عودنا العزيز اسماعيل على نقل اخبار خنفشارية دون تدقيق أو تحميص في محتواها .. وكل قيمتها بالنسبة له هو انها تذم النظام السوري !! ، ففي السابق نشر خبرا خنفشاريا عن مخطط لنشر الشذوذ الجنسي في المدارس السورية !!!!!!!!!!! .. ثم حدثنا عن أن موقع سيريا نيوز هو موقع بعثي !!.. وتابع لفراس طلاس !! وتشرف عليه شعبة المخابرات العسكرية !!!!!!!!!!!!!!!! ( طبعا لا تسل عن البنية ! ) .. وها هو اليوم ينقل لنا هذا الخبر الطريف العجيب ..
وبعيدا عن نية العزيز اسماعيل من نشر مثل هذا الخبر ( وهي نية مفهومة ومتوقعة ) .. فقد استوقفتني ملاحظات عابرة على مضمونه :
1- قرأت هذا الخبر الطريف المنقول عن الوطن العربي ! فوجدته مكتوبا بلهجة طائفية تذكرنا بالخطاب السلفي الطائفي التقليدي .. وحقيقة لم اجد كبير فرق بينه وبين اخبار مشابهة تتحدث عن خطر شيعي !!! تجدها منشورة في المواقع الطائفية السلفية كهذا الموقع الطائفي :
http://www.albainah.net/index.aspx?functio...=Category&id=52
(لا نستغرب بالطبع صدور مثل هذا الخطاب الطائفي من جهات اسلامية تعبر عن محتوى طائفي واضح في الفكر والتمثيل مثل الاخوان المسلمين وتحديدا السوررين منهم ( وكانت لي سابقا معالجة للخطاب الطائفي عند الاخوان السوريين ) سيما وأن سعيد حوى كان سباقا بالحديث عن مؤامرة شيعية جهنمية للسيطرة على العالم الاسلامي ( السني طبعا ) ولكن ان يصدر مثل هذا الخطاب من جهات يفترض انها تمثل خطابا حقوقيا منفتحا مثل الاستاذ هيثم المالح فهذا هو العجب العجاب بالفعل !! ) ..
يتحدث التقرير عما يسميه (خطة إيرانية إقليمية لنشر المذهب الشيعي وتفريس سورية) كذا !! دون أن نفهم ما هو هذا الـ ( تفريس ! ) وبالطبع يرى التقرير أن هذه (الخطة الشيعية التفريسية !! ) هي (سياسة رسمية للنظام مبنية على حسابات مستقبلية.
) كذا ! وبالطبع فان مبررات هذه ( السياسة الرسمية للنظام بدعم التشيع والتفريس !!!! ) واضحة تماما عند من يفكر بهذه العقلية : انها المؤامرة النصيرية على الاسلام وأهله !! .. وطبعا النصيرية لن تتوقف عن العلويين بل ستشمل حتى الاثنى عشرية ، أما الاسلام الذي يتعرض للخطر فهو وفق هذه القراءة : أهل السنة والجماعة ! ..
2- يتحدث هذا التقرير المدعوم من قبل بعض المدافعين عن حقوق الانسان !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! عن مظاهر خطيرة تجتاح سورية !! وهي من وجهة نظر كاتب التقرير : الدعوة للمذهب الشيعي !! فهو يتعامل مع قضية نشر الثقافة الشيعية والدعوة الى الفكر الشيعي على أنه تهديد خطير يهدد سورية !! ، ويصف تشيع بعض السوريين على أنه مؤامرة خطيرة تستدعي القلق !!!!!!!!!!!!!!! .. ولكن هذا التقرير لا يجيب على سؤال بسيط هو : الا يحق للشيعة ان ينشروا مذهبهم ويدعوا الى افكارهم الدينية على قدم المساواة مع السنة ؟ أم أن الدولة السورية يجب أن تبقى سنية الهوية والهوى ولا يحق للشيعة أن يجاهروا بافكارهم علنا !؟ .. ألا يحق للسني أن يعتنق المذهب الشيعي ؟ ... ونسأل الاستاذ هيثم حقي المفترض أنه يدافع عن حقوق الانسان : أليس من بدهيات حقوق الانسان حق الشخص بالدعوة الى افكاره ونشرها والتعبير عنها ؟ أم أن هذا الحق مقتصر على الاغلبية فقط وتُمنع منه الاقلية !؟ ... وللأسف غابت المبررات العقلية والمنطقية التي تجيز الحديث عن ( مؤامرة تفريس !!! وتشيع ) بل خلا التقرير من أي دليل واضح على تلك المؤامرة الشيعية الجهنمية ( سوى قيل ويُعتقد، وهناك شائعات !!!!! ) وطفت على السطح نبرة الطائفية التي تنظر الى الآخر على أنه عدو ممنوع من الكلام ! ..
كما قلت .. لا جديد .. فمنذ ايام صرح فضيلة العلامة الاسلامي الوسطي !!! يوسف القرضاوي بكلام مشابه متحدثا عن خطر نشر الثقافة الشيعية في مصر !! .. فهل يعني هذا أن الاقليات من وجهة نظر هؤلاء ممنوعين من الترويج لافكارهم والدعوة اليها !.؟ .. اذا كان هذا هو اسلوب التعامل مع الآخر الاسلامي فيكف سيتم التعامل مع الآخر غير المسلم ( المسيحيين مثلا ) وغير الاسلامي ( العلمانيين ) ؟ ..
3- يقع التقرير في تناقضات عجيبة غريبة بالفعل، فهو في البداية يتحدث عن أن (حالات اعتناق المذهب الشيعي شهدت مؤخراً تزايداً بالآلاف) ولكننا نكتشف بعد اسطر معدودة أن هذه الالوف المؤلفة عبارة عن حالات معدودة، أو رمزية على حد تعبير التقرير نفسه !!!!!! .. فما الحقيقة ؟؟ .. وعن أي مؤامرة يتحدث ؟؟ ..
4- يفيض التقرير بصور مخالفة تماما للواقع ( ولا غرابة أن تمر على العزيز اسماعيل الذي لا يعرف من سورية الا ما يُنشر على بعض مواقع الانترنت ! ) ومن ذاك على سبيل المثال فقط لا الحصر :
اقتباس:المركز الثقافي الإيراني في دمشق الذي تمت توسعته مؤخراً وبات يعتبر من أكثر المراكز الثقافية نشاطاً في سورية
1- المركز الثقافي الايراني الكائن ما بين البحصة والمرجة مازال على حاله لم يتغير، فعن أية توسعة يتحدث كاتب التقرير ؟ ..
2- ما هي تلك الانشطة التي تجعل من المركز الثقافي الايراني من أكثر المراكز الثقافية نشاطا !؟؟؟ المعرض السنوي الهزيل للكتاب في ذكرى الثورة الاسلامية ؟ دورات تعليم اللغة الفارسية التي لا يزيد عدد المشاركين على اصابع اليد الواحدة ؟ عرض افلام ايرانية لا يحضرها أحد ؟ .. ترى .. الا تمارس باقي المراكز الثقافية الغربية (خصوصا الامريكي والفرنسي والبريطاني ) اضعاف تلك الانشطة ؟ مع التذكير بأن انشطة المراكز الغربية تستهدف شرائح واسعة جدا من السوريين بعكس نشاطات المركز الايراني الذي لا يتفاعل معه سوى الشيعة، وهذا ما تشهد به تواضع شعبيته ونوعية مريديه ..
3- هل يعلم كاتب هذا التقرير الذي يحدثنا عن (سياسة رسمية للنظام مبنية على حسابات مستقبلية في نشر التشيع والتفريس !!!!!!!! ) أن كتب الشيعة ممنوعة من التداول في قلب دمشق ! ( برجاء زيارة مكتبة الاسد التي تعكس التوجهات الرسمية في موضوع الرقابة على الكتب، وسيلحظ المراقب أن غالبية الكتب الشيعية المعاصرة مقرونة بحرف (م) بالاسود ! بما يعني أنه ممنوع ! ) أما مكتبة المركز الثقافي الايراني فهي تكتفي ببيع عناوين بسيطة مراقبة ومفلترة، في حين أن الكتب الشيعية الممنوعة ( وما اكثرها ) لن تجدها الا عند تجار السوق السوداء في محيط السيدة زينب، وهناك ستباع بطريقة تحت الطاولة !..
وهل يعلم كاتب هذا التقرير أن هناك حالات اعتقالات تمت وتتم في اوساط الدعاة الشيعة خصوصا في منطقة السيدة ( أشهرها حالة الداعية السوري الشيعي محمد عبد الرزاق صندوق، والطالب السوري المتشيع سعيد الجمال، والمتشيع المصري فرج عبد الرزاق ، وآخرها حالة الداعية الشيعي العراقي حسن شبر الذي اعتقل منذ اشهر في السيدة زينب، وكل تلك الحالات موثقة ومثبتة بتقارير مراقبي حقوق الانسان الغربيين طبعا وليس مراقبي حقوق الانسان من شاكلة هيثم المالح !!! و ما خفي كان اعظم !! ) ؟
اقتباس:ويقال إن حالات اعتناق المذهب الشيعي شهدت مؤخراً تزايداً بالآلاف وتقول بعض الشائعات الرائجة في سورية قد تصل إلى حد توفير العمل لهم في المراكز الثقافية وخصوصاً المركز الثقافي الإيراني في دمشق
1- هل صحيح أنه توجد ( مراكز ثقافية ايرانية !!! ) كذا بالجمع ؟ .. ما اعرفه انه يوجد مركز في دمشق وآخر في السيدة زينب، فكيف صار الحديث عن مراكز ؟؟ بالجملة !؟ ..
2- هل توفير عمل لمتشيع جريمة تستوجب النكير وتبرر الحديث عن مؤامرة شيعية ايرانية لنشر التشيع والتفرس ؟؟؟ .. ان من يتيشع في وسط سني متطرف سيتم التعامل معه بنظرة سلبية مفرطة، ولي صديق سني تشيع بالفعل، وطرده ابوه من المنزل، ولكن صديقي مازال يعاني من ضائقة مالية شديدة، ولم تقم ( المراكز الثقافية الايرانية !!!) بتوفير عمل له حتى الآن !! رغم أن القصة مضى عليها أكثر من عشر سنوات !؟ ..
ولا ننسى بالطبع حديث كاتب التقرير عن أن نسبة الشيعة في سورية ( 1% فقط !!!!!!!!!!!!!! ولا ندري من أين جاء بهذه النسبة !؟ وما المستند ) ..
كنت اتمنى لو تم التعامل مع هذه القضية بشيء من الحياد والعلمية والموضوعية ، ولكنها الطائفية ... واه يا زمان الطائفية:rolleyes: ! ..
مع التحية ..
شهاب الدمشقي.