شكرا لتجاوبك دكتور محمد ، إلا أنني لم أحصل على إجابة (( مقنعة )) لي على الأقل وموثقة حتى أقتنع معك بأن صدام ديكتاتور بالطريقة التي تصفه بها .. ما قرأته أعلاه ليس أكثر من رد ( إنفعالي ) يتناقض مع سياق الأحداث :

1 - صدام حسين لم يكن طائفيا وخذها ممن عاش جزءا من التجربة العراقية على أرض الواقع ، الغريب فعلا يا دكتور أن (( نردد )) اتهامات ومسببات من قادوا الحرب ضده ولأسباب ونتائج نراها الآن على الأرض دون مواربة أو أقنعة ودون أن نعايش الحالة ونقف على مسبباتها ودون أي رصيد معلوماتي ايضا .. طيب ، هم لهم أسبابهم وأولياتهم المذهبية ، ماذا عنا نحن ؟؟!!

عراق صدام كان (( علمانيا )) أو حاول صدام أن يجعله علمانيا لا فضل فيه لسني على شيعي على مسيحي ولا لعربي على كردي .. لا أدعي أنه صنو العلمانية الفرنسية ولا يمكن أن يكون ذلك لأن طبيعة المجتمع الفرنسي تختلف تماما عن طبيعة مجتمع مشرقي غارق لأذنيه بالدين والتابوات ..
في عهد صدام كانت كل المظاهر الدينية ذات المدلول الطائفي ممنوعة ، ليس فقط اللطميات الشيعية التي حولها المطالبون برأسه إلى مظلومية استحق عليها لقب " طائفي " بل حتى المظاهر السنية ، وعليه فإن سجون العراق كانت تمتلئ بالسلفيين السنة وأتباع الحركات الإسلام-سياسية السنية كحركة الإخوان المسلمين ، وحتى نهايات حكم صدام ، حتى الكتاب الإسلامي كان ممنوع من التدوال .. وأكثر ، فإن تهمة الإنتساب إلى الوهابية - كمبدأ طائفي مناوئ للشيعة - كانت تستوجب الحكم بالإعدام .. ومن المعروف أن أول ضحايا صدام حسين من رجال الدين كان عبد العزيز البدري (( العربي السني )) ..
مجمل القول ، فإن ديكتاتورية صدام كانت تقف على غطاء برميل ملئ بالقاذورات وتمنعه من الإنفجار ، وهاهو الآن ينفجر ..

إن شئت ، فبإمكانك القول أن هذه ( ديكتاتورية ) لا يمكن أن نصنفها على أنها نهج علماني ولا تتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان التي تكفل حرية الدين والمعتقد .. لكنه بالتأكيد " تساوٍ بالظلم " لا يمكن للعراق أن تستمر إلا به نظرا لطبيعة مكونات المجتمع العراقي بالغة التنافر .. وها نحن نرى نتائج الإنفلات الطائفي الذي تشهده العراق بعد صدام ، وتلك نتيجة لم يصنعها صدام بل صنعها الواقع العراقي ذاته .

آمر آخر أثبته الوضع الحالي وليس صدام ، فما يعرف بهيئة اجتثاث البعث أسمت 120 ألف بعثي يجب اجتثاثهم لضلوعهم في أعمال قمع وغيرها 70% منهم شيعة !!

قمع ثورة الجنوب :
لو لم يقمعها صدام وقتها لقمعتها أمريكا ..
رغم كل ما قيل إلا أنها أبدا لم تكن ثورة (( وطنية )) تهدف الإطاحة بدكتاتور بقدر ما كانت ثورة مذهبية على قاعدة سنية صدام حسين لا غير ، وجانبها الآخر شعوبي حركته إيران وحرسها الثوري و 12 ألف مقاتل من حركة بدر حسب رامسفيلد نفسه ..
لم نسمع عن ثورة وطنية تقوم بأعمال عنف ضد مخالفيها في المذهب كما حدث إبان ثورة الجنوب وما صاحبها من أعمال قتل لسنة وعرب بعضهم طلاب يدرسون في جامعة البصرة .. ولم نسمع عن ثورة وطنية تحمل أعلام دولة مجاورة في وضع حرب مع الوطن وتهتف بإسم رموزه السياسية والدينية .. وهو السبب الذي دفع أمريكا ذاتها لفتح المجال للطيران العراقي لقمع الإنفاضة في وقت كانت تحتاج فيه أمريكا لقنبلة صغيرة تنفجر في حاوية قمامة في بغداد كي تتدخل وتطيح بصدام حسين الخارج من حرب النفط الأولى مهزوما يلعق جراحه ..

أما عما حدث في الدجيل ، فعلاوة على ما ساقته هيئة الدفاع وما دفع به صدام نفسه من أن حزبا مواليا لبلد معادٍ حاول اغتياله في زمن الحرب وهي خيانة عظمى لا يتسامح فيها أي قانون إنساني ، فإن المظاهرة التي انطلقت في الدجيل نفسها بالأمس تأييدا لصدام حسين ، لهي أبلغ من أي دفاع ..

تحية لك ..
ويتبع.. علي أن أعود لعملي