{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الحب أم الحرية؟
Albert Camus غير متصل
مجرد إنسان
*****

المشاركات: 1,544
الانضمام: Jun 2004
مشاركة: #5
الحب أم الحرية؟
مساء الفل.
شكرا لكم
بعض الردود جاءت واضحة ومحددة، والبعض الآخر لم أفهم منه شيئاً فيما يتعلق بمشكلة "شوقي عادل" أو مشكلة " اللامنتمي".

دعوني أطرح المشكلة بطريقة أخرى في شكل تبسيطي آخر.
غير أنّه لا بد من التنبيه عن خطورة التبسيط، فالتبسيط عادة ما يخل بتعقيد المسألة. ومع ذلك له الفضل في تقريب الفهم.

لنتخيل معاً أن العالم كله مليء بالسحالي فقط، وأنّه لا يوجد بشر، فقط سحالي والمزيد من السحالي.
وهذا العالم مقسم إلى بقع دائرية ملونة، تختلف كل بقعة في لونها عن الأخرى.
وهذه البقع الأرضية الملونة تلتقي كلها عند بقعة بيضاء في المنتصف. هي بقعة لا لون لها ولكن من باب التجاوز قلت أنّها بيضاء.
لنقل أنّ السحالي هنا هي بديل البشر.
والبقع الملونة هي الجماعات الدينيّة والسياسية والحركات الإجتماعيّة سواء كانت دينيّة أو لادينيّة.
وألوان هذه البقع هي رمز الأفكار والعقائد التي تنادي بها تلك الحركات والجماعات.
واللون الأبيض الذي تلتقي عنده كل البقع في المنتصف هو المباديء والأفكار التي اتفقت عليها كل تلك الحركات والجماعات ولم تختلف عليها في شيء. ( تقريباً لو بحثنا فيها بالتفصيل فلن نجد أي مبدأ متفق عليه أصلاً سوى في المسميات فقط لا في مضمون المبدأ.. ولكن لنتجاهل هذه النقطة الآن تجنباً للتعقيد ونفترض أن هناك مباديء متفق عليها بشكل عام ).

وكما نعلم فإن السحالي تتلون بمثل لون البقعة التي تقف عليها من الأرض. ومشكلة تلك البقع هي أنّها دائماً في حالة عداء بينها وبين بعضها ، وطبعاً هذا العداء هو بين السحالي التي تقف فوق هذه البقع، لأنّ البقع نفسها هي مجرد قطع ملونة على الأرض لا حياة فيها ولا معنى لها، وإنّما العداء هو بين السحالي التي تلونت بألوان هذه البقع عندما وقفت فوقها لوقت طويل جداً، بحيث أنّ كل سحلية منها أصبحت تنظر إلى لونها ولو بقعتها وتعجب جداً بنفسها إلى حد أنّ إعجابها هذا جعلها تحتقر السحالي ذات الألوان المختلفة والتي تقف على البقع الملونة الأخرى. وكثيراً ما نشبت حروب ومعارك ضارية بين السحالي الملونة بغرض القضاء على السحالي ذات الألوان المختلفة حيناً، وبهدف توسيع رقعة الأرض الملونة بلون ما على حساب البقع الأخرى الملونة بألوان مختلفة أحياناً أخرى..
هناك بعض السحالي - القليل منها جداً - انتبهت إلى تلك البقعة البيضاء التي تتفق عليها كل السحالي على الأرض ( يمكن أن نقول أنّها "لاشيء" أو أنّها مجموعة المباديء "الإسميّة" كما قلت سابقاً ).

خرجت هذه السحالي من بقعها الأصليّة الملونة ووقفت على تلك البقعة البيضاء حتى تلونت باللون الأبيض الشفاف، وأصبحت خارج نطاق الحرب والقتال. " شوقي عادل" كان احد هذه السحالي ( على أساس أن السحالي في تلك الأرض كانت تأخذ أسماء بشرية).

مشكلة "شوقي عادل" ومشكلة السحالي المماثلة له، هي أنّه لم يستطع أن يلتقي بسحالي أخرى تقف على نفس البقعة البيضاء.
وذلك لاعتبارات أهمها: أنّ البقعة البيضاء كبيرة جداً ومساحتها شاسعة مثل مساحة قارة بأكملها ( لو اخذنا بالاعتبار حجم السحلية مقارناً بحجم قارة كأفريقيا مثلاً). بينا عدد السحالي التي تقف على تلك البقعة البيضاء قليل جداً، لنقل أنّه مثل مساحة "حي في مدينة صغيرة للسحالي"، وهي مشتتة على تلك البقعة بحيث أن احتمال لقاء إحداها مع الأخرى يكاد يكون مستحيلاً.

تأتي هنا مشكلة الوحدة، فمع أنّ "شوقي عادل" يشعر بالطمأنينة كسحليّة وجدت بقعتها المفضلة ، إلا أنّه لم يعد يشعر بالسعادة في بقائه وحيداً في هذه البقعة الكبيرة الخالية من السحالي.
وهنا ذهب "شوقي عادل" إلى حدود "البقعة الحمراء" التي ترتبط مع البقعة البيضاء كما أوضحت من قبل (أنّ كل البقع الملونة تلتقي عندها). وأخذ يبحث عن بعض السحالي الواقفة داخل البقعة الحمراء، وتحدث معها لكي تشاركه حياته على الحدود بين البقعة البيضاء وبين البقعة الحمراء ( أي أنّه لم يكن يريد إقصاءهم عن بقعهم الأصليّة ولم يطلب منهم التخلي عن ألوانهم الأصليّة). رفضت تلك السحالي بشدة ، بل وفزعت منه كأنّه عفريت وليس سحليّة عادية مثلهم، وهربت بعيداً متوغلة في البقعة الحمراء.
صدم شوقي عادل طبعاً بشدة إذ إنّه لم يكن يرى أنّ الأمر يستحق كل هذا الفزع، فما هي المشكلة في أن تكون شفافاً؟ وما هو الضرر في أن تعتقد أن كل البقع الأخرى "عاديّة" وأنّها كبعضها البعض؟ وأن اختلاف ألوانها في الحقيقة لا يعني أي شيء؟
لم ييأس "شوقي عادل" وذهب ليكرر محاولته على حدود البقعة الزرقاء ثم السوداء ثم الخضراء..الخ، وفي كل مرة قوبل بنفس الرفض والفزع والهروب وأحياناً بالعداء.
فكل السحالي اشترطت على شوقي عادل أن يكون ملوناً وليس هذا فقط، بل أن يكون لونه مثل ألوانها. ولم تقبل أن تبقى هي ملونة وتتركه يحتفظ ببياضه الشفاف.
أخيراً، وفي طريق عودته يائساً إلى قلب البقعة البيضاء ، حيث كان يعلم أنّه سيمكث وحيداً في المنفى إلى الأبد. وجد سحلية ظريفة تحدثت معه من فوق بقعتها الملونة. والتي كانت تقف فوقها، وبالتالي تتلون بلونها، ولنقل أن تلك البقعة هي الزرقاء مثلاً.
وكانت السحالي في البقعة الزرقاء في حالة عداء شديد مع السحالي الحمراء والوردية والسوداء... وكانت تعتقد أنّ تلك السحالي يجب أن تباد من الوجود وأن يتم تغيير ألوان بقعها الأسود والوردي والأحمر إلى "الأزرق" حتى يعم السلام على الأرض.
وقف "شوقي عادل" على أطراف حدود البقعة البيضاء الشفافة، وامامه السحلية الظريفة التي وقفت على حدود البقعة الزرقاء، وتحدثا لمدة يوم ثم افترقا، وكان حديثاً وديا لطيفاً.
ولكنّه لم يكن حواراً لطيفا بلا سبب، بل كان هناك سبب قوي.
وهو أنّ "السحلية الظريفة" كانت تعاني ذلك اليوم من حالة "عمى ألوان" مؤقتة.
فلم تستطع أن ترى أنّ "شوقي عادل" هو في الحقيقة سحلية بلا لون، وأنّه ينتمي إلى اللاشيء أو إلى "البقعة البيضاء الشفافة" التي لا تعادي أي لون. وعلى هذا حسبته أزرقاً مثلها وتبسطت معه في الحديث.
أما هو فكان على الرغم من لونها الأزرق، يستطيع أن يرى اللون "الأبيض الشفاف" الموجود بداخلها والذي ينتمي إلى نفس بقعته التي يقف عليها. وأدرك حينها أن كل السحالي هي في الحقيقة مثله..أي أنّها في جوهرها الداخلي تنتمي للبقعة البيضاء الشفافة.
هنا وجد السحليّة "شوقي" نفسه في مأزق كبير:
فإمّا أن يختار البقاء في المكان الأبيض الشفاف الذي هو فيه، ويفترق إلى الأبد عن تلك السحلية الظريفة وعن غيرها من السحالي (لأنّها عندما تشفى من حالة عمى الألوان سترفض تماماً لونه الشفاف وانتماءه إلى "اللاشيء" ) وبالتالي ينعم بطمأنينته الداخليّة. وعندها سوف يدفع ضريبة قاسية وهي افتقاره للسعادة بسبب الوحدة، وبسبب كونه سيعيش منبوذاً إلى الأبد في الفراغ.
وإمّا أن يلحق بالسحلية الزرقاء إلى داخل حدودها، ويحاول أن يتجاهل كونها زرقاء، وكونها تكره كل السحالي الحمراء والسوداء والوردية ، بل وحتى البيضاء الشفافة من أمثاله، ولو فعل ذلك فسوف تنتهي إلى الأبد مشكلة وحدته. إلاّ أنّه سيدفع ضريبة تخليه عن حريته التي وسعت كل الألوان. ويتصنّع هو الآخر أنّ لونه أزرق وأنّه يكره السحالي الحمراء والوردية والسوداء...
وهكذا سيعيش سعيداً لأنّه لم يعد وحيداً، ولكنّه غير مطمئن كما كان في البقعة البيضاء من قبل، لأنّه سيضطر إلى ارتداء لون يرى هو أنّه لا لزوم له، وسيضطر إلى معاداة ألوان يرى أنّها لا تشكل له أي تهديد وأنّها لا تختلف عنه وعن سحليته الزرقاء في شيء.
وهو لو فعل ذلك فسيفعله على أمل أنّ الحياة "كسحلية زرقاء" لا بأس بها على أية حال، وأن الألوان لا تختلف عن بعضها البعض طالما أنّها في النهاية تلتقي عند البقعة البيضاء وتتفق عندها، وأن البقعة البيضاء نفسها لا تختلف عن الألوان طالما أنّها متوغلة فيها جميعاً...
ولكن المشكلة الوحيدة هنا هي أنّه سوف يتصنّع أنّه "أزرق متعصب" أمام "سحليته الظريفة" ..فهل يا ترى مرة أخرى :
يبقى السحلية "شوقي عادل" لا منتمياً إلى أي من البقع ، وفي نفس الوقت منتمياً لها جميعاً بوقوفه على البقعة البيضاء الواسعة، ويدفع في مقابل ذلك ضريبةً فيما سيعانيه من وحدة إلى الأبد؟
أم يتنازل عن "عدم انتمائه إلى شيء" أو "انتمائه لكل شيء" هذا ويذهب ليعيش حياته كباقي السحالي مع سحليّة ظريفة تشاركه معنى السعادة، ويلقي خلفه بأحلام البقعة البيضاء التي لا تريد السحالي أن تعترف بها، ويدفع ضريبة هذا الإختيار وهذه السعادة في كونه سيعيش كسحليّة ذات لون زائف إلى الأبد؟

وبالمناسبة : ليست المشكلة هي أنّ السحلية الظريفة تنتمي إلى "البقعة الزرقاء" بالذات. فنفس الشيء سيتكرر مرة أخرى لو التقى السحلية " شوقي" بسحالي من بقع ذات ألوان أخرى.
وللأسف لا توجد سحالي في البقعة البيضاء إلاّ على بعد آلاف الكيلومترات كما أشرت من قبل، بالإضافة إلى قلة عددها الشديد حتى تكاد تكون منعدمة.

والآن إذاً...الحرية أم الحب في حالة أخينا "اللامنتمي" ؟

09-23-2006, 04:50 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الحب أم الحرية؟ - بواسطة Albert Camus - 09-23-2006, 07:51 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة تيامت - 09-23-2006, 09:59 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة nimel - 09-23-2006, 12:14 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة Arabia Felix - 09-23-2006, 12:16 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة Albert Camus - 09-23-2006, 04:50 PM
الحب أم الحرية؟ - بواسطة Albert Camus - 09-23-2006, 06:30 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة بوعائشة - 09-23-2006, 08:20 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة كمبيوترجي - 09-24-2006, 01:57 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة maryam - 09-24-2006, 05:57 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة ريمة - 09-25-2006, 03:30 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة أبو إبراهيم - 09-25-2006, 04:08 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة Deena - 09-26-2006, 07:39 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة maryam - 09-26-2006, 09:09 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة Albert Camus - 09-26-2006, 09:27 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة ريمة - 09-28-2006, 08:01 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة ابن سوريا - 09-29-2006, 11:46 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة salim - 10-01-2006, 03:14 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة هاله - 10-01-2006, 03:51 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة Albert Camus - 10-01-2006, 04:25 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة salim - 10-02-2006, 03:25 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة ريمة - 10-02-2006, 09:51 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة salim - 10-04-2006, 03:23 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة Albert Camus - 10-05-2006, 10:30 PM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة salim - 10-07-2006, 02:04 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة Albert Camus - 10-07-2006, 02:24 AM,
الحب أم الحرية؟ - بواسطة salim - 10-07-2006, 03:10 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  كم منا يبحث عن الحب في نفسه؟ فارس اللواء 0 411 02-07-2013, 09:01 PM
آخر رد: فارس اللواء
  هل الزواج هو مقبرة الحب .؟ Reef Diab 4 1,041 01-09-2013, 06:34 AM
آخر رد: السيد مهدي
  الحب و سنينه marie 6 1,355 10-23-2012, 05:38 AM
آخر رد: marie
  طوبى لقلب لا يطـرح الا الحب .. و الفرح Reef Diab 11 3,028 05-03-2012, 07:41 PM
آخر رد: بهجت
  أغاني مقاومة .. أصوات الحرية .. أصوات العروبة و القومية بهجت 74 19,765 04-23-2012, 12:32 AM
آخر رد: بهجت

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS