرمن الدول العربية، خصوصا الخليج المكبوت. والدليل هو النمو الإقتصادي الذي يرافق "موسم الخليجيين" كل عام في لبنان. ومن يدري، قد تتوقف هجرة العربيات اللواتي يرحلن الى أوروبا للعمل كمومسات، فيبقى حراكهن الإقتصادي في دولهم الأم بدل استفادة الدول الغربية المتحررة منهنّ.