يا أخ زياد:

تجربة نادي الفكر هي في قدرته لاتساع أطياف مختلفة في الحوار حيث تجد السلفي ينال مقدار ما ينال اللاديني في الاحترام والاستماع إليه. هذا إنجاز. النادي يضم تجربة لم نكن لنحلم بها على أرض الواقع وهي تجربة التعددية وفي وسط ثقافة تأسست من البدء بطبيعتها السامية على الأحادية. الطائفية في الحوار شيء طبيعي ولا ذنب للموقع فيها وإلا لتبقى لنا مجموعة من المتحاورين عديمي الشخصية وبلا انتماء لأي شيء يذكر ولكن ما يحدث هو هناك أشياء يتحمس لها الناس ويتعصبون وتصبح ركيزة أساسية في وجودهم وعصبهم الفكري. هذا له بعض المحامل السلبية ولكن هذه هي الحياة وفي أي بلد متقدم تكنولوجيا. التحامل سنة من سنن البشر الطبيعية ولا يتعارض مع تقدمهم أو نخبويتهم. الإزدهار التكنولوجي شيء والازدهار الأدبي شيء من جنس آخر ولكنهم أشكال متنوعة من أشكال الازدهار. تتقدم كوريا نوويا وكذلك إيران وتتقدم بلاد أخرى في مجالات أخرى ولكن هذا لا يخل بالحقيقة القاطعة أن العرب من خلال موقع مثل الوراق فقد أنجزوا وأبدعوا خير إبداع وقدموا مساهمة لكل طالب علم بشكل يعجز عن شكرهم إياه مدى الدهر. النمو الاقتصادي شيء نحتاجه بشكل ماس ولكن هو موضوع آخر تماما عزيزي زياد. ولا أتفق معك في حصر اللغة العربية في النصوص المقدسة وإلا صارت لغة نصوصية وليست لغة حية. ما سيحافظ على اللغة العربية من الاندثار هو أننا نستخدمها وتصطبغ بهويتنا وكينونتنا سواء وجدت النصوص أم لا. بل حتى اللاتينية والتي هي كانت لغة نصوصية ولا زالت صرنا نراها لغة محكية بشكل عامي في الإيطالية اليوم ولذا فاللاتينية حقاً لم تندثر كما قد نظن مخطئين.