اقتباس:  ابن العرب   كتب/كتبت  
عزيزي Futurist،

يقول صاحب الموقع:

حال إعلان المسيحية ديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية....

نحن نتحدث عن القرن الرابع الميلادي. هل هذا إعلان رسمي أن القرون الثلاثة الأولى للمسيحية نظيفة تماماً؟!

حسب ما أذكره من دراستي، أن الإمبراطور جعل المسيحية ديانة رسمية.  وأمر اعتناقه للمسيحية مشكوك فيه، أي الأرجح أنه بقي على وثنيته. وأعتقد أن الوثنية والمسيحية بتاتا مسموح بهما. إذن الحديث يدور عما بعد قسطنطين. وهذا يحتاج إلى دراسة مستفيضة.

إذن، رفعنا العنف والسيف عن المسيح (الذي لا وجود له بعرف الكندي)، وعن التلاميذ وعن آباء الكنيسة حتى بداية القرن الرابع.

تحياتي القلبية

يا ابن العرب، كلا، لم ترفع السيف والعنف عن أحد بل رفعته عن خيال. خيال صاغته الكنيسة على مزاجها وكما تشاء عبر عملية تزوير هائلة هي مجمع نيقية وما تلاه.

عجيب جدا هذا المنطق الذي تتداوله: سآخذ قطعة من خيال وسأصيغها بالشكل الذي أشاء ثم امشي متباهيا كيف أن ما صاغه خيالي "مرفوع عنه السيف والعنف" :).

ثم نأتي لمن تسميهم تلامذته: من هم، متى واين ولدوا؟ متى ماتوا؟ أين هي قبورهم؟ إذا كان يستحيل التحقق من وجود شخصية المسيح تاريخيا، فكيف نتحقق من وجود تلامذة له؟ وإذا كان بالأمكان إثبات وجود هؤلاء التلامذة، الا يعني ذلك القدرة على التحقق من وجود المسيح؟ :)

إذا أنت رفعت السيف والعنف عن خيال. برافو .. يا له من إنجاز تستحق عليه التصفيق والإعجاب. وأنا أيضا، بإمكاني أن اصيغ خيالا وأجعله الها وارفع عنه ما أشاء وانسب اليه ما أشاء .. هل الخيال عليه قيود؟؟

وبما أن الموضوع هو عن عنف المسيحية، وبما أن المسيحية أمر واقع وليس خيالا "كالمسيح وتلامذته" .. أمر نلمسه ونعرفه من خلال معرفة خصائصه ورجالاته وتاريخ ممارسات شعوبه .. فبالأمكان التحقق من الإدعاءات عن كونه عنيفا أم مسالما وهذا أمر لا رغبة شخصية لي في الخوض فيه بأية تفاصيل لأنني لست من هواة الجدل في المعلوم.

لكن لننظر الى تساؤلك في بداية المداخلة "هل هذا إعلان رسمي أن القرون الثلاثة الأولى للمسيحية نظيفة تماماً؟". وردا على هذا السؤال لدي وجهة النظر التالية:

أية مسيحية هذه التي نتحدث عنها قبل مجمع نيقية (عام 325 م) الذي تلى بشكل مباشر تقريبا "اعتناق" قسطنطين للمسيحية؟. مجمع نيقية هو الذي عرّف المسيحية التي نعرفها اليوم، وبناها وبنى عقائدها؛ إلهها وملائكتها وكتبها ورسلها ويومها الآخر :). لم تكن المسيحية قبل نيقية سوى مجموعات مختلفة ومتفاوتة من المعتقدات اليهودية المهرطقة، والأسم الحقيقي لمعتنقيها كان "اليهود المسيحيون". إذا تصوير وجود "الدين المسيحي" قبل نيقية هو تضليل وخرافة.

ومع ذلك يمكننا أن نسأل: هل كانت هذه المجموعات "اليهودية المسيحية" عنيفة، أو هل مارست العنف؟ قبل أن نجيب على هذا السؤال علينا أن نسأل: هل بإمكاننا أن نفصل هذه المجموعات "المسيحية اليهودية" عن غيرها من اليهود في تلك الفترة؟ هل كان لهذه المجموعات "تاريخ منفصل" عن التاريخ اليهودي؟ كلا .. ليس بالأمكان فصل يهود عن يهود. هؤلاء اليهود المسيحيين كانوا كغيرهم من اليهود خاضعين للسيطرة الرومانية التي لم تكن لتتهاون مع أعمال الشغب والعنف وكان جزاء الشغب أوالثورة لدى الرومان، كما نعلم، الصلب والقتل ... وذكرى تدمير الهيكل عام 70 م ليست ببعيدة عن ذاكرة اليهود حينئذ.

لكننا نعلم بكل تأكيد أن الفترة التي سبقت "دخول قسطنطين المسيحية" هي فترة عنيفة بسبب الحروب التي أدت الى تتويج قسطنطين امبراطورا .. هذه الحروب شهدت مساندة المسيحيين له ضد خصومه فهكذا (كما تقول الاسطورة) اكتشف قسطنطين علامة الصليب في السماء وانتصر.

الخلاصة: لم يكن "للمسيحية" أية قدرة على العنف والسلاح قبل دخول قسطنطين فيها. وما أن تحقق ذلك حتى انفجرت طاقاتها العنيفة ولم تتوقف بعد .. أم عساني مخطئا وجورج دوبيا لم يستخدم تعبير "إنها حرب صليبية .." ولا مرة واحدة في خطاباته.

تحياتي