{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #58
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود


أرى كثيرا من الناس حولي حزانى ومكتئبين , أرثى لحالهم كثيرا وأحزن بصدق .. لذلك أحاول التخفيف عنهم ما استطعت .. فإن كنت منهم فتفتضل اقرأ , إن كنت لست منهم فأنت بالخيار أو بالطماطم :D - داعية السلام .



[CENTER]الانتحار

من العجيب أن التقدم الذي جاء بمزيد من وسائل الترف و الراحة و بمزيد من التسهيلات للإنسان.. قد قابله الإنسان بمزيد من الرفض و السخط و التبرم، فرأينا إحصائيات الانتحار ترتفع مع مؤشرات التقدم في كل بلد..

كلما ازداد البلد مدنيةً ازداد عدد الذين يطلقون على أنفسهم الرصاص و يلقون بأنفسهم من النوافذ و يبتلعون السم و يشربون ماء النار..

هذا غير الانتحار المستتر بالخمور و المخدرات و التدخين و المنومات و المسكنات و المنبهات.. و في مقدمة هؤلاء المنتحرين طلائع فن و فكر وثقافة تعود الناس أن يأخذوا عنهم الحكمة و العلم و التوجيه.

و وصلت الموجة إلى بلادنا فامتلأت أعمدة الصحف بأخبار ابتلاع السم و إطلاق الرصاص و الشنق و الحرق.. و قال المختصون إن نسبة الزيادة الإحصائية تجاوزت العشرين في المائة.. و هو رقم كبير.
و الازدياد متواصل سنة بعد سنة.


و السؤال.. لماذا.. و ما السر؟
و ما سبب الانتحار؟




و إذا تركنا التفاصيل جانباً و حاولنا تأصيل المشكلة وجدنا جميع أسباب الانتحار تنتهي إلى سبب واحد.. أننا أمام إنسان خابت توقعاته و لم يعد يجد في نفسه العزم أو الهمة أو الاستعداد للمصالحة مع الواقع الجديد أو الصبر على الواقع القديم.

إنها لحظة نفاد طاقة و نفاد صبر و نفاد حيلة و نفاد عزم.

لحظة إلقاء سلاح.. يأس.. ما يلبث أن ينقلب إلى اتهام و إدانة للآخرين و للدنيا ثم عداوة للنفس و للآخرين و للدنيا تظل تتصاعد و تتفاقم حتى تتحول إلى حرب من نوع مختلف يعلنها الواحد على نفسه و يشنها على باطنه، و في لحظة ذروة تلتقط يده السلاح لتقتلع المشكلة من جذورها.. و لتقتلع معها الاحساس المرير و ذلك بطمس العين التي تبصر و قطع اللسان الذي يذوق و تحطيم الدماغ الذي يفكر و تدمير اليد التي تفعل و القدم الذي يمشي.

و هو نوع من الانفراد بالرأي و الانفراد بالحل و مصادرة جميع الآراء الأخرى بل إنكار أحقية كل وجود آخر غير الذات.

و لهذا كانت لحظة الانتحار تتضمن بالضرورة الكفر بالله و إنكاره و إنكار فضله و اليأس من رحمته و اتهامه في صنعته و في عدله و رفض أياديه و رفض أحكامه و رفض تدخله.
فهي لحظة كبر و علو و غطرسة و استبداد.
و ليست لحظة ضعف و بؤس و انكسار.
و بدون هذا العلو و الكبر و الغطرسة لا يمكن أن يحدث الانتحار أبدا.
فالإنسان لا ينتحر إلا في لحظة دكتاتورية مطلقة و تعصب أعمى لا يرى فيه إلا نفسه.

و الانتحار في صميمه اعتزاز بالنفس و تأله و منازعة الله في ربوبيته.
و المنتحر يختار نفسه و يصادر كل أنواع الوجود الآخر في لحظة غل مطلق.. في لحظة جحيم..[/COLOR]

( على فكرة أنا مقتنع جدا بهذا الكلام وعجب بفلسفة هذا الرجل جدا , عشان كده باكتب مقالاته هنا لكم - داعية )

و لهذا يقول الله أن من قتل نفسه يهوي إلى جحيم أبدي، ) لأنه قد اختار الغل و انتصر للغل و أخذ جانب الغل عند الاختيار النهائي للمصير.

و الانفراد المطلق في الرأي عصبية و غل و نارية إبليسية.. و النفس المتكبرة الأمارة بالسوء هي نار محضة و ظلمة..

و كل منا في داخله عدة احتمالات لنفوس متعددة.. في داخل كل منا نفس أمارة ظلمانية توسوس له بالشر و الشهوات.. و نفس لوامة نورانية تحضه على الخير ثم كل المراتب النفسية علواً و سفلاً فوق و تحت هاتين المنزلتين.

و كل نفس في حالة تذبذب مستمر بين هذه المراتب صاعدة هابطة فهي حيناً ترتفع إلى آفاق ملهمة و حيناً تهبط إلى مهاو مظلمة شهوانية.

ثم في النهاية تستقر.. فإذا استقرت على الرفض و الكبر و الغطرسة و الغل ثم اقتلعت أسنانها و لسانها و سمعها و بصرها و قطعت رقبتها في غل نهائي لا مراجعة فيه.. هي قد اختارت الجحيم بالفعل.. بل إنها في ذاتها قبضة نار لا مكان لها إلا في الجحيم.

(ناراً وقودها الناس و الحجارة)

يقول ربنا إن هذه النفوس هي وقود النار و جمراتها و مصدر الطاقة النارية فيها، و معنى هذا أنها أشد نارية من النار.

و المنتحر يتصور أنه سوف يتخلص من نفسه، و لكن لا خلاص و لا مهرب لإنسان من ذاته، فهو لن يخرج بالانتحار إلى راحة، بل هو خارج من النار الصغرى إلى النار الكبرى و من النار الزمنية إلى النار الأبدية.

و لنتجنب هذا المصير فإننا لابد أن نتجنب المشكلة أصلاً.

و المشكلة أصلاً هي التعلق.. و من ليس له تعلق بشيء لا ينتحر لشيء.

و لا يجوز عند المؤمنين تعلق إلا بالله فهو وحده جامع الكمالات، الدائم الباقي الذي لا يتغير و لا تخيب عنده التوقعات و لا تضيع الآمال
.

و الله هو المحبوب وحده على وجه الأصالة و ما نحب في الآخرين إلا تجلياته و أنواره، فجمال الوجوه من نوره و حنان القلوب من حنانه فنحن لا نملك من أنفسنا شيئاً إلا بقدر ما يخلع علينا سيدنا و مولانا من أنواره و أسمائه.

فنحن لا نحب في بعضنا إلا هو.


و هو حاضر لا يغيب و لا يهجر و لا يغدر و لا يغلق بابه في وجه لاجىء و لا يطرد من رحابه ملهوف.

فالواقفون عنده مطمئنون راضون ناعمون لا يخطر لهم الانتحار على بال سعداء في جميع الأحوال.

إنما ينتحر الذي تعلق بغيره.

الذي تعلق بليلاه و معشوقته و ظن أن جمالها منها و أصبح يتوقع منها ما يتوقع عبد من معبود و ربط نفسه بها رباط مصير. و نسى أنها ناقصة كسائر الخلق و محل للتغير و التبدل تتداول عليها الأحوال و التقلبات فتكره اليوم ما أحبته بالأمس و تزهد غداً فيما عشقته اليوم.

و نسى أن جمالها مستعار من خالقها و أنها إعارة لأجل و حينما ينتهي الأجل ستعود أقبح من القبح.

مثل هذا الرجل المحجوب الغافل إذا أفاق على الصحوة المريرة و فاجأه الغدر و التحول، يشعر شعور من فقد كل رصيده و أفلس إفلاس الموت و لم يبق له إلا الانتحار.

و لو أنه رأى جمالها من خالقها لأحب فيها إبداع صنعة الصانع و لكان من أهل التسبيح الذين يقولون عند رؤية كل زهرة.. الله......

فإذا رأوها في آخر النهار ذابلة.. قالوا حقاً لا إله إلا الله..( يعني هو وحده الباقي - داعية )

فحبهم لله و في الله و روابطهم روابط مودة و معروف لا مقصد لها و لا غرض و لا توقع.. فالغدر لا يفاجئهم و الهجر لا يصدمهم و شأنهم كما يقول المثل العامي.. اعمل الخير و ارمه البحر.. يبسطون أيديهم بالمعونة دون حساب لأي عائد و دون توقع لثمرة.

هؤلاء هم أهل السلامة دائماً.

و هم أهل الطمأنينة و السكينة لا تزلزلهم الزلازل و لا تحركهم النوازل.
هم أهل الطمأنينة اليوم.
و هم أهل الطمأنينة يوم الفزع الأكبر.. يوم لا تملك نفس لنفس شيئا، و يوم لا ينفع مال و لا بنون.
و هؤلاء لا يتعلقون إلا بالله.
و لا يؤملون إلا في الله.
و لا يتوقعون إلا من الله.

إن المشكلة هي بالدرجة الأولى مشكلة إيمانو ازداد خضوعاً للملذات التي يسرها لنفسه.. و تصور أن قوته سوف تعصمه و علمه سوف يحميه فأمعن في غروره.

و هل عصم الجبل ابن نوح من الطوفان ؟!
بل كان من المغرقين.

فـ( لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ).

:redrose:


اعلم أن خوفك لايبرر إلحادك - داعية السلام





10-04-2006, 09:04 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود - بواسطة داعية السلام مع الله - 10-04-2006, 09:04 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  من سلبيات الخطاب الإسلامي المعاصر/ الدكتور عصام البشير فارس اللواء 0 1,195 01-03-2012, 09:16 PM
آخر رد: فارس اللواء
  انتفاضة البحرين وآفاق الحوار/ بقلم محمود إسماعيل فارس اللواء 0 1,128 09-13-2011, 12:27 PM
آخر رد: فارس اللواء
  رد الدكتور سليم العوا علي الشيخ حازم شومان بشأن أفكاره عن الليبرالية فارس اللواء 5 3,055 08-03-2011, 09:05 PM
آخر رد: فارس اللواء
  مؤمن مصلح يسأل هل سمعتم عن الدكتور داهش؟ مؤمن مصلح 20 6,980 06-24-2011, 07:42 AM
آخر رد: Rfik_kamel
  الدكتور مهاتير محمد نجاح بلا حدود السيد الحسيسى 0 1,454 01-14-2011, 01:25 AM
آخر رد: السيد الحسيسى

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS