لا أرى مانعا أن يقوم أبو حنيفة بالاجتهاد مقابلا لجعفر بن محمد، بل لا أرى مانعا أن يكون أبو حنيفة أعلم من جعفر أو العكس، فليس سلسلة نسب جعفر بمصدر تعليم، ولا وحي بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

هل الاجتهاد بما يخالف الأئمة الاثني عشر يعد نصبا؟

ثم إن أبا حنيفة لم يبتدع القياس، بل إن القياس الشرعي الصحيح هو مأخوذ من أدلة قطعية عن رسول الله، إلا أن بعض القوم أبوا تسميته باسمه، فقالت الظاهرية هو مفهوم النص، وقالت الجعفرية العقل.

ما هو القياس الذي تذمه على النواصب الأحناف يا علي؟

ثم إن أبا حنيفة ضرب لأمر آخر.

ذلك أن الطالبيين قد ثاروا على العباسيين بزعامة النفس الزكية محمد بن عبدالله الحسني وأخيه إبراهيم الإمام، وقد كان كل من أبي حنيفة ومالك من كبار مؤيديهما، وضرب كلاهما على ذلك بحجج أخرى.

أبو حنيفة أراد أن يستعيد التكتلات السياسية التي وصل العباسيون من خلالها إلى الحكم، والتي كاد ابن الزبير أن يقلب الدنيا على بني أمية من خلالها، فأنشأ المدرسة الحنفية، إلا أن داهية بني العباس فطن لذلك كما فطن داهية أمية قبله، وقام بمحاولة إحتواء الرجل بالقضاء، وهو قد فهم صنيعه، وإلا فأي بأس في أن يتولى امرؤ القضاء، وأي بأس في أن يرفض.
فشل الاحتواء مع الرجل ونجح مع تلاميذه، وضرب حتى شارف على الموت، ولعله مات متأثرا بالضرب.

ثم إن بني العباس ليسوا شرا مطلقا ليكون الاصطناع لهم شرا، بنو العباس بناء على فهمهم للإسلام منسجمون مع أنفسهم، ولم يفرضوا إماما غائبا يا علي ثم قع فريق منهم ينتظره وقام الآخرون بمخالفة مذهبهم وإقامة دولة قبل الإمام وبغير إذنه.
كان خطأ بني العباس أنهم اعتبروا أمر الأمة وراثة آل إليهم من جدهم العباس أقرب عاصب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد موته.

إلا أن الحكم ليس منصبا يورث وليس حقا لفلان أو علان، الحكم حق للأمة وليس لأبي جعفر المنصور ولا لجعفر الصادق، والأمة تضع من تريده على سدة السلطة ولو كان عبدا حبشيا.
حديث الأئمة من قريش أليس من رواية معاوية يا علي؟