اقتباس:إننى مضطر لتكرار غيرى لأنه لم يترك لى شاردة ولا واردة إلا وبحثها كما لم يترك لنا الصينيون مكانا فى بكين إلا ومشوا فيه ثم ليست كل المعارف تراكمية فالتراكم فى العلوم التى تقوم على التركيب أما العلوم التى مقصدها التجريد فتنتهى سريعا إلى غاياتها كل ما هنالك فذلكات وشروحات وسرقات علمية ونسبة الفضل لغير أهله
لا طبعاً، ما يقوله صاحبنا "حارث" ليس صحيحاً ... فالفلاسفة الكبار لم يعرفوا من خلال "تكرارهم" لمقولات من سبقوهم بل لما "أضافوه وابتكروه" على هذه المقولات أو لنسفهم لهذه المقولات نفسها.
يعني، "أفلاطون" خرج من تحت عباءة "سقراط" ليس في الكتابات "السقراطية" الأولى بل في "لجمهورية" وما تلاها. وأرسطو خرج من تحت عباءة أفلاطون ليس في اتباعه نهج أفلاطون ولكن بعد أن رسم طريقاً لنفسه يعاكس طريق أفلاطون ويخالفه (حتى لو حسب "الفارابي" أنهما متفقان).
الرواقيون لم يشتهروا لأنهم كرروا مقولات المدرسة السقراطية ولكن لأنهم باشروا العالم بفلسفة جديدة عليه.
يوحنا الأكويني لم يصبح أكبر أستاذ في العصور الوسطى لأنه قرر مقولات الآباء المسيحيين والقديس أوغسطين، بل لأنه استلهم أرسطو وابن رشد وأسس لإدخال العقل إلى الفلسفة المسيحية الوسيطة.
ديكارت لم يعرف لأنه حاول إثبات وجود الله على غرار فلاسفة القرون الوسطى، ولكنه اشتهر لأنه أوجد "الطريقة" التي فتحت عهداً جديداً للفلسفة وأساساً للفلسفة الحديثة.
"هوبس ولوك وروسو" لم يذع صيتهم لأنهم اجتروا كتابات قديمة ولكن لأنهم "فلاسفة العقد الاجتماعي" ومؤسسي الدولة الحديثة بمفاهيمها المتشعبة.
"فولتير" لم يذكر اسمه لأنه كتب تاريخ "بطرس الأكبر" و"صادق" و"كانديد"، ولكن لأسلوبه الفذ الفريد ولإضافته العظيمة في تبويب مواد التاريخ، ولكون كتابته وقوداً للثورة الفرنسية.
"كارل ماركس" لم يكن ليذكره التاريخ لو لم يعد تفسيره من جديد على أساس اقتصادي في "رأس المال".
"نيتشه" كان سوف يبقى مجرد "استاذ للفلسفة في جامعة أوروبية" لو لم يقم "بقتل الله" وتعرية الفلسفة الدينية عامة و(المسيحية على وجه الخصوص) وخلق "السوبرمان" ... وهكذا دواليك.
"الإبداع" هو العامل المميز للإسهام الفلسفي وليس الاجترار و"علك الكلام"، لذلك خرّجت لنا الديانات "رجال دين" ولم تخرج فلاسفة وحكماء.
عموماً، هذا كله للأسف خارج الموضوع، فموضوعنا هو "الأخلاق وعلاقتها بالدين" و"لاأخلاقية المؤمنين".
واسلموا لي
العلماني