اقتباس:  طارق القدّاح   كتب/كتبت  
الموضوع ليس نكتة، ولكن علينا أن نفهم أسباب انفجاره الحالي ومنابعه:

أولاً: فإن الاستعمار وإن كان له فوائد جمّة تصب في مصلحة الشعوب والدول المُستعمرة، فهو أمر سيء، إذ تقوم به الدول المُستعمِرة باستغلال شعوب البلاد المستعمرة، فلقد  تركت فرنسا الجزائر وبعد 130 سنة من الاحتلال في حالةٍ يُرثى لها،  بلداً متخلفاً بغالبيته أمي، ولقد خفت الأمية بفعل الحكم الاشتراكي الذي لم يكن موفقاً بشكل تام، بل أدى بتعميمه للتعليم للخبطة فوضوية. ولكن لماذا لم تعترف فرنسا طوال قرن ونيف بمواطنية الجزائري؟ بينما هي من قام بالثورة  الفرنسية بالمد النظري الثوري لحقوق الإنسان؟
إن الدول لا تفكر إلا بمصالحها للأسف وهذا الأمر ارتد عنفاً عليها، فثورة الجزائر كانت ردة فعل عنيفة على فشل الاستعمار الشامل، والذي لا يعرف إلا المصالح الاستعمارية، فرنسا في الجزائر التي ضمتها لها واعتبرتها جزءاً من دولتها لم تكن قبل عام 56 تعترف بمواطنة أهلها الأصليين، فأي وقاحة تلك؟ وأي ثورة فرنسية إنسانية تلك؟

ثانياً: إن الاستعمار الفرنسي أكثر من أي استعمار آخر قام بمجازر وتعذيب وقبائح لا تغتفر، فلا يوجد استعمار جيد، هناك فرق نوعي وأساسي بين فوائد الاستعمار التي تمخضت عنه رغماً عنه، وبين نواياه، الاستعمار الفرنسي في البلاد التي كان فيها خرّب تلك البلاد كإفريقيا السوداء التي تهيم اليوم (بمسيحيها ومسلميها بدولها المسلمة ودولها المسيحية) بعالم متخلف.
عفكرة يا قطقط، هناك كراهية كبيرة لفرنسا من دول مسيحية جداً بإفريقيا قتّلت منذ أشهر قليلة بفرنسيين، راجعها جيداً . كما أن فرنسا بلد ملحد بأغلبيته لا شيء فيه مسيحي اليوم.
فرنسا قامت بمعركة الجزائر مثلاً - هي معركة مجازاً، وهي مجزرة في الحقيقة، وقاموا فيها بالتعذيب بالاغتصاب الممنهج وبالقتل الممنهج وبالتعذيب الممنهج وبل بتصدير الطريقة بكتيبات وإرسال من طبقها لأمريكا اللاتينية لتطبيقها مجدداً بدروس عن معركة الجزائر - ، احتلال الجزائر وحرب الجزائر هي قمة القذارة في تاريخ فرنسا، وعليها يوماً ما (أي فرنسا) أن تتصالح مع تاريخها، قبل أن تلقي باللوم على الآخرين وتنتج قوانيناً حول مجازر الآخرين.

ثالثاً: ما تشهده فرنسا اليوم من إنكار لتاريخها لا سيما في المدارس يعود عليها بخسارة كبيرة في مجتمعها، فلا بد لها من الاعتراف بماضيها لتمضي لمستقبلها، هل تعتقد فرنسا أن المسلم من أصل جزائري في الضواحي الباريسية أعمى، جاء من عدم؟ هو من أصول استعمارية جاءت به فرنسا ذاتها، وإلا فلماذا لا تمتلئ فرنسا بمهاجرين من جنوب أفريقيا أو من الهند؟
على فرنسا أن تتصالح مع نفسها ومع تاريخها وتاريخ من عمرها من المغاربة والأفارقة قبل أن تعطي دروساً للآخرين، وأن تكف عن التعامي والتعالي على الآخرين، فهي بلد في نهاية عهد، ولا أحد يصدقها حين تتحدث عن حقوق الإنسان ومدري شو.

أخيراً: بلى هذا الموضوع مهم، ولقد فُتح بعد فيلم "indogènes" الذي قام بإخراجه مغربي ومثل به مغربي/فرنسي (جمال).
على فرنسا أن تتصالح مع تاريخها قبل أن تدعسها عجلات التاريخ فتصبح خارجه.
(f)