بقولكم شي.. كذا وبالمفتشر.. لرحمة أولاً ومن هم على منواله..

أنا العربية السعيدة.. إبنة اليمن.. واليمن عندي كل الجزيرة.. وإذا قلتوا لي ليش عربية .. فسأقلكم لأن كل شيء عربي هو يمني.. مش العكس يا أصدقاء.. هكذا تقول الخرافات التاريخية .. وتؤيدوها أنتم بمداخلاتكم هذه..

أمر كبير يثير في قلبي البغض.. فكوني يمنية إلى العظم.. أبغض كثيراً وأمقت أن نكون مدفونين تاريخياً وثقافياً واقتصاديا وسياساً وغيره.. نحن اليمنيون السبب في حالنا هذا.. ولكن محيطنا العربي ومايحكمه من هوس قومي تاريخي له سبب أيضاً.. ربما لو أننا انفتحنا (اليمن) على الصومال والحبشة بدلاً عن مصر لكان حالنا أفضل وثراءنا أكبر أو على الأقل لتحدث الشعب اليمني الانجليزية أو الايطالية وأبقى على أحد لغاته الأصيلة (الأمهرية) بجانب العربية..

يقسم ظهري أن يقتل أبناء جلدتي من رصاص جنود الدولة في اليمن وهم يتظاهرون ضد غلاء أسعار الخبز.. وفي المقابل يرش بالورود كل متظاهر يرفع علم فلسطين جراء حصار أو انقلاب دموي.. باختصار سئمت توظيف "الكضية" على حساب سلطة الشعوب لأوطانها ومحلياتها.. والآن أتى دور الكضية ليسيطر على الذائقة الشخصية والحرية الثقافية!!! بصراحة مسخوتها..

عندما أذهب للسوق القديم أتحرى أن أشتري الحلى الفضية من صائغ يهودي أو بضاعة له أصبحت اليوم أغلى من الذهب لأن شعب اليمن يقدر القديم ويقدر مهارة اليهودي.. ومن هذا اليهودي.. إنه ملكي ذو نواس وذو ريدان وملوك عظام غيرهم لو عرفتوهم.. قرية والدي كانت جزءاً من المملكة اليعفرية.. بل عاصمة لأعتى دول اليهود التي حكمت اليمن إبان الحقبة الحميرية.. لدينا انطباع سائر في اليمن.. أن من كان أصله يهودي فأصله اليمني نقي. وفي اليمن لا نتباهي بالعلم أو المال أو الوظيفة.. لانملك وضعاً اجتماعيا إلا لما ننتمي إليه من فصل وأصل ومنطقة.. لذلك ترى مجالس القات عندنا تجمع رئيس دولة وحارس البوابة.. لا يهم أي منصب فيه المهم بل المهم أي دم تملك (ربما لتأثرنا بعنصرية اسرائيل).. لكنني اليوم لست عرقية ولا عنصرية.. لذلك لا يهمني كيف ينظر إلي شعب اسرائيل.. بل أحييهم فيهم مدنيتهم فهم ويعتمدون على هوياتهم المواطنية أطثر منها وطنية..

بصراحة قضية فلسطين لا تهمني.. أبغض كثيرا هنية وحماس والصراع الفلسطيني الداخلي.. أبغض كثيرا القتل.. أبغض كثيراً الانتهاك والعنف الاسرائيلي.. أحب ديمقراطية فلسطين العربية (الأكثر نضجاً بين الدول العربية).. أحياناً ولا أخفيكم القول.. أشعر بالفخر وأنا أقرأ تقارير التنمية وأرى اسرائيل بلداً متقدماً في أقليمنا.. لا يوجد عندي شعور بعلاقة المستعمر والمستعمر (شكلوها كما تحبوا).. ولا لي علاقة بالمعطيات الدينية والتاريخية.. اتعامل مع ما هو واقع وما هو حله واقعي..

وبصراحة أكثر.. يخفق قلبي لرؤية عفراء هزاع بأوتارها التراثية اليمنية ولبسها وعيونها وحليها.. ولا يدق قيد أنملة لكلمات درويش الفصيحة..

أنا وهي ننتمي لثقافة واحدة .. إن لم تكن كلها ففيها الكثير من المشتركات .. ذلك الشيء الذي يغيب عنكم.. ولكنه يحضر بقوة كلما تذكرتوا أني عربية.. وأن علي حق تجاه قضية فلسطين وهذا الكلام الذي لا يربطني به شيء.. ولو كان في التاريخ موضوعية وإنصاف وفي السياسة أيضاً لكانت مشتركاتنا عفراء وأنا تساوي التطابق.. أفتقد يمنيينا الذين رحلوا أو هجروا.. واعتذر لهم عن كل العذابات وكل الدونية التي مورست وتمارس ضدهم اليوم وقبل هجرتهم.. وأقول لهم أننا خسرنا الكثير بسبب رحيلهم.. ولو بقوا بأموالهمونشاطهم لكانت اليمن اليوم بلداً علمانياً على الأقل.. لكن ايش نعمل للقومية والتخلف المنهجي للدول الحركة الصهيونية العنصرية وحكم الدين في الجوار..

ذكرتوني بعفراء.. بروح أسمعلي غنية أو اثنتين تطير لي الضبح (*) هذا..

(*) كلمة يمنية.. أصلها حميري.. وتعني الضجر..