نسمة عطرة .(f)
و الله العظيم عذراء أبا عن جد !.:saint:
وعموما هو برج منيل و كم أتمنى استبداله برجا أكثر تفاهة و مرحا ، هل يدلني احد على برج ......... حتى أسعد مثله بالهبل .
يا سيدتي أعزف على لحن السيد المسيح :" طوبى للفقراء لأنهم يرثون الأرض " نحن الشعب العربي البسيط ، الذي تطلع لمستقبل جديد مثل غيره من الشعوب فانفرد بالمأساة .
بالمناسبة لماذا هذا الشك ، ليس دائما الشك من حسن الفطن خاصة عندما نبدده في غير مكانه ،و نوجهه إلى غير هدفه ..
نعود مرة أخرى للموضوع ( المؤامرة ) ، إنني لا أتعصب من الإسترتيجيات لأنها بعضا من الموضوعات المفضلة لدي ، و أريد أن نفرق بينها و بين المؤامرات ، لهذا طرحت شريطا بعنوان (الصراع conflict و نظرية المؤامرة( conspiracy . –
هنا
هذا الشريط و الله لا بأس به لأنه يتناول مفهوما ملتبسا ، لو قلبت الشريط فلن تندمي كثيرا ، رغم ذلك هذا هو محوره .
لاشك في أن البحث عن مؤامرة خفية يحمل على الإحساس المريح بامتلاك العبقرية، وإزاحة المسئولية عن الجريمة وتحميلها لآخر مفترض ، وعدم بذل الجهد لتصيح الخلل الجسيم في الخطاب العربي ، مثل هذا الأمر يبرر لآخرين أن يقوموا بما قام به مجرمو سبتمبر ، و أن يكسبوا جرائمهم التي تكون عادة ضد المجتمعات العربية شرعية تبريرية طالما أن هناك ذلك الآخر المتآمر .
هذه النظرية معطلة لفهم الحقائق بشكل موضوعي ، فهناك دائما أسباب اقتصادية وسياسية وثقافية وفكرية قادت إلى ما نحن فيه ، وهي أسباب معقدة، الحرص على اكتشافها وتحليلها وتقويمها هو الطريق الأفضل لمعالجتها من الجذور، وليس فقط التعاطي مع منتجها النهائي (الإرهاب)، فما دامت هناك جذور، ربما تجددت الأحداث ولو بشكل آخر وفي أماكن أخرى .
رغم ذلك لا يمكننا إلا أن نشير بأصابع الاتهام إلى شريكين دائمين للإرهابيين هما أمريكا لأنها صنعت الإرهابيين و هيأت المناخ لكل ما تم ، والأنظمة العربية التي انتهجت سياسات ديماجوجية وزايدت دائما على الخطاب الأصولي لفترة طويلة، مما أفضى إلى إنتاج ما يعانيه المجتمع الدولي اليوم.
أخيرا لقد استفادت الصهيونية العالمية من التفسير الغيبي ( نظرية المؤامرة ) لما حدث في سبتمبر و غيرها ، و الذي قال به بعضنا، لتشير بأصابع اتهام جديد إلينا بسبب هذا التفسير.
الصراع conflictغير المؤامرة conspiracy.
بداية أوضح أننا نتحدث عن نظرية المؤامرة التي تعصف بالعقل العربي و هي ليست تعبير عاطفي غامض ،و لكنها منتج ثقافي عربي محدد الملامح :
1-الاستناد على الأيدلوجيا و الأفكار المسبقة و إطلاق الشعارات ، بديلا عن التناول العلمي العقلاني للصراع .
2- الخوف المرضي من الآخر و إسقاط قدرات خارقة عليه في ذات الوقت ، وعدم الثقة في النفس و القدرة على مواجهة التحديات بنجاح .
3- تبرير الأخطاء و القصور بتآمر الآخر.
4- التركيز على الحوادث المنعزلة ، و ترتيب نتائج أساسية عليها ، مع إغفال الحقائق المحورية في نفس الوقت .
5- الحدية البالغة في التعامل مع الآخر ، فهو إما شيطان مريد أو ملاك طاهر ، إما جزء من المؤامرة الصليبية الصهيونية التاريخية الكبرى ، أو رفيق الحياة و الآخرة !.
6- بالتبعية لا يوجد وفقا لهذه النظرية بديل سوى تدمير الآخر المتآمر أو الانتحار ، بينما نضيع الممكن المتاح .
7- هي جزء أساسي من الطرح الأصولي ، الذي ينطلق من قراءة ضيقة للتراث الديني ، رغم أنها ليست محصورة فقط في الأصوليين الإسلاميين . .
إن البديل لرفض نظرية المؤامرة ليس النظرة الساذجة للحياة ، و لا يمكن أن نتصور أن إسرائيل تجلس واضعة يدها على خدها منتظرة أن يفتح العرب لها قلوبهم و عقولهم ، و على النقيض فالصهيونية و إسرائيل تدير و بكفاءة صراعا عالميا طويلا ضد العرب ، منذ بداية الحركة الصهيونية و حتى اليوم ، و لهذا فإن الاستغراق في نظرية المؤامرة يؤدي إلى ضبابية رؤية الصراع و التخبط في الظلام ، في هذه الحالة سنحاكي النموذج الذي ضربه المفكر العسكري ليدل هارت حول الرجل القوي معصوب العينين الذي يقاتل خصما أصغر و لكنه مبصر ،و النتيجة محسومة مسبقا لصالح الثاني .
الصراع هو سنة الحياة ، ومن الخطورة تصور عكس ذلك ، فهو عملية وجودية و حضارية شاملة و مستمرة ، طالما هناك تناقضات في المصالح بين أي كائنات متواجدة في نفس الحيز الزماني و المكاني ،و لكن هذه التناقضات ليست على نفس القدر فهناك تناقضات أساسية مثل تلك بين العرب و إسرائيل و أخرى ثانوية مثل التناقضات بين الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي أو بين العرب و إيران في الخليج أو العرب و تركيا بل و العرب بعضهم بعضا .
نظرية الصراع مختلفة تماما . بل هي على النقيض من نظرية المؤامرة و عناصرها هي .
1- التحديد العقلاني الدقيق لطبيعة الصراع و أهدافه و مستوياته و قوانينه العامة و الخاصة .
2- الدراسة الواقعية و المنهجية للعدو/الخصم / الآخر ،سواء نقاط قوته أو نقاط ضعفه بواقعية و بدون مبالغة .
3- إدارة الصراع بشكل منهجي ،و التطبيق العلمي لقوانين الصراع مع الاستفادة بأقصى قدر من الأفكار المعاصرة في هذا المجال .
4- تحديد الأهداف الأساسية للصراع ،و وضع أهدافا مرحلية قابلة للتحقيق.
5- حصر العدو و عزله وتصفية الصراعات الثانوية ، مع التوسع في تحالفات جديدة على أسس واقعية ، فلا مجال للصراع مع إيران أو روسيا مثلآ ، في ظل إلحاح الصراع المصيري مع إسرائيل .
6- امتلاك خطاب صحي و حضاري لا يمكننا فقط مخاطبة العالم خلاله ،و لكن بالأساس أيضا مخاطبة أنفسنا .