{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #53
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود


[CENTER][SIZE=4]الحب


الحب و الهوى و الغرام خداع ألوان ، ما نراه في المحبوبة مثلما نراه في قوس قزح ، جمال ألوان قوس قزح ليس من قوس قزح نفسه و لكنه من فعل نور الشمس على رذاذ المطر المعلق في الهواء .. فإذا غابت الشمس و جف المطر اختفت الألوان و ذهب الجمال .

و هكذا محبوبتك جمالها فيما يتجلى عليها من خالقهاو سلفة.


حتى السجايا الحلوة و النفوس العذبة و الخلال الكريمة هي بعض ما يتجلى فينا من أسماء خالقنا الكريم الحليم الودود الرءوف الغفور الرحيم ..

أليست هذه أسماؤه ... !؟


و هل نحب حينما نحب إلا أسماءه الحسنى حيثما تحققت و أينما تحققت .

و هل نحب حينما نحب إلا حضرته الإلهية في كل صورة من صورها .

و الحكيم العارف من أدرك هذه الحقيقة فاتجه بحبه إلى الأصل .. إلى ربه و لم يلتفت إلى الوسائط و لم يدع بهرج الألوان يعطله .. و لم يقف عند الأشخاص .. فهو من أهل العزائم لا تعلق له إلا بربه .. لقد وفر على نفسه خيبة الأمل و انقطاع الرجاء و خداع الألوان.

لقد أحب من لا يهجر ، و عشق من لا يفتر ، و تعلق بمن لا يغيب ، و ارتبط بمن لا يموت ، و صاحب من بيده الأمر كله و ساهم في البنك المركزي الذي يخرج منه النقد جميعه .. و هام بالودود حقا ذاتا و صفاتا و أفعالا .

و ذلك هو مذهب العارفين في الحب ..


فهل عرفت ...
و إذا كنت عرفت .. فهل أنت بمستطيع ..

و مذهب العارفين ليس مجرد معرفة .. و لكنه همة و اقتدار و كدح و مغالبة .. و النفس لا تستطيع أن تعشق إلا ما ترى و لا أن تتعلق إلا بما تشهد بصرا و سمعا و حواسا .

أما تعلق الفؤاد بالذي ليس كمثله شيء فمرتبة عليا لا يوصل إليها إلا بالكدح و الكفاح و الهمة .. و قبل ذلك كله .. بالتوفيق و الرضا من صاحب الأمر كله ..


و لهذا أدرك العارفون أن هذا أمر لا يمكن الوصول إليه إلا ركوعا و سجودا و ابتهالا و عبادة و طاعة و خضوعا و خشوعا و تذللا و تجردا و إن هذه مرتبة لا تنال بشهادة جامعية و لا بماجستير أو دكتوراه ، أو تحصيل عقلي .. و لكنها منزلة رفيعة لا مدخل إليها إلا بالإخلاص و سلامة القلب و طهارة اليد و القدم و العين و الأذن و لا سبيل إليها إلا بخلع النعلين ( إشارة إلى قول الله تعالى لموسى : فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى - داعية السلام ) .

تخلع جسدك و نفسك ..

و ليس مقصود القوم هنا هو الزهد الفارغ و التبطل .. و إنما أن تخلع حظك و أنانيتك و شهوتك و طمعك و شخصانيتك ، و أن ترتد إلى الطهارة الأولى اللاشخصانية التي تعطي فيها و تحب دون نظر إلى حظ شخصي أو عائد ذاتي .. فهي حالة عمل و عطاء و بذل و ليست حالة زهد فارغ و تبطل .. و هي في ذروتها حالة فداء و تضحية في سبيل إعلاء كلمة الله .. تضحية لا تنظر إلى نيشان أو نصب تذكاري .. و لكنها تبذل المال و الدم و النفس لوجه الله وحده .

و يقول العارفون إن مائدة الاستشهاد هي أعلى موائد التكريم و لا دخول إليها إلا ببطاقة دعوة من صاحبها . و لا دخول إليها اقتحاما أو قهرا و تبجحا .. و إنما هي دعوة من الكريم يتلقاها صاحب الحظ بالتلبية و الهرولة و يتلقاها المحروم بالتكاسل و التخاذل .. و التخلف ..

ذلك هو الحب في مذهب القوم ، و هو غير الحب في مذهب منتجي أفلام السينما و مؤلفي الرومنتيكيات ، و هو أيضا غير الحب عند الكثرة الغالبة من الناس .. حيث الحب هوى و نار و شهوة و جريمة و صدور عارية و مجوهرات . و لحظات تتألق بالشعر ثم ما تلبث أن تخبو وتنطفئ و تترك رمادا من الأكاذيب .
(( وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (21) )) ( يوسف )
(( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (63) )) ( العنكبوت )
(( إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ (116) )) ( الأنعام )
((وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا (36) )) ( يونس )
(( إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ (23) )) ( النجم )
(( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ (44) )) ( الفرقان )

هكذا يعلمنا القرآن أن الكثرة لا تعرف أما العارفون فقليل ما هم و لكن الصحافة التي تخاطب الكثرة و السينما التي تتملق الجماهير و المؤلفين الذين يطمعون في الرواج و الشعراء الذين يتبعهم الغاوون يتغنون بألوان أخرى من الحب . و يتيهون معا في أودية الغفلة التي تنتهي بنا إلى جنون قيس و انتحار جوليت و سقوط راهب تاييس و مباذل فالنتينو و جرائم آل كابوني و موائد مونت كارلو .
و المنتجون عندنا أكثر تواضعا فهم يكتفون بكباريهات شارع الهرم .

و هو أمر قديم قدم التاريخ منذ أيام بابل ، و منذ أيام أنطونيو و كيلوباتره و منذ أيام الفراعنة و الإغريق و الرومان .. و نقرأ في كتاب الموتى هذه السطور التي كتبها الحكيم المصري منذ خمسة آلاف عام .
لا تنظر إلى امرأة جارك فقد انحرف ألف رجل عن جادة الصواب بسبب ذلك .. إنها لحظة قصيرة كالحلم و الندم يتبعها .
إنها معارف قديمة منذ أيام آدم .. و قصة بائدة منذ مقتل هابيل .
و لكن لا أحد يذكر .. و لا أحد يعتبر .. و لا أحد يتعلم من الدرس .
و أكثر الذين يعرفون لا تنفعهم معرفتهم بسبب ضعف الهمم و تخاذل الأنفس و غلبة الشهوات .

إن السلالم إلى الأدوار العليا موجودة طول الوقت ، و لكن لا أحد يكلف نفسه بصعود الدرج و الأغلبية تعيش و تموت في البدروم ...
و لو كلف أحد منهم نفسه بالصعود .. و تحمل مشقة الصعود و شاهد المنظر من فوق ، لبكى ندما على عمر عاشه في البدروم بين لذات لا تساوي شيئا
و لكنه الضعف الذي ينخر في الأبدان .

و البشرية تسير من الضعيف إلى الأضعف ، و الأجيال الجديدة أكثر ضعفا و أكثر تهافتا على العاجل البائد من اللذات ، و اقرأ المقال من أوله و اسأل نفسك .. من أي مرتبة من البشر أنت .. هل أنت عارف .. و إذا كنت عارفا .. فهل أنت بمستطيع ..

و ابك ما شئت من البكاء فلا شيء يستحق أن تبكيه .. لا فقرك و لا فشلك و لا تخلفك و لا مرضك .. فكل هذا يمكن تداركه أما الخطيئة التي تستحق أن تبكيها فهي خطيئة البعد عن إلهك ..

فإن ضيعت إلهك .. فلا شيء سوف يعوضك .
و كل أحلام الشعراء لن تغنيك شيئا .




:redrose:





09-21-2006, 06:26 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود - بواسطة داعية السلام مع الله - 09-21-2006, 06:26 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  من سلبيات الخطاب الإسلامي المعاصر/ الدكتور عصام البشير فارس اللواء 0 1,196 01-03-2012, 09:16 PM
آخر رد: فارس اللواء
  انتفاضة البحرين وآفاق الحوار/ بقلم محمود إسماعيل فارس اللواء 0 1,130 09-13-2011, 12:27 PM
آخر رد: فارس اللواء
  رد الدكتور سليم العوا علي الشيخ حازم شومان بشأن أفكاره عن الليبرالية فارس اللواء 5 3,055 08-03-2011, 09:05 PM
آخر رد: فارس اللواء
  مؤمن مصلح يسأل هل سمعتم عن الدكتور داهش؟ مؤمن مصلح 20 6,987 06-24-2011, 07:42 AM
آخر رد: Rfik_kamel
  الدكتور مهاتير محمد نجاح بلا حدود السيد الحسيسى 0 1,454 01-14-2011, 01:25 AM
آخر رد: السيد الحسيسى

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS