المحترم قطقط .
كان لي كثير من الزملاء و الأصدقاء من القيادات المسيحية الشابة – وقتها – حتى غادرت مصر عام 1988 فانقطعت حتى عودتي لمصر منذ سنوات ، كنت دائم النقد للمسيحيين بسبب ترددهم في التعبير عن مشاكلهم ومواقفهم السياسية خارج الخطاب التقليدي الرسمي للكنيسة ، هذا التردد أعطى فرصة للإسلاميين الأصوليين لنسج أسطورة سخيفة هي أن المسيحيين يباركون حكما دينيا لمصر و يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية فورا !!، يبدوا هذا تهريجا رخيصا و لكنه كان بالفعل خطابا منتشرا بين الإسلاميين و ما يزال ، لهذا سأكون آخر من يقلل او ينكر مشاكل الأقباط المصريين ، و لكني أيضا كعلماني وطتي ضد المبالغة و الطرح العقيدي لمشكلة أراها في حقيقتها جزءا من مشكلة المصريين كلهم .. الحداثة و التنوير .لا أجد ما يعبر عن هذه المشكلة مثل هذه الفقرة التي أنقلها عن الكاتب الليبرالي القبطي كامل غبريال من مقال له بعنوان مصريون ضد الكراهية .
..................
المشكلة الأولى سببها بعض الأقباط الذين انضموا إلى جماعة ضد التمييز الديني، لتحقيق مكاسب للأقباط من وجهة نظرهم، دون أن يتصفوا في سعيهم بالتسامح والسماحية forgiveness & tolerance، وهي الروح التي تتكفل سيادتها في شعب بالقضاء على جميع مظاهر التعصب والكراهية، لكن هذه النوعية –محدودة العدد- من الأقباط تمارس سعيها للعدالة بروح المجابهة والعداء للآخر الذي تتشكى من تعصبه، ورغم أن هذه النوعية من الأقباط متواجدة بين الأقباط في أرض الوطن، إلا أنها غالباً لا تفصح عن نفسها بوضوح إلا في حالة هجرتها للخارج، هنا نجد منها المبالغات في تصوير تردي الأوضاع الطائفية في مصر، ونجد حكايات عن جرائم لا وجود لها إلا في خيالهم الخصب، ترتكب في حق الأقباط، حتى ليخال منصف يتابع كتاباتهم عبر الشبكة الإلكترونية أنهم لابد ويتحدثون عن مصر أخرى غير التي نعيش فيها، وعن ممارسات مسلمين آخرين غير الذين نعيش معهم وتربطنا بهم أواصر الود والمحبة، وتفرقنا عنهم القليل أو الكثير من الاختلافات والخلافات، التي تبثها الأفكار والميول العنصرية العدائية، تلك التي باتت تهدد الجميع والأقباط في مقدمتهم، لكن هذا كله محصور في نطاق ما يمكن أن نطلق عيه "التمييز الديني"discrimination، ومن الصعب – إلا فيما ندر- أن يدخل في تصنيف "اضطهاد ديني"oppression. هذه النوعية من الناس تطالب الآخر بالمحبة، وهي لا تضمر له غير الكراهية، تطالب بالتسامح وهي شديدة التعصب، وهي بهذا لا يمكن أن تخدم القضية التي تسعى لكسبها، وبالتالي لا يؤدي انضمامها إلى جماعة مثل جماعة "مصريون ضد التمييز الديني" إلا إلى استفزاز الشخصيات السوية المتسامحة بحق، سواء من المسلمين أو الأقباط، وبالتالي إجهاض العمل قبل نقطة البداية، وهنا تظهر إشكالية تثقل كاهل المجموعة والقائمين على إدارتها، إذ ماذا يفعلون حيال هؤلاء؟ هل يتركونهم يخربون الجماعة؟ أو يلجأون لأسلوب استئصالي، فيه يقيم البعض نفسه حكماً ومقيماً لأراء الآخرين، وهو الأمر الخطير المؤدي إلى الفاشية والهلاك المادي والأدبي، مهما كانت النوايا الأولية حسنة؟ .
..............................
ما رأيك ؟.
أما عن تأميمات عبد الناصر فقد شملت الجميع على قدم المساواة ، ما بدا تميزا ضد المسيحيين سببان :
1- تأميم ثروات الأجانب و كانوا جميعا مسيحيين تقريبا ، فلم تكن الثروات البترولية الخليجية قد تراكمت بعد و اكتسحت السوق المصري .
2- اتجاه النخب المسيحية للمجال الإقتصادي بعد أن تقلص دورها السياسي بانتهاء ثورة 1919 التي كانوا أبطالها ووقودها ، و برز هنا حدثان كبيران موحيان ، خروج مكرم عبيد من الوفد ،و ظهور حركة الإخوان المسلمن ، و بالتالي كان من الطبيعي أن تتأثر بالتأميمات أكثر من غيرها .

:wr: