{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود
داعية السلام مع الله غير متصل
وما كنا غائبين ..
*****

المشاركات: 2,222
الانضمام: May 2005
مشاركة: #59
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود

مقال هام جدا /

[CENTER]
لماذا خلق الله الدنيا




من الميلاد إلى الموت و الإنسان في صراع .
مادته و ترابه يشدانه إلى تحت ، و روحه تشده إلى فوق .

صراع بين عدم .. و وجود ..

و العدم ليس مجرد خواء .. أو لا شيء ، و إنما العدم قوة سالبة بمثل ما أن الوجود قوة موجبة .

المرض و الشيب و الشيخوخة و الذبول و الهزال قوى عدمية سالبة ، غلبت على الجسم فجعلته مريضاً ذابلاً هزيلاً .

فإذا غلبت هذه القوى العدمية على النفس ، جعلت المزاج النفسي متشائماً يائساً قلقاً سوداوياً كئيباً .

فإذا غلبت على القلب نزلت به إلى درك الحقد و الأنانية و الكبر و الغرور و النفاق و الشهوة .

فإذا غلبت على العقل أظلمته بغواشي الجهالة و الغباء و البلادة .

فإذا أغشت البصيرة ألقت بها في مهاوي الكفر و الشرك و الظلم .


و للعدم جيوش و فرسان .. و له جنود مجندة .
السوس الذي ينخر .. و البكتيريا التي تحلل و تهدم .. و الفيروسات التي تنشر الفوضى و التلف .. مروجوا المخدرات ، و ناشروا الفتن ، و تجار الشهوات .
التتار ، الهكسوس ، و الوندال ، الذين هدموا الحضارات .
كل هؤلاء جنود العدم و فرسانه !

و من وراء الغيب .. إبليس و ذريته ، أكبر قوة سالبة عدمية .. شعاره و رايته التي يلوح بها .. أنا .. أنا .. أنا خير منه.

و هو يجري فينا مجرى الدم ، بمقدار ما يقول الواحد فينا .. أنا .. أنا .. أنا خير منه .

و لكن الله لم يتركنا نهباً للقوى العدمية السالبة و إنما أعطانا أعلى شحنة موجبة حين نفخ فينا من روحه .

( إني خالق بشراً من طين، فإذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين )

و الله هو الفعال الإيجابي الخالص نفخته روح ، و كلمته روح ، و حينما تلابس روحه المادة ، تخلع عليها الصورة و النظام و الحياة و الحركة و الشباب و الصحة و العقل و الوعي و القيم و السجايا و الفضائل .

و الحياة بالروح ، هي الحياة الحقة بلا مرض و بلا موت و بلا شيخوخة .

و غلبة الروح على النفس ، تنزع بها إلى الكمال و النقاء و الطهر .
و غلبة الروح على العقل تنزع به إلى الإدراك و العلم و المعرفة .
و غلبة الروح على الجسد تداوي أسقامه و تشفي أمراضه .
و لعالم الروح جنوده المجندة من الملائكة مثلما لعالم الظلمة شياطينه .


و قد أطلق الله القوى السالبية العدمية ، تنازع القوى الموجبة الوجودية بمشيئته و خطته .. و انفرد بالهيمنة لا ينازعه أحد في ملكه .

و خلق النفس الإنسانية قابلة للإنفعال بالقوتين السالبة و الموجبة ، قابلة للإنحدار الإبليسي أو التحليق الملائكي .. و جعلها مجال صراع و حلبة و قتال .

( لقد خلقنا الإنسان في كبد )
أي في مكابدة .


و من خلال هذا القتال ينكشف محتوى النفس و ينجلي سرها و تقرر منزلتها و يظهر مرادها و يتأكد انتماؤها .

و هذه هي الدنيا و حكمتها .
( الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) .

الدنيا هي المناسبة .. هي المناسبة للتعرف .

هي سائل التحميض الذي يظهر الظل و النور في الصور الفوتوغرافية .
و هكذا تفعل بنا الدنيا ، تظهرنا على حقائقنا و تظهر ما فينا من ظلمة و نور ، فنرى بعضنا البعض في عيون بعضنا البعض
.. و نتعرف على أنفسنا من خلال أفعالنا و يفضي كل واحد منا بما يكتم في قلبه في لحظة أو أخرى .

و هكذا تتفاضل النفوس و تتقرر مراتبها و درجاتها .

هي مناسبة للتعرف ، خلقها الله ليعطينا من فضله و عدله ، بحسب استحقاقات يعلمها منذ الأزل ، و لا نعلمها نحن .

و الدنيا هي حادثة إعلامنا و تعريفنا بأنفسنا . و إعلام و تعريف كافة شهود الحدث من إنس و جن و ملائكة و شياطين .فلا تصح القضايا إلا إذا تم إعلام جميع الأطراف .

و علم الله لا يقوم حجة على خلقه إذا كان هؤلاء الخلق جاهلين .
فكان لابد من إعلام شامل كامل .

و الدنيا هي ذلك الإعلام الشامل الكامل .

و هي ملف الأحوال و الأعمال و النوايا و الخفايا لكل نفس .

ثم بعد ذلك يأتي النشر و الحشر و الجمع و الفصل .

و قد رتب الله كل هذا من أجل أن يعطي و يهب و يمنح .. فما خلقنا إلا ليعطينا .

لم يخلقنا لعذاب .

و ما أنزل علينا الشرائع و التكاليف إلا ليسعدنا

( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) .


و في سنته أن يعطي كل مخلوق ما يحب .
الذي يحب الدنيا .. يعطيه الدنيا ، و الذي يحب الآخرة يعطيه من الآخرة .. و الذي يعشق النور ، يأخذ بيده إلى النور .
و الذي يعشق الظلمة ، يتركه للظلمة .

و من النفوس ما لا تلذ لها إلا حياة الاشتعال و الاحتراق و الشهوات .. تلك النفوس كانت بضعة من النار فانتهت إلى النار بحكم المشاكلة و المجانسة و لم يصح لها مقام إلا فيها و لم يكن لها حظ من جنة لأنها أصلا لا تحب الجنة .. إنما يعطي الله كل نفس ما تحب
.
( و آتاكم من كل ما سألتموه ) .
( كلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ما كان عطاء ربك محظورا ) ..

فقد جعل الله من نفسه وكيلاً لنا ينفذ لنا رغباتنا .. ثم تكون كل نفس بعد ذلك بما كسبت رهينة .

و إذا كان الله يقول :
( و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ) .

فليس ذلك عن احتياج منه لعبادتنا ، و إنما لاحتياجنا نحن لعبادته .. و لأن العبادة هي الحبل الذي يربطنا به و الذي عن طريقه يأتي المدد و العطاء مثلما يأتي الغذاء للجنين من الأم عن طريق الحبل السري ، فإذا انقطع هذا الحبل انقطع عن الجنين غذاؤه .. و بالمثل إذا قطعت هذا الحبل بينك و بين الله ، فقد حرمت نفسك من شريان المدد و العطاء و لم يحرمك ربك بل أنت الذي حرمت نفسك و قطعت رحمك .

و إنما الله رحمة خالصة ، و عطاء خالص ، و قرب خالص .
و إنما الجفوة و البعد و القطيعة منا .


و ما الدنيا بكل ما فيها إلا عطاء عاجل مؤقت يعقبه في الآخرة عطاء آجل دائم فما خلقنا الله إلا ليعطينا في العاجل و في الآجل .

ألم ينفخ فينا روحه و يخلع علينا أسماءه و يسجد لنا ملائكته و يسخر لنا سماواته و يفتح لنا كنوز أرزاقه و يطعمنا كفاراً و مؤمنين ثم بعد ذلك يعدنا بميراث الخلود ، فماذا بعد ذلك .

و هل في الإمكان عطاء أكثر ؟

لو كان هناك أكثر فإنه هو أيضاً الوحيد القادر على إعطائه .
فهو وحده معطي الكثير و الأكثر و الكوثر .
فهو يقول لعبده :
( إنا أعطيناك الكوثر ) .
و من أجل ذلك خلقه .

فما خلق إلا ليعطي و ما خلق إلا ليرحم .
ذلكم الله ربكم لا يكافئه ثناء و لا يتناهى إلى قدره حمد .

لا إله إلا هو له الحمد في الأولى و الآخرة .



:redrose:



10-05-2006, 05:43 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
من أروع ماكتب الدكتور مصطفى محمود - بواسطة داعية السلام مع الله - 10-05-2006, 05:43 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  من سلبيات الخطاب الإسلامي المعاصر/ الدكتور عصام البشير فارس اللواء 0 1,194 01-03-2012, 09:16 PM
آخر رد: فارس اللواء
  انتفاضة البحرين وآفاق الحوار/ بقلم محمود إسماعيل فارس اللواء 0 1,127 09-13-2011, 12:27 PM
آخر رد: فارس اللواء
  رد الدكتور سليم العوا علي الشيخ حازم شومان بشأن أفكاره عن الليبرالية فارس اللواء 5 3,052 08-03-2011, 09:05 PM
آخر رد: فارس اللواء
  مؤمن مصلح يسأل هل سمعتم عن الدكتور داهش؟ مؤمن مصلح 20 6,975 06-24-2011, 07:42 AM
آخر رد: Rfik_kamel
  الدكتور مهاتير محمد نجاح بلا حدود السيد الحسيسى 0 1,453 01-14-2011, 01:25 AM
آخر رد: السيد الحسيسى

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS