أتابع اليميني إيريك زيمور منذ فترة طويلة، من البرنامج الذي يعرض على قناة iTele - ça se dispute وخناقاته العريضة مع اليساريين، إلى مشاركاته بمحطات فرنسية كثيرة هذه الأيام بفرنسا التي تدعوه بكثافة لطريقة أدائه وتعبيره عن رأيه الحماسي، وأحترم فيه هذا الحماس.
زيمور أراه دوماً متطرف بالرأي، ورغم احترامي له كصحفي، فإني لا أتفق مع أي أفكار يقولها، وهو كصحفي في يومية الفيغارو اليمينية يتميز بجرأته بقول ما لا يقوله الآخرون علانية، في مواضيع الهجرة والأحياء مثلاً، ولكنه أيضاً يقول رأيه بدون لغة خشبية حول صراعات السلطة بين اليمينيين أنفسهم.
بعد هذا فإني لا أعتقد بأن "زيمور" فيلسوف أو عالم اجتماع أو بيولوجي ليتصدى لأمر بخطورة تحليل التاريخ والبيولوجيا والنوع الحي المسمى "الإنسان" ليفسر لنا ماهية الحب.
فحين يقول مثلاً عن الحب بأنه اختراع "المرأة" فعن أي امرأة يتحدث، وكيف يمكن أن يكون تفصيل جنسي تجريدي كالمرأة قادرة على اختراع مفهوم ثقافي؟ متى وأين ومن رآها حين اخترعت المفهوم؟
أعتقد بالأحرى أن تطور طبيعي بيولوجي كما أوردتُ بمقال عن بيولوجيا الحب فيما مضى (في جسور) ، أن هذا هو من أسس للتعلق بما نسميه الحب بين الرجل والمرأة لفائدته وضرورته لاستمرار النوع، بما لا علاقة فيه بالمرأة أو بالرجل كمفاهيم مجردة.
هناك ضرورة طبيعية للتعلق، تقوم بتفعيلها هرمونات أكد على وجودها العلم ومنها هرمونات تعطيل القدرة على الحكم على الآخر، فالحب يجعل من الآخر أجمل شخص أروع شخص وأفضل شخص بالكون ولكن لفترة مؤقتة لحين بلوغ الطفل لمرحلة معينة.
أما الأبحاث العلمية فتركز على أمرين بعلاقة المرأة بالرجل تناقض ما ذهب إليه "زيمور":
أولاً : إن المرأة تبحث عند الرجل على الاستقرار والقوة (عضلية و/أو اجتماعية) والتي تجعلها تشعر بالثقة ليكون سنداً لها في تربية طفلها، كما تبحث عن خصوبته في السرير أيضاً. وليست من تبحث عن الوفاء.
الرجل بالمقابل يبحث عن الخصوبة (من خلال مظاهر الجمال الخارجية) وعن الوفاء بسبب من هاجس وجودي لديه، فالرجل لا يمكنه أن يتأكد من نسبه بالمطلق.
ثانياً : لذا وحقيقةً فإن الرجل هو من اخترع الحب، هو من اخترع الوفاء ليربط المرأة به وليكون متأكداً من نسب ابنه الذي يربيه، هو بحاجة لضمان هذا النسب، هذا الأمر يشكل لديه هاجساً لا يمكن للمرأة أن تفكر به لأنها متأكدة بشكل طبيعي من نسبها. لذا فإنه يبحث بشكل هستيري أحياناً عن المرأة الوفية، هذه الهستيرية وصلت لحدود مرضية في التاريخ البشري (حجاب، قرن في بيوتكن، نقاب، وعجائب دينية وغير دينية كثيرة أخرى.. )، فالمرأة لدى الرجل متهمة دوماً بالخيانة إلى أن تثبت براءتها.


مع فائق التحيات.
:redrose: