مساء الفل

الزميل العلماني (f)
سأكتب مداخلة على السريع وأعود لقراءة تعقيبك الأخيرة مرة أخرى وقد أعود لأعقب فيما بعد.

1- ما يجعلني متخوفاً من رؤيتك هو أنّها لا تقدم لي تفسيراً لبعض الجوانب من انتشار الإسلام والتي نراها مثلاً اليوم، وقد أشارت لها الزميلة نسمة عطرة وغيرها من الزملاء، وهي كلها عموماً تدور في إطار انتشاره السلمي في كثير من الأحيان. ولهذا كان لا بد أن أشير إلى الأسباب التي سببت هذا الإنتشار والذي أعلنت الزميلة نسمة عطرة احتيارها أمامه. وأعتقد أنّه بالأخذ بالإعتبار هذه "الإيجابيات" قد ننجح في تقديم تفسير شامل لـ "انتشار الإسلام".

2- أخشى من تقديم محمد كقائد عسكري ذي غطاء ديني.
لأنّ هذه الصورة لا تفرق بينه وبين أناس مثل الإسكندر المقدوني أو قيصر، وهم الذين نادوا بديانات لم تحظ بما حظي به الإسلام من انتشار ( انتشرت بشكل واسع في الهند وفي اليونان وفي مصر كذلك عبادة الإسكندر ولكنّها كانت موقوتة وسرعان ما اضمحلت دون أن يبكي عليها أحد )
ولهذا أفضّل النظر إلى محمد كمرشد روحي ذي غطاء عسكري.
هذه التفرقة برأيي ليست مجرد لعب بالكلمات أو فذلكة.
فالفرق عندما أفكر فيه واضح : الإسكندر المقدوني مثلاً كان رجلاً توسعياً لا يكترث بالدين، ولكنّه "صنع ديناً" ليدعم به جيوشه.
أمّا محمد فكان رجل دين يبحث عن معنى الوجود ولم يكن يكترث بالحكم في البداية (هكذا أظنّ) ثم "صنع جيشاً" حتى ينشر رؤيته في العالم لينقذ بها العالم (هكذا كان يظنّ).
في هذا ربّما أقول لك أنّني متأثر بكارين أرمسترونج..

3- أود التنبيه على أنّني لا أرى تلك النقاط التي سميتها بـ "الإيجابيّات" على أنّها إيجابيّات إطلاقاً. بل لديّ تحفظاتي على العقوبات الوحشية الجنائية وعلى الصورة العبثية التافهة للجنة والجحيم وعلى تحقير المرأة واستغلال الرقيق وعلى تصور الإله المنفصل عن المكان والزمان والمتربع على عرش "فوق سقف" الكون وغير ذلك من النقاط. ولكن هذا ليس مكانه هنا وإنّما في ساحة العقائد والأديان والتي ابتعدت عنها تماماً (شكراً لأفروديت ).

هذه الملحوظة الأخيرة ليست لك يا زميل العلماني، فأنا أعلم أنّك تدرك قصدي جيّداً.

وإنّما هي تنبيه للزملاء بأنّ إجابتي السابقة كانت عن سؤال مفاده ( ترى لماذا انتشر الإسلام في ذلك الوقت "وقت محمد وما يليه" ؟ )

وليست إجابة عن (ترى ماذا تعتقد في الإسلام في العصر الحالي؟ ).

لذا وجب التنبيه على الفصل بين عوامل انتشار دين ما حين تؤخذ في سياقها التاريخي والإجتماعي القائم وقت ظهور ذلك الدين بحيث يتم تناولها بموضوعية قدر الإمكان، وبين رؤية شاملة لما جاء به هذا الدين من ناحية لاهوتية وتشريعية ناقدة ومقارنة.. و تطبيقاتها في العصر الحالي.(والتي محلها ساحة العقائد والأديان كما قلت ).

سأظل متابعاً

أراكم بعد حين