تحياتي لكل الإخوة الذين شاركوا في الموضوع، وللقراء أيضاً.

لا أريد أن أخفي عليكم بأن الموضوع والتحديات الواردة فيه ليس فيها من المستوى الذي يشجعني على الدخول والحوار. والواقع ارتأيت أن أتدخل فقط لسبب إلحاح الأخ العميد عليّ في مداخلات أشرطة أخرى، موجهاً لي التحدي أيضاً. يعني كل ما أعمله الآن هو كما يقولون "رفع عتب"، وليس رؤية مني بأن الموضوع يستحق ذلك.

كلماتك أيها العزيز الزعيم بأنك قرأت إنجيل لوقا جيداً قبل أن تكتب ذلك لا تعني لي شيئاً. بالعكس! فما يظهر هو أنك إما لم تقرأه إطلاقاً. أو إما قرأته واضعاً غشاء سميكاً أمام عيني ذهنك كي لا ترى إلا السواد. إلا أنني أرجّح احتمالاً آخر، وهو أنك لم تدرك حتى الآن ما هو المعنى الحقيقي للكلمة "وحي إلهي" تختلف كثيراً عن مفهومنا كمسيحيين. ولذلك من الخطأ أن تحاول تطبيق مفهومكم على الكتاب المقدس.

اقتباس:  الزعيم رقم صفر   كتب/كتبت  
انجيل لوقا كتاب الله .............................................. لا دليل

انجيل لوقا صيغه انسانيه بوحى من الله ....................... لا دليل

انجيل لوقا وصف تاريخى بامر من الله .........................لا دليل

انجيل لوقا كلام الله .................................................لا دليل

اى شئ يربط بين انجيل لوقا و بين الله  .........................لا دليل
.
لا يوجد دليل على اى شئ فبأى شئ تؤمنون يا مسيحيين ؟
.
ما هذا الايمان بدون اى دليل مطلقا

كلمات لا تتطلب الرد إطلاقاً! فأنا أريد الحوار الجدي في مستوى العقلاء، وليس مستوى المراهقين. (آسف حبيبي الزعيم!)

اقتباس:  العميد   كتب/كتبت  
لإثبات نسبة كتاب إلى الله :
- أولاً : يجب أن نعرف الذي أتى به ونتحقق منه.
- ثانياً : يجب أن يُصرح  بكل وضوح أنه كتاب من عند الله .
- ثالثاً : يجب أن يثبت دعواه بالأدلة والبراهين ( كإثبات أنه رسول من عند الله ) .
- رابعاً : أن يُنقل الكتاب إلينا بالسند المتصل نقلاً متواتراً حتى نأمن أنه لم يتغير ولم يتحرف عبر العصور والأزمنة .  
.
هذا مقياس علمي وليس قرآني ، وإلا أرني أين قال القرآن بهذا المقياس ؟
ثم إن كنت ترى هذا المقياس باطلاً ، فعليك أن تبيّن لنا باالدليل فساده وعدم جدواه ، لا أن تكتفي بقولك (قرآني) ثم تتوقف .

"هذا مقياس علمــــي" ! ! !

عن أي علم تتحدث هنا؟ فعلم المسلمين ومحاربي الكتاب المقدس هو آخر ما يمكن أن نكترث به. هذا إذا اكترثنا! فتصوّر نفسك تقبل بعلم أو بأحكام عابدي الجرذان في الهند، والذين سيقولون لك: لأن قرآنك لا يشجع على عبادة الجرذان فهو ليس من وحي إلهي!

يا عزيزي، كي نحكم بوحي كتاب ما وصحته، نحن لا ننتظر آراءكم أو أحكامكم. فلكتب الكتاب المقدس مقاييس واضحة يمكن على أساسها الحكم في ما إذا كانت صالحة لتـُعتبَر مقدسة وموحى بها أم لا. والواقع فإن ما يحكم في ذلك هو محتواها وروحها. تفضل! هذه بعضها:

- أن تكون خالية من الخرافات.
- أن تكون خالية من ترويج المصالح الشيطانية.
- أن تكون خالية من التشجيع على عبادة المخلوق.
- أن تكون في انسجام كامل مع بقية أسفار الكتاب المقدس، لتشكل واحداً معها، ناسبة الفضل ليهوه الله كمصدر لها.
- كل كتاب يجب أن يكون نموذجاً إلهياً للـ "تمسك بصورة الكلام الصحيح" (2تيموثاوس 1 : 13). وبالتالي ينسجم كاملاً مع كلمات وتعاليم ونشاطات يسوع المسيح.
- أن يجري الإعتراف بالكاتب من قِبَل رسل المسيح الأوائل (للقرن الأول للميلاد)، شاهدين بالأمانة المسيحية لذلك العضو (الكاتب) بينهم.


وهذا الشرط الأخير كان قد جرى تطبيقه على كاتبين بارزين هما لوقا ويعقوب (نصف أخو يسوع المسيح). فمواهب الروح القدس كانت واضحة آنذاك، إذ أن الله أعطى البعض القدرة على "تمييز الأرواح" (1كورنثوس 12 : 10). وبفضل هذه الموهبة كان يمكن للرسل أن يرفضوا كتابات البعض ويبقوا على تلك التي كـُتِبَت من قبَل أشخاص مشهود لهم بينهم.

بالنسبة للوقا، لا شك بأنه كان من الذين جرى الإعتراف بهم، حتى من قِبَل أحد أعظم أعمدة الجماعة المسيحية الباكرة. فقد كان مرافقاً لبولس في كثير من أسفاره. وشهادة بولس له تكررت في عدة مناسبات. هذه بعضها:

"4: 14 يسلم عليكم لوقا الطبيب الحبيب وديماس" – كولوسي 4 : 14.
http://st-takla.org/pub_newtest/51_kolos.html

"4: 11 لوقا وحده معي خذ مرقس واحضره معك لانه نافع لي للخدمة" – 2تيموثاوس 4 : 11.
http://st-takla.org/pub_newtest/55_timo2.html

"1: 24 ومرقس وارسترخس وديماس ولوقا العاملون معي" – فليمون 1 : 24.
http://st-takla.org/pub_newtest/57_phlim.html


كما وأنه علينا أن لا ننسى حلول الروح القدس على المسيحيين الأوائل يوم الخمسين وما تبعه في مناسبات أخرى. وحتى إذا افترضنا عدم حصول لوقا على الروح القدس في تلك المناسبات، لا يمكننا أن نغمض أعيننا عن رفقته اللصيقة للرسول بولس في خدمته الأمينة، والذي كان قد مرر الروح القدس حتى لآخرين. فهل كان برأيك سيتردد في وهبها للوقا؟

"19: 6 ولما وضع بولس يديه عليهم حل الروح القدس عليهم فطفقوا يتكلمون بلغات ويتنباون" – أعمال الرسل 19 : 6.
http://st-takla.org/pub_newtest/44_acts.html

يبقى السؤال: هل كان لوقا ذاته يدرك بأن ما يكتبه هو بتوجيه إلهي أو بأنه كان سيجري اعتباره يوماً ما من مجموعة الكتب المقدسة المعتمَد عليها كسابقتها من أسفار العهد القديم؟

ليس من المهم والضروري له أن يعرف ذلك. فقد كان يكتب لفائدة شخص اسمه ثاوفيلس. وكان دقيقاً جداً في روايته من أجل إيصال معلومات موثوق بها. ولا شك بأن رفقته للرسول بولس علمته الكثير، وعلمته جدّية حمل المسؤوليات. هذا عدا عن أنه كان شخصاً متزناً أهلاً بحمل المسؤوليات حتى قبل ذلك، إذ أنه كان طبيباً. ولذلك نجده يشهد بتمييز كتاباته عن تلك التي لبعض من حاول ذلك في أيامه. وشعوره بالمسؤولية الروحية، جعله يقول بثقة: "تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق":

"1: 3 رايت انا ايضا اذ قد تتبعت كل شيء من الاول بتدقيق ان اكتب على التوالي اليك ايها العزيز ثاوفيلس" – لوقا 1 : 3.
http://st-takla.org/pub_newtest/42_luk.html

ولذلك نجد بأن كتاباته أعطت نفس النتيجة التي أعطتها كتب من سبقه. أولئك الذين كانوا يكتبون ليس بهدف تأليف كتاب مقدس، وإنما لمجرد سرد الحوادث والأمور على أيامهم بأسلوبهم البشري البسيط والواضح، والتي ارتأى يهوه الله أن يستخدمها كمصادر تعليمية لتعتمد عليها الأجيال اللاحقة.

تعال نأخذ على سبيل المثال الملك داود:

فداود كان منذ صغره راعياً للغنم. وأثناء عمله في البرية، كان قد تعلم المهارة في استخدام المقلاع. كما أنه كان يستعمل آلته الموسيقية كمعظم الرعاة.

بعد مرور سنين معينة، نجد أن الله استخدمه ودعمه بروحه ليتمكن من قتل جليات بضربة واحدة من مقلاعه. الأمر الذي أدى إلى نصر العبرانيين آنذاك، وبالتالي المجد ليهوه الله.

هل كان داود يعلم بأن الله هو الذي أعطاه الحماسة الداخلية والثقة الأكيدة للوصول إلى تلك النتيجة؟

حسناً! لقد تمكن داود من قتل جليات من مجرد رمية المقلاع الأولى فقط. فلو كان يعرف بأن حجراً واحداً سيكفي، لما كان قد اختار خمس حجارة مسبقاً. (1صموئيل 17 : 40). ولذلك نرى بأنه كان قد عمل تجاوباً مع الدوافع الداخلية فيه، غير مدرك بأن تلك الدوافع كانت نتيجة شحنة إلهية للروح القدس. فالله أعطاه تلك الدوافع، واستخدم أيضاً مهارته في الرمي بالمقلاع. وكانت النتيجة تمجيداً للخالق.

في ما بعد كان داود قد تابع هوايته بالعزف على الآلات الموسيقية التي اعتاد عليها أثناء رعايته للغنم. إلا أنه حوّل هواية الغناء تلك لتمجيد الخالق. لقد كان أمراً يلذ له. وتلك الأغاني الروحية لتمجيد الخالق، نجد بأنها أخذت مكانها البارز في ما بعد بين كتابات الكتاب المقدس، إذ جرت تسميتها بالـ "مزامير".

فبالنسبة لداود كانت مجرد أغاني روحية. أما بالنسبة لنا فقد أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الكتاب المقدس، أو الكتابات الموحى بها.

ولا شك بأن داود كان يدرك (مثل لوقا) بأنه حصل من الله على موهبة الروح القدس ودعمه. ولذلك قال بثقة: "روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني" (2صموئيل 23 : 2).

فيا عزيزي، أو يا أعزائي، عندما كتب كتبة الكتاب المقدس كتبهم، لم يكن هدف معظمهم أن تجري إضافة كتاباتهم إلى المجموعة التي نعرفها حالياً بالكتاب المقدس. لقد كتبوا ما تمكنوا من معرفته أو ما جرى على أيامهم. كتبوه لفائدة شخص (صديق أو قريب أو ... ) أو لمجرد التأريخ. إلا أن الله أراد أن يستخدم تلك الكتابات لتوضيح أعماله نحو خلائقه في الأجيال اللاحقة. فلو كان هدف الكاتب أن يعمل كتاباً مقدساً لكان قد ذكر بأن كتاباته هي بوحي إلهي. لكنه كان يكتب لمجرد الكتابة والإعلام والفائدة فقط. ونحن بدورنا نقبلها ككتب موحى بها من الله لأننا نعلم بأن أولئك الكتـّاب كانوا قد تمتعوا بهبة وتوجيه الروح القدس.