تحية طيبة يا ابن العرب (f)

الهروب من الواقع وافتراض يوتوبيا شيء مرفوض أيضا مش كده ؟

لازم نفهم " الواقع " عشان نعالجه صح بدلا من أن نفترض هلاميات غريبة عن عالمنا ...

فكرة الحرب والتدافع فكرة من مسلمات الاجتماع الانساني بسبب تقاطع المصالح وتشابك العلاقات واخترف الغايات والاهداف ....مما يترتب عليه " حتمية " الصراع ... لازم ..

لاتظن انك حين تعارض فكرة العنف فسوف يعني ذلك إلغاء تاريخ الحملات الصليبية قديما ومجازر أوروبا الشرقية حديثا .... لن ينسى الضمير الانساني محاكم التفتيش الوحشية بمجرد افتراض يوتوبيا وهمية يجب أن نسعى اليها ...

وبدلا من ذلك الخيال , فلنبحث ماهي آداب الحرب في الإسلام مثلا ؟ مثلا !

سنجد أخلاقيات عالية جدا , وتحريم لقتل المدنيين عند الفتح والانتصار , وتأمين أهل البلدة المفتوحة , والحفاظ على النساء والأطفال والشيوخ , بل حتى الرجال ماداموا ( مدنيين غير محاربين ) لماذا ؟

لأن هدف الحرب والقتال هدف نبيل أصلا , وهو بأمر الله وليس جمعا للأموال أو بحثا عن السلطة , ولذلك ليس غريبا أن تصدر عنه مثل تلك الاخلاقيات العالية ....

إن نظام الحرب في الاسلام نظام صادر عن سلطة عليا حكيمة رحيمة بالبشرية , ومنزهة عن السفاسف والاطماع الدنيئة .. هدفها تنظيم حياة البشرية ورعايتها تحت سلطة موحدة يكون الحكم فيها لله وليس للطواغيت , لذلك لاتجد فيها الا العدل وعدم الظلم ولا الاعتداء ...إن نتائجها مختلفة لأن أهدافها منذ البداية مختلفة .

أعلم أن مثل هذا الكلام لن يروق الكثيرين وسيقولون نحن لسنا مراهقين حتى نخضع لسلطة غيرنا , ولكني أقول لهم :

إذا كانت هذه هي الحقيقة , فماذا أنا فاعل لكم ؟
الله هكذا قضى وهكذا أراد , لأنه ليس إلها غائبا وانما قد خلق الدنيا كلها أصلا لكي تقوم علاقة حميمه بينه وبين عباده , هذه العلاقة قد أفسدها شياطين البشر , ولذلك يجب أن ( يتأدبوا ) ويزول شرهم ...

وطبعا هذا قاصر عليهم فقط وليس هناك ذنب للمدنيين كما يحدث في كل حروب البشر وعلى رأسها مجازر النصارى ...

إن طبيعة الحرب في الاسلام مختلفة جملة وتفصيلا عن غيرها ..

أرأيت كيف أن الأمور مقلوبة , وأن الظاهر للناس هو عكس الحقيقة تماما ؟


(f)