نزار عثمان
Gramsci
المشاركات: 1,664
الانضمام: Dec 2004
|
الطاقة النووية بين السلم والحرب - مجلة السياسة الدولية (من أرشيف المجلة)
العدد ( 120 ) بتاريخ 1 / 4 / 1995
قسم خاص
أضواء على الموقف المصرى من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية
محمود كارم
مقدمة:
إن الدول العاقدة لهذه المعاهدة إذ تدرك الدمار الذى تنزله الحروب النووية بالبشرية قاطبة، وضرورة القيام بالتالى ببذل جميع الجهود الممكنة لتفادى خطر مثل تلك الحروب، وباتخاذ التدابير اللازمة لحفظ أمن الشعوب ...
بتلك الكلمات التى تشع تفاؤلا ورغبة فى تدارك خطأ جسيم ارتكبه الإنسان عندما اخترع السلاح النووى، بدأت ديباجة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية المعروفة اختصارا باسم NPT أوسع المعاهدات الدولية عضوية بعد ميثاق الأمم المتحدة، ودعامة نظام منع الانتشار النووى.
عندما فتحت المعاهدة للتوقيع فى الأول من يوليو 1968 مثلت أملا للعديد من دول العالم فى تحقيق السلم والأمن ودرء أخطار السلاح النووى وأيضا تحقيق الاستخدام السلمى الفعال للتكنولوجيا النووية من أجل تقدم ورفاهية الإنسان، وبعد ديباجة طموحة تشير لضرورة القضاء على شبح الدمار الشامل للبشرية نجد أن مواد المعاهدة تتحدث عى نوعين من الدول الأول هو دول تسمح لها المعاهدة بامتلاك السلاح النووى بلا حدود ولا سقوف كمية أو نوعية ويطلق على تلك المجموعة الدول النووية Nuclear States والنوع الثانى هو تلك الدول التى لا يسمح لها بامتلاك أو حيازة أو إنتاج أو تطوير السلاح النووى ويطلق على تلك الدول الدول اللانووية Non-Nuclear Weapon States وكانت هذه الطبيعة التمييزية Discriminatory هى أحد الملامح الرئيسية لمعاهدة NPT ومازالت أحد المنافذ الرئيسية لتلك المعاهدة التى جمعت من الدول الأعضاء حتى الآن 171 دولة منهم خمس نووية.
هذا وقد مكثت مصر أحد الدول الداعمة لتلك المعاهدة عند نشأتها وظلت على مدى ربع قرن من الزمان أحد المدافعين عن تلك المعاهدة، ومن هنا تنبع أهمية تلك الدراسة التى تلقى بالضوء على الموقف المصرى تجاه معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وتهدف فى هذا الصدد لتأكيد الأهداف الآتية:
1 - إن الدعاوى التى تصور مصر كدولة تقف ضد المعاهدة هى دعاوى باطلة يفندها تاريخ تلك المعاهدة الذى يشهد بدور مصر وخبرائها فى صياغة وتطبيق تلك المعاهدة على مدى أكثر من ربع قرن.
2 - إن الخلاف النووى بين مصر وإسرائيل والذى برز إلى السطح فى الشهور الأخيرة ليس موقفا مفتعلا من جانب مصر أو موقفا جديدا بل هو حلقة فى سلسلة مواقف ألزمت بها مصر نفسها منذ عقود طويلة.
3 - إن موقف مصر لا يتعارض ولا يهدم مبدأ تحقيق عالمية المعاهدة، بل هو يترجمه ويظهر حرص مصر عليه وضرورة ألا تكون هناك استثناءات.
وعلى ذلك رأينا أن تتناول الدراسة النقاط الرئيسية التالية:
أولا: الظروف الدولية والإقليمية التى أبرمت فيها المعاهدة.
ثانيا: مصر والانضمام للمعاهدة.
ثالثا: جهود مصر فى مجال نزع السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل.
رابعا: القرار255 والرؤية المصرية لموضوع ضمانات الأمن.
خامسا: فى انتظار إبريل "موقف مصر من مؤتمر مراجعة / تمديد سريان العمل بالمعاهدة".خاتمة: حول الرؤية المصرية لدور جهود نزع السلاح فى إحلال السلام فى الشرق الأوسط.
أولا: الظروف الدولية والإقليمية التى أبرمت فيها المعاهدة:
وقف العالم أكثر من مرة خلال عقد الستينات على حافة الحرب النووية وكانت قضيتى سور برلين 1961 وأزمة الصواريخ الكوبية 1963 مثالين على أن خطر الحرب النووية يمكن أن يكون مصدره أماكن أخرى غير أراضى القوتين العظميين وأن هناك احتمال أقوى من ذى قبل لأن تسعى العديد من الدول - ربما الخارجة عن نطاق القطبين الكبيرين وحليفيهما - لتطوير برامج نووية غير سلمية وبالتالى فإن قرار اندلاع الحرب النووية لن يكون فى يد العملاقين فقط وإنما سيتفرق فى أيدى العديد من القوى الإقليمية والأنظمة التى لا يوثق فى تقديرها لعواقب الأمور.
وانعكست تلك الصورة على المستوى الإقليمى فالمشكلات الساخنة والمشتعلة فى الشرق الأوسط وآسيا وأمريكا اللاتينية كانت تنذر بالتحول إلى كارثة حقيقية لو استطاع أى طرف أن يمتلك سلاحا نوويا ومن هنا كان حرص الدول النووية أن تنشئ إطارا دوليا تعاقديا لمنع الانتشار الأفقى يحمى وضعها كأطراف تستأثر بالسلاح النووى وتطوره دون حدود ويمنع الدول الأخرى من حيازة تلك الأسلحة ويعطيها بدلا من ذلك الحق فى الحصول على كل أنواع المعونة التى تسهل لها استخدام الطاقة النووية من أجل الأغراض السلمية.
وهكذا ولدت معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية من زخم الحرب الباردة ومعاييرها ومخاوفها التى حكمت كافة المنظورات الإقليمية والدولية فى تلك الفترة وحتى سنوات طويلة أخرى تالية.
ثانيا: مصر والانضمام للمعاهدة:
1 - مفاوضات إعداد المعاهدة:
بدأت مفاوضات إعداد مسودة المعاهدة عام 1965 واستمرت حتى 1968 عندما فتحت المعاهدة للتوقيع، وكان لمصر منذ البداية دورا هاما فى تلك المفاوضات وهو لم يكن بالأمر الهين مع وجود العملاقين الكبيرين وحلفائهما، وبالرجوع لأوراق ووثائق تلك المرحلة الهامة نجد أنها تعترف بدور مصر الإيجابى فى مرحلة المفاوضات وتشيد برؤية مصر التى أعلنتها فى ذلك الوقت تجاه المعاهدة من أنها تعتبرها وسيلة فعالة لإيقاف الانتشار الأفقى للأسلحة النووية وبالتالى فهى تطالب بان تكون المعاهدة غير محددة مدة سريانها (1).
ولاشك أن هذا الطلب يعكس ما وصل إليه الموقف المصرى من إيمان راسخ بأهمية المعاهدة وأهدافها، وقد طالبت مصر أيضا خلال المفاوضات بأن يولى مزيد من الاهتمام بمسألة ضمانات الأمن الفعالة لضحايا العدوان النووى ذلك أن الضمانات المقترحة من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى والمملكة المتحدة حينذاك ليست كافية، وطلبت بدلا من ذلك بأن تصاغ تلك الضمانات فى صورة تعهد ملزم من القوى النووية بالأخذ فى الاعتبار بأن التهديد باستخدام أو استخدام الأسلحة النووية ضد الدول اللانووية الأعضاء فى المعاهدة يعتبر سببا كافيا لمنع أو للرد بالمثل ضد العدوان النووى كإجراء من إجراءات الأمن الجماعى، وطالبت مصر الدول النووية الثلاث بأن تتكاتف لمنع العدوان النووى، وإنه من الأهمية القصوى أن تتضمن المعاهدة "الدول النووية المحتملة" حتى تصبح تلك المعاهدة ذات معنى (2).
يضاف إلى الآراء السابقة لمصر أنه يذكر لمجموعة الدول السبع غير المنحازة التى ضمت مصر من بين أعضائها وحضرت جميع مراحل المفاوضات، أنها أدخلت نصين غاية فى الأهمية إلى بنيان المعاهدة:
1 - عقد مؤتمر للمراجعة لاستعراض سيرها وتحقيقها لأهدافها "مادة 8 فقرة3" وذلك كل خمس سنوات.
2 - عقد مؤتمر للبت فى استمرار نفاذ المعاهدة يعقد بعد مرور25 عاما على دخولها حيز النفاذ "مادة 10 فقرة 2".
2 - التوقيع على المعاهدة:
قامت مصر بالتوقيع على المعاهدة فى كل من لندن وموسكو فى أول يوليو 1968 أى فى أول يوم فتحت فيه المعاهدة للتوقيع، ويحمل ذلك الحدث وذلك التاريخ دلالة واضحة على اهتمام مصر بالمعاهدة وتقديرها لأهميتها وإيمانها بالأهداف التى تسعى إليها، وذلك على الرغم من تحفظاتها على بعض المسائل التى لم تتم الاستجابة إليها مثل مسألة ضمانات الأمن، وعلى الرغم من أن التصديق قد تأخر عن التوقيع نحو ثلاثة عشر عاما، إلا أن المجتمع الدولى كان ينظر بعين التفهم لموقف مصر من التصديق والذى يأخذ فى الاعتبار رفض إسرائيل الانضمام لها، ولم يكن هذا التأخير من جانب مصر فى التصديق على المعاهدة يخفى وراءه رغبة فى أن تطور مصر برنامجا نوويا عسكريا أو أن تتحايل من جانبها على نصوص المعاهدة بل كان واضحا أن مصر قد ألزمت نفسها بالمعاهدة من جانبها منذ اللحظة التى وقعت فيها عليها وذلك إيمانا - وفى ظل الحكومات المتتالية - بأن السلاح النووى لا يحمى ولا يوفر أمنا وإنما يبذر بذور الخطر المتفجر فى أية لحظة. وقد أكدت الأحداث التى تلت توقيع مصر على المعاهدة هذه الوضعية الفريدة "الالتزام دون التصديق" والتى كانت دافعا رئيسيا لأن تستكمل مصر موقفها من المعاهدة وذلك باتخاذ خطوة التصديق كإقرار بأمر واقع بالفعل وهو التزام مصر بأحكام المعاهدة.
3 - مؤتمر الدول النووية أغسطس 1968:
بعد فتح المعاهدة للتوقيع وفى خلال الفترة التى سبقت دخولها حيز النفاذ، انعقد تحت رعاية الأمم المتحدة مؤتمر ضم ست وتسعين دولة لا نووية فى أغسطس 1968 حيث اتخذ المؤتمر عدة قرارات عبرت عن وجهة نظر تلك الفئة من الدول والتى شملت:
أ - ضرورة القيام بإجراءات أكثر شمولا لنزع السلاح النووى مثل إنشاء المناطق الخالية من الأسلحة النووية.
ب - حتمية العمل على إيقاف إنتاج المواد الانشطارية للاستعمال العسكرى وتخفيض السلاح النووى تمهيدا لإزالته تحت نظام رقابة فعال.
ج - ضرورة العمل على الوقف التام للتجارب النووية من أجل الأغراض العسكرية. ومن اللافت للنظر أن مطالب دول عدم الانحياز سواء تلك التى تبدت أثناء مرحلة المفاوضات أو خلال مؤتمر الدول اللانووية كانت هى نفسها تلك المطالب التى نادت بها تلك الدول خلال مؤتمرات المراجعة الأربعة "75 - 80 - 85 - 90" ومازالت أيضا تشكل مطالب تلك الدول التى تريد ضمان أمنها وسلامتها من قرار متهور باستخدام السلاح النووى ضدها وفى نفس الوقت تريد لشعوبها مستوى أعلى من التنمية والرفاهية وتؤمن بدور الطاقة النووية فى ذلك - مازالت تشكلها فى مؤتمر المراجعة القادم إبريل 1995
4 - التصديق:
فى يوم 1980/12/14 وجه الدكتور بطرس غالى وزير الدولة للشئون الخارجية مذكرة للرئيس السادات ولرئيس الوزراء، يرجو فيها الموافقة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية NPT معددا مزايا التصديق على هذه المعاهدة وعلى رأسها أن هذا التصديق يتيح لمصر الحصول على التكنولوجيا النووية من الدول التى تمتنع عن إمداد مصر بها بحجة عدم تصديقها على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وكانت تلك المذكرة إيذانا ببدء إجراءات دستورية انتهت بإصدار الرئيس الراحل أنور السادات قرارا جمهوريا - بناء على موافقة مجلس الشعب -بالتصديق على المعاهدة والموافقة على جميع أحكامها حكما حكما وذلك فى 22 فبراير 1981 ، ويمكن إجمال الأسباب التى حدت بمصر على التصديق هذه المعاهدة فيما يلى:
أ - إن هذه الخطوة من جانب مصر ستدفع إسرائيل لمزيد من التروى والتفكير فى الانضمام مستقبلا للمعاهدة ونبذ تصنيع السلاح النووى وخاصة فى ظل مناخ السلام السائد بعد توقيع معاهدة السلام عام 1979 بين مصر وإسرائيل.
ب - نجاح مصر فى إقناع إسرائيل بالموافقة على القرار الذى تبنته مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط مما يسهم فى عملية ترجمة هذا القرار لواقع فعلى وهو الأمر الذى يعنى إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط الأمر الذى يحمل فى طياته التزاما نافذا من كافة دول المنطقة بأهداف المنطقة المنزوعة السلاح النووى.
ج - حاجة مصر الملحة للاستثمار فى الطاقة النووية لمواجهة احتياجاتها من الطاقة الكهربية فى نهاية هذا القرن.
5 - موقف مصر من معاهدات نزع السلاح التالية لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية:
تتمتع مصر بعضوية سبع معاهدات دولية لنزع السلاح والحد من التسلح تشكل أهم التعاقدات الدولية فى هذا المجال، وقد صدقت مصر على خمس من تلك المعاهدات وهى:
1 - بروتوكول جنيف لتحريم استخدام الغازات السامة والخانقة والأسلحة البيولوجية فى الحرب وكان تاريخ التصديق "1928".
2 - اتفاقية الحظر الجزئى للتجارب النووية 1963
3 - اتفاقية الفضاء الخارجى 1967
4 - معاهدة تحريم الاستخدامات العسكرية لتقنيات التغيير البيئى 1982
5 - تصديق مصر على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية فى 1981
6 - بينما اكتفت مصر حتى الآن بتوقيع اتفاقية الأسلحة البيولوجية 1972 واتفاقية الأسلحة غير الإنسانية مما يعنى عدم التزام مصر بأحكام هاتين المعاهدتين من الناحية القانونية، وإن كان التزامها من الناحية الواقعية أمر معروف.
وتوضح الإحصائية السابقة أن مصر تتفوق على إسرائيل والعديد من الدول من حيث عدد معاهدات نزع السلاح والحد من التسلح التى ألزمت مصر نفسها بها، إيمانا بأهدافها السامية وتأكيدا على رغبتها الصادقة فى السلام الأمر الذى لم تحرم مصر عائده فى شكل تقدير واسع وملموس من العديد من دول العالم التى تؤمن بدور نزع السلاح بكافة أنواعه فى تحقيق الرفاهية للمجتمع البشرى. وبطبيعة الحال فان من بين تلك المعاهدات نجد أن معاهدات ثلاث تحظى باهتمام أكبر والتى تشكل الإطار القانونى لها لدى كافة الدول وهى المعاهدات التى تتناول أسلحة الدمار الشامل، معاهده حظر انتشار الأسلحة النووية NPT واتفاقية الأسلحة البيولوجية BWC ومعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية CWC والتى لم توقع مصر عليها. ومن الواضح أنه يمكننا القول أن الموقف المصرى تجاه معاهدات نزع السلاح التى تم إبرامها بعد دخول معاهدة NPT حيز التنفيذ 1970 قد تأثر إلى درجة كبيرة بالموقف الإسرائيلى من هذه المعاهدة، فقد أدى عدم استجابة إسرائيل للنداءات المتكررة بوجوب انضمامها إلى NPT على الرغم من تغير الظروف، حيث انتقلت العلاقة من عداء فى أعقاب حرب 1967 ثم 1973 ومع بداية مسيرة السلام التى قطعتها مصر بمفردها15 عاما انتهى الأمر بعدها بدخول دول عربية أخرى فى نفس المسيرة مع إسرائيل وقد أدى عدم استجابة إسرائيل للانضمام للمعاهدة إلى اتخاذ مصر موقفا متحفظا من معاهدات نزع السلاح ذات الصفة الدولية والتى تلت 1970 تاريخ دخول معاهدة NPT حيز النفاذ، وذلك من منطلق أن إيمان مصر بدور نزع السلاح فى إحلال السلام هو إيمان ذو مبادئ أبرزها أن الحديث عن نزع السلاح وإجراءاته يعنى أن يتم ذلك بشكل متساو وموضوعى لا يعرف الاستثناءات، وهو ما سيلى الشرح فيه الحديث عن جهود مصر فى مجال نزع أسلحة الدمار الشامل. إلا أنه يهمنا قبل الانتقال لشرح تلك الجهود أن نوضح أن إحجام مصر عن التوقيع أو التصديق على معاهدات أسلحة الدمار الشامل التالية لمعاهدة NPT مثل CWC,BWC قد اقترن بتصرفات فريدة لم تقدم عليها دولة أخرى تمتنع عن الدخول فى التعاقدات الدولية لنزع السلاح، وتتمثل تلك التصرفات فى جهود حثيثة بذلتها مصر - ومازالت تبذلها - من أجل تدعيم إجراءات نزع السلاح فى المنطقة من خلال المبادرات ومشاركات الخبراء وعشرات الندوات وتصريحات السياسيين المصريين التى تؤكد كلها على ضرورة العمل على تجنيب منطقة الشرق الأوسط مخاطر حيازة السلاح النووى والكيماوى والبيولوجى.
ثالثا: جهود مصر فى مجال نزع أسلحة الدمار الشامل:
إذا كان تاريخ مصر مع معاهدة NPT يوضع بجلاء جانبا هاما من جهود مصر فى مجال نزع السلاح النووى فان هذا التاريخ ليس إلا جزءا من سجل حافل دافعت فيه مصر عن قضايا نزع أسلحة الدمار الشامل وطرحت العديد من المبادرات وخاض خبراؤها ودبلوماسيوها - ومازالوا - معارك طويلة فى سبيل تحقيق حلم إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل "النووية - البيولوجية - الكيميائية".
أ - فبعد دخول معاهدة NPT حيز النفاذ عام 1970 بأربعة سنوات تقدمت مصر وإيران للجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروع قرار بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط وبالفعل أقرت الجمعية القرار عام 1974 وفى العام التالى والأعوام التى تلته حتى 1980 واصلت مصر جهودها فى الجمعية العامة لإصدار نفس القرار كل عام.
ب - وفى عام 1972 فتحت معاهده BWC للتوقيع فقامت مصر فورا بالتوقيع ولكنها لم تصدق عليها، وذلك على الرغم من المساهمة الفعالة لها فى مرحلة إعداد مسودة المعاهدة وعلى الرغم أيضا من التزام مصر الواقعى بأحكام المعاهدة، وكان ذلك الموقف من جانب مصر مرتبطا بوضوح لا يخفى على مختلف دول العالم - بموقف إسرائيل من معاهدة NPT ورفضها للتوقيع عليها أكثر من ارتباطه بموقف إسرائيل من معاهده BWC ذاتها والتى رفضت إسرائيل أيضا التوقيع عليها.
ج -مبادرة الرئيس حسنى مبارك لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل:
تقدمت مصر بمبادرة رئاسية بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل وهى المبادرة التى أعلنها السيد رئيس جمهورية مصر العربية فى 18 إبريل من عام 1990 والتى تضمنت المبادئ التالية:
- ضرورة تحريم جميع أسلحة الدمار الشامل بدون استثناء سواء كانت نووية أو بيولوجية او كيماوية .. الخ فى منطقة الشرق الأوسط.
- تقوم جميع دول المنطقة - بدون استثناء - بتقديم تعهدات متساوية ومتبادلة فى هذا الشأن.
- ضرورة وضع إجراءات وأساليب من أجل ضمان التزام جميع دول المنطقة دون استثناء بالنطاق الكامل للتحريم.
وفى يوليو 1991 أعلن السيد وزير خارجية جمهورية مصر العربية استعداد مصر للتعامل مع مقترحات نزع السلاح البناءة التى تحقق ما يلى:
- تطابق كمى وكيفى للقدرات العسكرية لدول المنطقة.
- زيادة الأمن ولكن بمستوى أدنى من التسلح وعن طريق الحوار والترتيبات السياسية بدلا من قوة السلاح.
- اتفاقات لتحديد التسلح ونزع السلاح تكون خلالها لدول المنطقة مسئوليات والتزامات متساوية وملزمة قانونا فى مجال نزع السلاح بحيث تسرى بمقياس واحد على دول المنطقة فى هذا الصدد. وقدم السيد وزير الخارجية مقترحات إضافية للإسراع بإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تضمنت ما يلى:
- دعوة الدول الرئيسية المصدرة للسلاح خاصة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بالإضافة إلى إسرائيل وكذلك الدول العربية، إلى إيداع إعلانات لدى مجلس الأمن تتضمن تأييدا واضحا وغير مشروط لإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وتعهدا بعدم اتخاذ خطوات تعرقل هذا الهدف.
- دعوه الدول المصدرة للسلاح والدول الأطراف بمعاهدة عدم الانتشار النووى لضمان انضمام كافة دول الشرق الأوسط إلى تلك المعاهدة، ووضع منشآتها النووية تحت الإشراف الدولى.
- دعوة دول منطقة الشرق الأوسط التى لم تكن قد فعلت ذلك إلى الإعلان عن تعهدها:
أ - بعدم استخدام أسلحة نووية أو أسلحة كيميائية أو بيولوجية.
ب - بعدم إنتاج أو الحصول على أسلحة نووية.
ج - بعدم إنتاج أو الحصول على أى مواد نووية صالحة للاستخدام العسكرى.
د - بقبول نظام التفتيش الدولى التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية على كافة مرافقها النووية.
ثم تزايدت مظاهر التأييد لمبادرة الرئيس مبارك لإنشاء منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بالشرق الأوسط تمثلت فى:
(أ) إدخال فقرات خاصة بتلك المبادرة ضمن أحكام قرار الجمعية العامة بشأن "إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط" مثل الفقرة 8 بالديباجة والتى تنص على:
WELCOMING ALL INITIATIVES LEADING TO GCD. INCLUDING IN THE REGION OF THE M. E. AND IN PARTICULAR ON THE ESTABLISHMENT THEREIN OF A ZONE FREE WEAPONS OF MASS DESTRUCTION INCLUDING NUCLEAR WEAPONS.
والفقرة 8 العاملة والتى تشير إلى:
INVITES ALL PARTIES TO CONSIDER THE APPROPRIATE MEANS THAT MAY CONTRIBUTE TOWARDS THE GOAL OF GCD AND THE ESTABLISHMENT OF A ZONE FREE OF WEAPONS OF MASS DESTRUCTION OF THE M. E.
(ب) إضافة فقره تأييد ضمن أحكام قرار "الضمانات"
قرار المؤتمر العام الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية (رقم 601 أكتوبر 1992) وقد مر القرار بتوافق الآراء:
الفقرة (د) بالديباجة والتى تم تضمينها لأول مرة على الرغم من أن المبادرة تعالج أنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل تتعدى اختصاص الوكالة IAEA
WELCOMING THE INITIATIVES REGARDING THE ESTABLISHMENT A ZONE FREE OF WEAPONS OF MASS DESTRUCTION, INCLUDING NUCLEAR WEAPONS, IN THE M. E.
(ج) الفترة 14 من قرار مجلس الأمن 687 :
TAKES NOTE THAT THE ACTIONS TO BE TAKEN BY IRAQ IN PARIS 8,9,10,11,12 & 13 OF THIS RESOLUTION REPRESENT STEPS TOWARDS THE GOAL OF ESTABLISHING IN THE M. E. A ZONE FREE OF WEAPONS OF MASS DESTRUCTION & ALL MISSILES FOR THEIR DELIVERY & THE OBJECTIVE OF A GLOBAL BAN ON CW.
(د) الفقرة 2 من بيان اجتماع الدول الخمس الكبرى حول نقل الأسلحة ومنع الانتشار (باريس 8 و 9 يوليو 1991):
THEY ALSO STRONGLY SUPPORTED THE OBJECTIVE OF ESTABLISHING A WEAPONS OF MASS DESTRUCTION FREE ZONE IN THE M. E.
(هـ) كما أشارت الفقرة (2C) من قرار مجلس الأمن الصادر فى 22 نوفمبر 1991 :
THE TERRITORIAL INVIOLABILITY OF EVERY STATE IN THE AREA THROUGH MEASURES INCLUDING THE ESTABLISHMENT OF A DEMILITARIZED ZONE.
(و) البيان الختامى لعدم الانحياز الفقرة 50 من المستند NACIO سبتمبر 1992 :
THE HEADS OF STATE OF GOV. REITERATED THE SERIOUSNESS & IMPORTANCE OF ELIMINATING WEAPONS OF MASS DESTRUCTION & CONSIDERED THE ESTABLISHMENT OF THE NUCLEAR WEAPONS FREE ZONE IN PARTICULAR A NECESSARY STEP TOWARDS ATTAINING THIS OBJECTIVE. IN THIS CONTEXT THEY WELCOMED THE VARIOUS INITIATIVES FOR THE ESTABLISHMENT OF SUCH ZONE. PARA 46 OF THE SAML NAM DOCUMENT WELCOMED THE CWC AS A MENACING FULL STEP FORWARD TOWARDS THE ELIMINATION OF ALL WAND IN ALL REGIONS... (ز) بيان رئيس المجموعة الأوروبية فى الجمعية العامة بتاريخ 4 نوفمبر 1992 باسم المجموعة.
THE CALL TO MAKE THE M. E. ZONE FREE WMD MERITS FULL SUPPORT FROM THE INTERNATIONAL COMMUNITY & ITS MEMBERS ARE PLEASED THAT SUCH A CALL IS NOW ALSO REFLECTED IN THE RESOLUTION OF NWFZ IN THE M. E.
(ح) الفقرة 148 من دراسة السكرتير العام مستند رقم A/45/435 المؤرخ 1990/10/10 بشأن الإجراءات القابلة للتحقيق لتسهيل إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط والتى أشارت إلى:
RECENTLY PRESIDENT MUBARAK OF EGYPT MADE A PROPOSAL THAT OFFERS THE GOVS PARTICIPATION IN THE VARIOUS SUPPLIERS GROUPS AN OPPORTUNITY TO ALIGN THEMSELVES WITH A REGIONAL INITIATIVE (SEE A/45/219, S/21252, ANNEX). THE MUBARAK PLAN CALLS FOR MAKING THE MIDDLE EAST FREE OF ALL WEAPONS OF MASS DESTRUCTION WHAT PRACTICAL FORM SUCH AN ALIGNMENT AND SUPPORT COULD TAKE IS OUTSIDE THE MANDATE OF THE PRESENT STUDY. BUT IT IS CLEAR THAT THE OBJECTIVES ARE IN COMPLETE HARMONY.
PARA 189 THE STUDY UNDERSCORED:
THE LEADING INDUSTRIAL STATES MUST CONTINUE & EVEN EXPAND THEIR ACTIVITIES DESIGNED TO DISCOURAGE ANY PROLIFERATION OF WEAPONS OF MASS DESTRUCTION ESPECIALLY NUCLEAR WEAPONS. THESE ACTIVITIES SHOULD MOREOVER, BE EXTENDED TO ENLIST THE COOPERATION OF MIDDLE EASTERN STATES, PERHAPS, THROUGH THE MUBARAK PLAN.
(ط) قرار مجلس جامعة الدول العربية الدورة (98) فى سبتمبر 1992 بشأن تنسيق المواقف العربية تجاه أسلحة الدمار الشامل وتحريك الجهود الرامية لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط وقد نصت الفقرة العاملة الثانية:
"تأكيد تأبيد مجلس الجامعة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل النووية والكيمائية والبيولوجية باعتبار ذلك افضل وسيلة لتحقيق الأمن لكافة دول المنطقة".
(ى) قرار جامعة الدول العربية رقم 5285 الصادر فى 19 إبريل الماضى الذى ينص على تشكيل لجنة من الدول الأعضاء لإعداد دراسة فنية بخصوص تحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
(ك) إشارة العديد من رؤساء الوفود خلال مؤتمر باريس للتوقيع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية (يناير 1993) إلى المبادرة المصرية فعلى سبيل المثال: أشار وزير الخارجية الأمريكى إيجلبرجر إلى:
MAKING THE MIDDLE EAST A ZONE FREE OF ALL WEAPONS OF MASS DESTRUCTION AS CALLED FOR BY RESIDENT MUBARAK OF EGYPT.
كما تضمنت كلمة وفد المملكة المتحدة أمام مؤتمر باريس للتوقيع على معاهدة حظر الأسلحة الكيمائية إشارة لنفس المبادرة المصرية وإشادة بها.
ومن ناحية أخرى صدر تقرير السكرتير العام (رقم A/47/387) بتاريخ 1992/9/2 حول إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط، والذى تضمن من خلال فقراته المتعددة عدم الحاجة فى المرحلة الراهنة لقيام السكرتير العام بأية إجراءات تجاه إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط فى ضوء تناول مباحثات السلام لهذا، ومن ناحية أخرى أشار التقرير أن إنشاء تلك المنطقة يكون فى مرحلة لاحقة، نتيجة لبناء الثقة بين الأطراف فى المنطقة ودعم إجراءات بناء الثقة والأمن فى منطقة الشرق الأوسط قبل الخوض فى مسألة السلاح النووى والحد من التسلح، وهو الأمر الذى يدفعنا إلى ضرورة التحرك لإبعاد شبح الجمود عن المبادرة المصرية:
TO MAINTAIN THE MOMENTUM AND TO BE ON THE OFFENSIVE.
(ل) مصر ومعاهدة حظر الأسلحة الكيمائية:
نصت اتفاقية BWC فى مادتها التاسعة على وجوب سعى الدول الأعضاء فيها للتوصل لاتفاقية لحظر الأسلحة الكيمائية، وكانت اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية تمثل هى الأخرى حلما غالبا لكل العاملين فى مجال نزع السلاح كضرورة حتمية للتنمية والرخاء وسعادة البشرية وأمنها، وقد صاغت مصر موقفها من المعاهدة بناء على حقائق ثابتة تتلخص فى:
(1) إن مصر تؤمن بأن الأسلحة الكيمائية فى شتى صورها تعد من أبشع أدوات الحرب فى ضوء قدرتها وامتداد آثارها بدون تمييز، الأمر الذى يفرض علينا جميعا السعى الحثيث من أجل التخلص النهائى من كافة أشكال هذا السلاح وغيره من أسلحة الدمار الشامل.
(2) شاركت مصر بكل جد وإخلاص من اجل بلورة مشروع اتفاقية محكمة متكاملة وشاملة لحظر الأسلحة الكيمائية فى إطار مؤتمر نزع السلاح بجنيف بهدف دعم الأمن والسلم الدوليين وبدافع حرصها على الأمن القومى العربى سعت لأحكام مواد الاتفاقية لأقصى حد وتدارك الثغرات.
(3) توجهت مصر توجها صادقا لدعم أمن منطقة الشرق الأوسط: مبادرة 1974 لإخلاء الشرق الأوسط - السلاح النووى - مبادرة الرئيس حسنى مبارك 1990
لإخلاء الشرق الأوسط من كافة أسلحة اللى مار الشامل - طالبت لها انضمام كافة دول المنطقة لاتفاقية منع الانتشار NPT وإخضاع إسرائيل لكافة مرافقها وأنشطتها لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وضرورة تناول كافة أسلحة الدمار الشامل بمنظور شامل متساو ومتكافئ
(4) غياب أية خطوة إيجابية من جانب إسرائيل تجاه التعامل مع السلاح النووى وإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط، لم وأشاعتها للتعرف حول قدراتها النووية واستمرارها فى نهج مواقف مبنية على عقيدة التفوق العسكرى الأمر الذى يعمق الخلل الأمنى فى المنطقة ويضر بالمفاوضات الجارية إلى توفر إطارا مناسبا لمفاوضات جادة.
إن مصر على استعداد للتعامل مع اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية بقدر تعاون إسرائيل مع معاهدة عدم الانتشار وإخضاع منشآتها وبرامجها النووية لنظام ضمان الوكالة. (5) إن تحرك المجتمع الدولى بالضغط على الدول العربية للانضمام لاتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية يجب أن يقابله تحرك مقابل للضغط على إسرائيل للانضمام لمعاهدة عدم الانتشار التى تعالج موضوع السلاح النووى الذى هو أكثر أسلحة الدمار الشامل خطورة وتدميرا.
(6) إن مصر ستلتزم واقعيا DE FACTO بالإطار العام للاتفاقية وهو ما أشار إليه السيد عمرو موسى وزير الخارجية فى 1992/12/10
(7) موقف الدول العربية أثناء مؤتمر باريس فى يناير 1989 أكد ضرورة التعامل مع حظر الأسلحة الكيمائية جنبا إلى جنب مع الجهود الدولية لوقف دفع انتشار الأسلحة النووية وقد مضت هذه الدعوة دون أن تلقى اهتماما من الدول "اللامبالية".
وفى سبتمبر 1992 ناقش وزراء خارجية دول جامعة الدول العربية الموقف العربى من مشروع اتفاقية الأسلحة الكيماوية حيث تمخضت تلك المناقشات عن بلورة موقف عربى يرتكز على ثلاث محاور صاغها السفير/ د نبيل العربى مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة فى كلمته أمام الجمعية العامة أثناء مناقشتها لمشروع الاتفاقية فى نوفمبر 1992 فيما يلى:
أولا: الاستعداد للتعامل مع جميع مقترحات نزع السلاح البناءة التى من شأنها أن تحقق تكافؤا كميا ونوعيا فى القدرات العسكرية لدول المنطقة وتوافر الأمن من خلال الالتزامات المتساوية والواجبة النفاذ قانونا فى مجال نزع السلاح بحيث تسرى بمقياس واحد على جميع دولى المنطقة واعتماد الترتيبات السياسية.
ثانيا: تأكيد تأييد إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل النووية والكيمائية والبيولوجية باعتبار ذلك أفضل وسيلة لتحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
ثالثا: استعداد التعامل مع اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية فى إطار الجهود الرامية إلى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بقدر ما تستجيب إسرائيل مع المطالب الدولية بالانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وأن تضع منشآتها النووية تحت نظام الرقابة الدولية وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 487 لسنة 1981
وإذا كان موقف مصر من اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية يعد امتدادا لموقفها من كل المعاهدات التالية لمعاهدة NPT والذى يستند إلى موقف إسرائيل الرافض للتوقيع إلا أننا هنا نلمح تطورا طرأ على الموقف المصرى متمثلا فى أن النظرة المصرية غدت أشمل وأوسع بحيث تشمل ضرورة إدراج جميع دول المنطقة فى منظومة دولية لنزع جميع أسلحة الدمار الشامل نووية وبيولوجية وكيماوية بحيث تحوى تلك المنظومة معاهدات NPT, BWC, CWC
رابعا: القرار 255 والرؤية المصرية لموضوع ضمانات الأمن:
خلال فترة صياغة مشروع معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية NPT طرح موضوع ضمانات الأمن للدول غير النووية بشكل متكرر حيث أعربت الدول التى عرفت أنها ستدخل إلى المعاهدة كدول آلت على نفسها عدم امتلاك السلاح النووى إلى الأبد عن مخاوفها من تعرضها ولأى سبب من الأسباب لهجوم نووى من دولة حائزة للسلاح النووى سواء كانت عضوا فى NPT أم لا. وكانت وجهة نظر مصر ودول عدم الانحياز المشاركة فى المفاوضات انه إذا كان الهدف الأول لتلك المعاهدة هو منع انتشار السلاح النووى بين الدول اللانووية الأعضاء، فلابد وأن توفر نفس المعاهدة إطارا يحمى تلك الدول من السبب الذى من شأنه أن يدفع أية دولة لحيازة سلاح نووى تحمى به أمنها وتردع به أى عدوان نووى، إلا أن المعاهدة جاءت خلوا من نص يتناول هذا الموضوع بشكل حاسم.
وقبيل فتح المعاهدة للتوقيع بأيام وفى 19 يونيو 1968 أصدر مجلس الأمن قرار رقم 255 الخاص بتدابير من الدول غير الحائزة على الأسلحة النووية الأطراف فى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والذى نص بعد ديباجته على أن مجلس الأمن "يقر بأن أى عدوان باستخدام الأسلحة النووية أو التهديد بشن هذا العدوان ضد دولة غير حائزة على الأسلحة النووية من شأنه أن يخلق موقفا يتحتم فيه على مجلس الأمن وبصفة خاصة أعضاءه الدائمين من الدول الحائزة على الأسلحة النووية أن تتخذ ما يلزم من الإجراءات الفورية وفقا لالتزاماتها بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة. يرحب بالنية التى أعلنت عنها دول معينة بتقديم أو تأييد تقديم المساعدة الفورية وفقا للميثاق لأية دولة غير حائزة على الأسلحة النووية تكون طرفا فى معاهده منع انتشار الأسلحة النووية إذا ما وقعت ضحية لعمل عدوانى أو كانت محل تهديد باعتداء يستخدم فيه السلاح النووى.
يؤكد من جديد وبصفة خاصة الحق الطبيعى بمقتضى المادة 51 من الميثاق بخصوص حق الدفاع الفردى والجماعى فى حالة وقوع هجوم مسلح على عضو من أعضاء الأمم المتحدة ..."
وإزاء هذه القضية الهامة صاغت موقفها كما يلى:
1 - إن مصر تعطى أهمية كبيرة لقضية الترتيبات الدولية الفعالة لضمان أمن الدول غير النووية ضد استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية وتؤمن بأن أكثر الضمانات فعالية ضد استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية هو نزع السلاح النووى تحت سيطرة دولية فعالة، وإلى حين تحقيق هذا الهدف فإن ضمانات الأمن تعد إجراء هاما فى هذا الصدد.
2 - إن مصر ترى أن قرار255 يعد خطوة هامة إلا أنها ليست كافية وذلك لأوجه القصور التى شابت القرار نفسه والمتمثلة فى:
أ) أن الفقرة العاملة الأولى لم تعط الاهتمام الكافى لجسامة الاستخدام الفعلى أو التهديد باستخدام السلاح النووى حيث أن القرار لم يتسم بالوضوح الكافى فيما يتعلق بالنظر لهذا الموقف على أنه يمثل تهديدا للأمن والسلم الدوليين تمشيا مع المادة 39 من الميثاق.
ب) لم يتضمن القرار مادة تردع الدول من استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية ولم يتضمن تأكيدا بأن المجلس سوف يهب لاتخاذ إجراءات للرد على ذلك الموقف الخطير تمشيا مع روح ونص المواد ذات الصلة فى الفصل السابع من الميثاق.
ج) إن القرار يفتقر لوجود التزام واضح وقاطع من الدول الحائزة للأسلحة النووية بأن تتخذ الإجراءات الفعالة كتطبيق العقوبات، وذلك فضلا عن أن القرار لم يشر لمدى وتعريف ما هو المقصود بالمساعدة، وعلى ذلك فإن أى تطوير للقرار255 لابد وأن يتضمن تعريفا شاملا للمساعدة بحيث تشمل الجوانب التقنية والعلمية والمالية والإنسانية.
د) من ناحية أخرى فإن القرار جاء مفتقدا لوجود نص بعدم تقديم المساعدة أية مساعدة تكنولوجية نووية لأى دولة غير موقعة على معاهدة منع الانتشار واتفاقيات الضمانات الشاملة مع الوكالة خاصة تلك الواقعة فى مناطق التوتر.
3 - بناء على ما سبق فلابد وأن يتم تطوير القرار255 عن طريق تبنى قرار جديد يتضمن تأكيدات ذات مصداقية وينبنى فى ذات الوقت على نصوص القرار255
4 - ترى مصر أنه لابد وأن تتخذ خطوة أولى ببدء التشاور بين الدول الحائزة للأسلحة النووية حول ضمانات الأمن مع الأخذ فى الاعتبار قرار مجلس الأمن رقم 255 وإخبار بقية الدول الأعضاء فى معاهدة NPT بأن تطور فى هذا الصدد تمهيدا للبناء عليه وسد أوجه القصور فى القرار القديم الصادر فى 1968 وإصدار قرار جديد.
وتجدر الإشارة إلى أن القرار255 صدر فى ظل ظروف دولية تختلف عن ظروف عالم اليوم والذى انتهت منه الحرب الباردة وأصبح السؤال الحاسم حول جدوى وشرعية الردع النووى "الردع ضد من ؟" وبالتالى فإن الجهود الدولية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار منح الدول غير النووية ضمانات أمن فعالة وغير منقوصة وإمكان ربط ذلك بالمناطق الخالية من السلاح النووى على أن تقدم الدول النووية تعهدات صريحة باحترام وضع هذه المناطق المنزوعة السلاح النووى.
خامسا: فى انتظار إبريل 1995 (موقف مصر من مؤتمر مراجعة/ تمديد سريان العمل بالمعاهدة)
فى السابع عشر من شهر إبريل 1995 تعلن إشارة البدء للمؤتمر الذى تنتظره جميع الدول الأعضاء فى معاهدة NPT منذ خمسة وعشرين عاما ذلك أنه يحمل أهمية خاصة لأنه يتناول قضيتى المراجعة، وتمديد سريان العمل بالمعاهدة.
وفيما يتعلق بمصر فإننا نستطيع أن ننظر لجهود مصر فى مجال نزع السلاح مند فتح معاهدة NPT للتوقيع عام 1968 وحتى الآن مما سبق ذكره فى هذه الدراسة على أنه كان تمهيدا واستعدادا مصريا لمؤتمر إبريل 1995 الذى سيشهد ولاشك موقفا مصريا ينبنى على التاريخ المشرف لمصر فى مجال نزع السلاح النووى خاصة وأسلحة الدمار الشامل بصفة عامة. وعلى الرغم من تركيز العديد من الكتابات والندوات على قضية تمديد سريان العمل بالمعاهدة إلا أننا نريد أن نؤكد فى هذا الصدد أن قضية مراجعة التزام بأحكام المعاهدة ومدى تحقيقها لأهدافها لا تقل فى أهميتها عن قضية تمديد سريان العمل بها.
أ) الموقف المصرى من المراجعة:
شهدت أعوام 75، 80، 85،90 انعقاد مؤتمرات مراجعة معاهده NPT ومن بينها لم ينجح سوى مؤتمر واحد هو مؤتمر عام 1985 فى إصدار وثيقة نهائية تعبر عن آراء الدول الأعضاء فى المعاهدة وذلك بفضل جهود مصر التى رأست هذا المؤتمر ومثلها فى تلك الرئاسة أحد خبرائها المحنكين فى مجال نزع السلام وهو السفير أد. محمد شاكر.
وعبر خمسة وعشرين عاما من عمر المعاهدة بلورت مصر موقفها من قضية المراجع فى النقاط الرئيسية التالية:
1 - تطالب مصر بتوفير ضمانات أمن سلبية وإيجابية كافية وغير مشروطة لأنه لا سبيل لضمان أمن الدول غير النووية ومن بينها مصر ضد استخدام السلاح النووى أو التهديد باستخدامه سوى تلك الضمانات ولمصر مقترحات ذكرناها فى الجزء الرابع من هذه الدراسة فى هذا الصدد. 2 - تحقيق عالمية المعاهدة وتنظر لمصر فى ذلك لانضمام إسرائيل كخطوه رئيسية لتحقيق هذا الهدف وكذلك تتمسك مصر فى نفس الإطار بمبادرة السيد الرئيس حسنى مبارك لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
3 - ضرورة توصل الدول النووية إلى اتفاقية للحظر الشامل للتجارب النووية.
4 - ضرورة توصل الدول النووية إلى اتفاق حول وقف إنتاج المواد الانشطارية للأغراض العسكرية ودخول إسرائيل فى أى تعهد دولى ينشأ لهذا الغرض مع توافر نظام تحقيق فعال يشمل المخزون.
5 - ضرورة التزام جميع الدول الأعضاء فى المعاهدة بعدم تقديم أية مساعدات فى المجال النووى إلا للدول الأعضاء فى تلك المعاهدة والتى وقعت اتفاق ضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
6 - إجراء مزيد من التخفيضات للمخزون من الأسلحة النووية لدى الدول النووية الخمس الأعضاء فى المعاهدة وأن يتم ذلك التخفيض تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصولا لنزع السلاح العام والكامل وبالأخص السلاح النووى.
7 - ضرورة دعم التعاون بين الدول النووية والدول اللانووية فى مجال الاستخدامات السليمة للطاقة النووية تحقيقا للمادة 4 من المعاهدة التى لم تستفد منها الدول اللانووية حيث استطاعت بعض الدول غير الأطراف الحصول على التكنولوجيا النووية وبالتالى طالبت مصر بضرورة إنشاء سجل أو نظام متابعة لعمل تقارير دورية. يكون تابعا للأمم المتحدة وذلك لمتابعة أنشطة الدول فى مجال التسلح النووى.
8 - أهمية تدعيم دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتحقيق هذا الهدف، حيث لابد من مراجعة نظام الضمانات التابع للوكالة وضرورة إعطاء مفتش الوكالة حق التفتيش بالتحدى أو التفتيش المفاجئ لزيادة كفاءة النظام ولمنع تكرار حدوث حالتى كوريا الشمالية والعراق، علما بأن الوكالة تناقش حاليا نظاما تحت اسم ت(93)+ت2 وهو خاص بزيادة كفاءة الوكالة فى اكتشاف الانتهاكات عن طريق استخدام السبل التقنية الجديدة مثل التحليل البيئى.
9 - فيما يتعلق بأحكام المادة السادسة من المعاهدة تنادى مصر وتشاركها العديد من الدول غير النووية بضرورة إصلاح العيوب التى ولدتها المعاهدة فى المسئوليات والحقوق بين الأطراف وبالتالى تطالب الدول غير النووية الدول النووية ببذل المزيد من الجهد لنزع السلاح النووى وإبرام الاتفاقات الجديدة بهذا الشأن فى إطار زمنى محدد.
الموقف المصرى من تمديد سريان العمل بالمعاهدة:
وفقا للمادة العاشرة فقرة 2 من المعاهدة فإنه "يصار، بعد خمس وعشرين سنة من نفاذ المعاهدة ، إلى عقد مؤتمر استمرار نفاذ المعاهدة إلى اجل غير مسمى أو تمديدها لفترة أو فترات محددة جديدة. ويكون اتخاذ هذا القرار بأغلبية الدول الأطراف فى المعاهدة".
وعلى ذلك فإن تلك الفقرة تضع الدول الأعضاء فى المعاهدة أمام 3 احتمالات لقرار المد حتى يتم إعمال هذه الفقرة.
الأول: أن يتم مد العمل بالمعاهدة إلى أجل مطلق أى استمرار العمل بالمعاهدة إلى الأبد بشكلها الحالى إلا إذا تم الاتفاق على إدخال تعديل لأحد نصوصها وفقا للمادة (8) والتى تنص على إجراءات بالغة الصعوبة للتعديل.
الثانى: أن يتم مد العمل بالمعاهدة فترة واحدة محددة تقترح بعض الدول الأطراف أن تكون خمسا وعشرين سنة (فنزويلا).
الثالث: أن يتم مد العمل بالمعاهدة عددا محددا من الفترات (نيجيريا تقترح من خمس إلى عشر سنوات).
وفى حالة الخيارين الثانى والثالث فإن انتهاء المدة أو المدد المحددة سلفا يعنى أن الدول الأعضاء قد نفذت الفقرة 2 مادة 1، وعلى ذلك تنتهى المعاهدة فى هذه الحالة لأن هذه المادة لم تشر إلى تكرار عقد مؤتمر النظر فى مد المعاهدة كلما انتهى العمل بالمعاهدة وعلى ذلك يكفى إتباع هذا الأسلوب مرة واحدة للوفاء بأحكام المادة العاشرة.
ووفقا لهذه المادة فإن قرار التمديد يتخذ بأصوات أغلبية الأعضاء ويسرى على الجميع حتى من كان رأيه معارضا، وفى هذه القضية يبرز خلاف جوهرى حول مسألة الأغلبية التى ترى الدول المؤيدة للتحديد اللانهائى للمعاهدة أنها أغلبية بسيطة بينما تنادى الدول اللانووية إن تلك الأغلبية ينبغى أن تكون أغلبية ساحقة ضمانا لمصداقية واحترام المعاهدة لدى أكبر عدد من أعضائها، إن لم يكن الأمر بتوافق الآراء وهى وسيلة اتخاذ القرارات فى جميع مؤتمرات المراجعة السابقة.
وعلى أية حال فجميع الخيارات متاحة أمام مصر، إلا أننا نريد التأكيد على أنه إزاء تاريخ طويل من المبادرات المصرية والتحركات النشطة من جانب مصر لإزالة الخلاف النووى مع إسرائيل وإزاء عدم حصول مصر على ردود إيجابية من إسرائيل بشأن انضمامها للمعاهدة حتى الآن كان لزاما على مصر أن تعلن أكثر من مرة فى الفترة التى سبقت عقد مؤتمر إبريل على لسان الرئيس حسنى مبارك ووزير الخارجية السيد عمرو موسى أن موقف مصر النهائى من قضية تمديد سريان العمل بالمعاهدة سيتحدد بشكل نهائى وفقا لما نتخذه إسرائيل فى هذا الشأن. الخاتمة:
لقد حرصت مصر أن تؤكد مرارا على لسان وزير خارجيتها السيد عمرو موسى عمق نظرتها لإجراءات نزع السلاح فى منطقة الشرق الأوسط حيث تحتل تلك الإجراءات موقعا متميزا فى هيكل السياسة الخارجية المصرية من منطلق إدراك مصر لأن تلك الجهود تعد أحد أهم المفاتيح لتحقيق السلام فى المنطقة.
إن السلام الكامل بمفهومه الواسع لن يستقيم فى الشرق الأوسط إلا إذا غيرنا من مفاهيمنا القديمة وليدة سنوات الحرب والعداء، ومجملها أن الأمن يمكن أن يتعزز بتكديس السلاح أو بحيازة أسلحة الدمار الشامل.
إن سباق التسلح الذى سار المنطقة على مدى العقود الماضية، والذى تسارعت خطاه فى ظل مناخ الشك والتحفز، لابد وأن يتم ترويضه ليتواءم مع الأوضاع الجديدة فى المنطقة.
وتعتقد مصر أن السلام فى الشرق الأوسط يلزم تدعيمه باتخاذ إجراءات للحد من التسلح، توفر شروطا أساسية ثلاثة.
أولها: تخفيض مستويات التسلح:
فقد أثبتت تجارب المنطقة أن ارتفاع مستويات التسلح لدى أى دولة من دولها كما أو كيفا، لم يشكل رادعا ولا وفر أمنا، وإذا كانت هذه التجارب سببا كافيا لإعادة تقييم سياساتنا فى هذا المجال، فإن الإنجازات السياسية التى وضعتنا وبثقة على طريق السلام فى المنطقة تجعلنا نتساءل عن حكمة تصعيد .. التسلح تحت مظلة السلام.
وثانيها: تحقيق توازن أمنى أفضل بين دول المنطقة:
إن شرقا أوسطيا جديدا ومستقرا، لا يتحقق إلا إذا رفضنا مفاهيم التفوق العسكرى واتفقنا على إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، إن استمرار هذه المفاهيم من شأنه أن يهدد الفرصة القائمة بالفعل للوصول إلى شرق أوسط مختلف لأن أى خلل فى التوازنات الأمنية لابد وان يولد شكوكا تعود بالمنطقة إلى ننافس وسباق فنزاع فصراع فصدام.
وثالثها: أن تتسم إجراءات نزع السلام الإقليمية بالمساواة والشمولية:
فإذا كنا نسعى إلى علاقات طبيعية بين الأطراف فعلينا أن نراعى فى مجال الأمن ونزع السلاح، أن تتساوى التزامات دول المنطقة. فلا يمكن القبول بوضع متميز أو استثنائى لطرف دون الآخرين، وإلا ظهرت شروخ خطيرة فى الأساس الذى نضعه قد تمتد وتتسع لتؤثر فى البنيان كله.
من هذا المنطلق كانت مبادرة مصر التى أطلقها الرئيس حسنى مبارك فى إبريل 1990 مقترحا إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل قى الشرق الأوسط، تطبيقا لمفاهيم المرحلة الدولية الجديدة على المستوى الإقليمى، وكامتداد طبيعى لدعوة مصر منذ 1974 لإنشاء منطقة منزوعة السلاح النووى فى الشرق الأوسط.
وإعمالا لذلك تدعو مصر بكل إصرار إلى الانضمام الإقليمى الكامل إلى معاهدة عدم الانتشار النووى، وقبول تطبيق نظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذى إن تم سيشكل خطوة رئيسية تدفع بجهود السلام والمصالحة فى الشرق الأوسط إلى آفاق جديدة وتمنع حدوث انتكاسات فى العلاقات الإقليمية فى المستقبل وتعلق مصر أهمية كبيرة على سرعة قيام إسرائيل بهذه الخطوة، خاصة ونحن نقترب حثيثا من موعد انعقاد مؤتمر مراجعة ومد العمل بمعاهدة عدم الانتشار النووى فى1995، وإلا سينتهى مد سريان المعاهدة - التى ترمى إلى تحقيق منع الانتشار النووى - إلى تكريس لواقع عكسى، غير متوازن وغير سليم، يتنافى مع مبدأ العالمية ويعتبر استثناء خاصا عليه وهو وضع غريب لا يمكن قبوله.
إنى انتهز هذه المناسبة لأناشد إسرائيل باسم مصر أن تستجيب لهذه الدعوة الجادة غاية الجدية، والتى تحمى المنطقة من ويلات سباق تسلح نحن جميعا فى غنى عنه، وهى خطوة تساعد على دعم الأمن الإقليمى. لابد أيها السادة من أن يولد فى عصر السلام فكر جديد، ينظر إلى شروط تحقيق الأمن من منظور علاقات السلم الجديدة، بدلا من الاعتبارات التى كانت تحكمها فى إطار منطلقات النزاع الإقليمى، كما لابد لإسرائيل أن تساير الفكر العالمى لا أن تخرج عنه، والفكر العالمى يدعو إلى عالمية معاهدة عدم الانتشار ونحن نصر على ذلك الإصرار كله، تجنبا لسباق فى هذا المجال الخطير (3). الهوامش:
(*) وزير مفوض ومدير شئون نزع السلاح بوزارة الخارجية.
(**) أسهم فى إعداد هذه الدراسة الملحق أحمد مصطفى (شئون نزع السلاح).
[1] SIPRI Yearbo-K 1972 ,p.p. 313 , 315
[2] SIPRI OP. Cit.
(3) بيان السيد عمرو موسى وزير الخارجية أمام الدورة 49 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
|
|
09-09-2006, 10:23 PM |
|