الحرية في كل المجالات تؤدي إلى الإبداع لا شك في هذا ولا ريب، وإني لأرى أحد أسباب تخلف الدول العربية العلمانية إنما هو الكبت في كل مناحي الحياة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد جاء الإسلام يحررنا ويدعونا لنبذ هذا الكبت في كل هذه النواحي فأمرنا بالنصيحة للحكام والمحكومين على حد سواء، ودعانا للصدع بالحق أمام السلطان الجائر، ودعا المرء للعمل والكسب من غير ما ربط ولا قيد، فقال صلى الله عليه وسلم: (من أعمر أرضا ليست لأحد فهو أحق) وفي قول لعمر رضي الله تعالى عنه: (من أحيا أرضا مواتا فهي له) وللمرء أن يتصور اخضرار البلاد فيم لو طبق هذا القانون بالشكل الذي وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما عن الناحية الاجتماعية التي نحن بصدد الحديث عنها، فإن الإسلام جاء فاتحا الباب على مصراعيه وفق الضوابط والآداب المحققة لسمو الإنسان، فأجاز الارتباط بين الرجل والمرأة بل وحض عليه وجعله من الواجبات، بل وجعل الأساس في الزواج التعدد وأباحه بواحدة في حال خشية عدم العدل، وأجاز للرجل أن يخطب من شاء للزواج لا يرده خجل ولا حياء، وكذا أجاز للمرأة أن تطلب من أحبت من الرجال للزواج من غير ما تحسب أو حساب للأعراف الباليات، وأجاز للرجل طلاق زوجته في حال عدم رغبته في الاستمرار، وكذا أجاز للمرأة الخلع إن وجدت أن لا مودة بينها وبين زوجها ولا حب ولا صفاء، وأجاز الإسلام خطبة المرأة في عدة الوفاة تعريضا والزواج مباشرة حال انقضاء العدة من غير ما اعتبار للأعراف الباليات التي ترى النقص أو النقيصة في وفاء المرأة في ما إذا تزوجت بعد زوجها ووالد عيالها، واهتم الإسلام اهتماما بالغا في الجانب الجنسي لدى المرأة فجعل من حقها طلب الطلاق للضرر إن وجدت الرجل غير قادر على إشباع رغباتها الجنسية والعاطفية.

الحرية أساس نهضة المجتمعات، لكن الحرية ما كانت تعني البهيمية في يوم من الأيام، بل الحرية في هذا المجال أن ترتبط جنسيا وعاطفيا بمن تختار، وفق القواعد والضوابط التي تحفظ كرامة الإنسان.