إضافة لكلام الإخوة أقول:
الأمي هو الذي لا يعلم شيئا، أي كحالته يوم ولدته أمه، فكل مجال لا تعلم عنه شيئا فأنت أمي فيه، فالذي لا يعلم شيئا عن الكومبيوتر يعتب أميا في علم الكومبيوتر، والذي لا يعلم علم الإلكترونيات يعتبر أميا في الإلكترونيات، والذي لا يعلم الطب يعتبر أميا في علم الطب. وهكذا...
ماذا عن قول الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الجمعة:2) ؟
(الأميين) في الآية أميون في ماذا؟
لا شك أنهم أميون في العلم السماوي ، والعلم السماوي مصدره كتاب من عند الله ينزله على رسول من البشر.
وإذا أراد الله أن يبعث في الأميين رسولا منهم فإنه يختار الأحق بالإصطفاء .
فمن هو الأحق بالاختيار من هؤلاء الأميين؟
أهو الذي يقرأ ويكتب أم الذي لا يقرأ ولا يكتب؟
لا شك أن الذي لا يقرأ ولا يكتب هو الذي تتحقق فيه الأمية بكل معانيها فهو الأحق بالإصطفاء كنبي ، ولقد قال تعالى : إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق.
وسيلة العلم هي القراءة والكتابة ، فمن لم توجد عنده هذه الوسيلة يعتبر أكثر أمية ممن يقرأ ويكتب.

إذن فالذي لا يقرأ ولا يكتب هو الأمي حقا بكل ما تعني الكلمة، فهوأمي الأميين ، وهو الأولى بأن يعلمه الله ، وأول وسائل التعليم هي القراءة.
والقراءة هي نطق كلام مسموع أو مسطور، فالطفل نقرئه الكلام فنقول له: هذا باب ، وهذا بيت ، وهذه سيارة ، فيردد (يقرأ) : باب ، بيت ، سيارة.
ثم بعد ذلك نكتب له هذه الكلمات ( باب ، بيت ، سيارة) فيقرأها مكتوبة بعد أن قرأها مسموعة.
ولقد كان من الحكمة أن يعلم الله هذا النبي الأمي أولا وسيلة العلم (القراءة) فكان أول ما أنزل الله هو قوله تعالى : إقرأ ، ولأن القراءة قراءتان : قراءة اللفظ المسموع وقراءة اللفظ المكتوب بالقلم فإن الأمر بالقراءة تكرر مرتين:
1) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ.
2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم ضربه الله مثلا للإنسان يولد أميا فيتعلم. أما المسيح صلى الله عليه وسلم فقد ضربه الله مثلا للإنسان وهو جنين فيه الروح في بطن أمه (روح من أمر الله)، فالحمل يبشر بالولادة، والولادة مصدقة للحمل.