فيلم جميل جداً، ويستحق المشاهدة وفيه إجابيات لا تحصى، ولذلك أذكر فقط السلبيات التي كان الممكن تجنبها والنهوض بالفيلم إلى القمة :

- الشللية في طواقم التمثيل :

من الجيد أن نرى فيلماً ينتقد الوضع المصري والعربي عموماً، ولكن الفيلم وقع في نفس المشكلة التي نعاني منها جميعنا في مجتمعنا المعاصر، وهي الشللية والمافيات...
لقد أتى عادل إمام، إلى الفيلم بشلته المعهودة : يسرا، أحمد راتب، ومن معهم، وأتى نور الشريف بسمية الخشاب وغيرها...
وهذا من المعيب في فيلم هدفه انتقاد الوضع العربي القاتم.

كما نلاحظ أن عادل إمام ونور الشريف، لم يظهرا معاً في أي مشهد من الفلم، وكأن بينها خصومة أو حرباً خفية. أو كأن ظهور أحدهما مع الآخر يحط من قيمته.

وحتى في شارة المقدمة للفلم، كان اسم عادل إمام وفريقه مفصولاً عن اسم نور الشريف وفريقه، وقد فصل بينهما سرد روائي بصوت يحيى الفخراوي...

أعتقد أن تضافر انفصالهما في المشاهد وفي شارة المقدمة يعبر عما تعانيه السينما المصرية من الشللية التي أقصدها، ومن "كبر رأس" الممثلين الكبار...

- القصة تخلط بين المثلية (homosexuality) والاعتداء على الأطفال ( Pedophily )، وهما معاً يندرجان تحت اسم اللوطية في عرفنا...
فنرى أن مثلية الأستاذ حاتم مردودة إلى ممارسات غير مقبولة من قبل الخدام عندما كان صغيراً...
لا أعتقد أن الكاتب أو محققي الفيلم قصدوا هذا الخلط، ولكن كان حرياً أن يعالج الموضوعان بشكل منفصل، وبالأحرى بشخصيتين منفصلتين.
وليس أصل كل مثلي ضحية طفولية لشاذ Pedophile.

كما أن الإشارة إلى الشذوذ الجنسي في اجتماع مجلس تحرير الصحيفة ورفض حاتم للموضوع، وسخرية زكي باشا منه وهما ينتظران المصعد، ونهاية حاتم بالقتل على سريره من قبل أحد من دعاهم، مع بصقة عليه من القاتل بعد موته، تعبر عن احتقار القصة لهؤلاء الأشخاص، وهذا ينأى بالقصة والفيلم عن معالجة الظاهرة بالسرد والموضوعية، ويدخل القصة في فخ إلقاء الحكم على هذه الظاهرة وبالتالي اللاموضوعية التي كنا نراها من باقي الفلم...

- كان بالإمكان عدم تكرار أغنية "La Vie en Rose " التي تغنيها كريستين (يسرا) مرتين عبر تمريرها مرة واحدة فقط في نهاية الفيلم، حيث تتماشى الأغنية مع النهاية أكثر من البداية...
وكان من الممكن إغناء الفيلم بأغنية أخرى بدل التكرار.

كما كان من المضحك فعلاً رؤية أشباح مصريات في نهاية الفيلم يحضرن العرس، ويزغردن ويصفقن في خلفية هذه الأغنية، وهو ما لا يتماشى إطلاقاً مع روح الأغنية الفرنسية...

- يظهر الفيلم معسكر تدريب للمتطرفين موجوداً في الصحراء المصرية، " لا يعرف عنه الجن" ! وهو بعيد باعتقادي عن الواقع، وغير موجود في مصر خصوصاً وفي بقية الدول العربية عموماً.
كما أن معسكر تدريب للمتطرفين، لا يعرف عنه الجن، يجب أن يكون بعيداً عن خطوط التوتر العالي التي قد تمر ورشات الكهرباء لصيانتها، والتي تظهر واضحة في أثناء التدريبات العسكرية...

- يعالج الفيلم ظاهرة التطرف كنتيجة للفقر، وهو صحيح في الكثير من الحالات. ولكنه لا يأتي بجديد في هذا المجال، حيث عالج "الإرهاب والكباب" و"الإرهابي" هذه الظاهرة سابقاً، كما ظهرت معالجتها في العديد من المسلسلات والأفلام...
وتبقى حالات التطرف التي تأتي من البرجوازية العربية والطبقات الأرستقراطية، والتي كان تأثيرها أكبر داخل وخارج مجتمعاتنا، يتيمة غير معالجة حتى الآن، تنتظر من يتصدى لها ويكتب عنها ويعالجها.

- تنتهي علاقتان جنسيتان عابرتان في الفلم بجريمة في كل منهما، إذ تتم سرقة زكي باشا من نادلة البار، ويتم قتل حاتم من قبل شاب أتى به...
لا أعتقد أن الشعب العربي عموماً بحاجة لمن يخوفه من العلاقات الجنسية، وخصوصاً بوجود النواقيس الدينية والتقليدية التي تقرع في كل مكان من وطننا الحبيب...

ومع ذلك فيلم متفوق على غيره من الأفلام المصرية، ويستحق المشاهدة...

(f)