الخلافة كحكم شرعي هي واسطة عقد الأحكام، والحارس لها.

وهي حمل الكافة على مقتضى الشرع.

ولا يتولاها أحد بغير الرضى والقبول وبغير البيعة من الأمة، أكان من آل البيت أم من عرض الناس، أو حتى رسول الله لا يتولى منصب السلطان إلا بالبيعة.

وهي الخلافة، وهي إمارة المؤمنين، وهي السلطان، وهي الإمامة.

وهي من الفروض الكفائية على الأمة، وليست من فروض الأفراد.

ثم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومين. ولا تنسحب العصمة إلى آلهم، لا إلى مريم ولا إلى فاطمة ولا إلى سارة ولا إلى هاجر عليهن السلام.

إن أردت أن تفتح المواضيع في ساحة أخرى سنتبعك إليها إن شاء الله.

أما القياس، فأنا أكاد أجزم أن ما في ذهنك ليس هو القياس، وأن لجوء أبي حنيفة إلى القياس كان لجوءا إلى دليل شرعي، وهو مقدم على رأي مجتهد مثله كجعفر.

أما النصب، فأنت قد اتكأت على ظنيات لتعريفك النصب، فاعتمدت على نظرية بشر يرون فريقا من آل بيت رسول الله معصومين دون غيرهم، وأن الله قد اختارهم للإمامة، وأن الإمامة هي شيء زائد عن مجرد الحكم، وأن من يعارض هؤلاء أو يختار غيرهم للسلطان فهو ناصبي.

هذه النظرية ليس من نص قطعي يدلل عليها، فتبقى رأي مجتهدين لا يحق لهم أن يقصوا غيرهم من المجتهدين.
فليس ناصبيا أبدا من يقدم أبا بكر وعمر وأبا عبيدة على علي
وليس ناصبيا أبدا من يقدم ابن الزبير على الحسين
وليس ناصبيا أبدا من يقدم سعدا على الحسن

هنا التقديم في الحكم وليس المنزلة، فلا عبرة بالأفضل والمفضول من ناحية الحكم، بل العبرة في رضا الناس. ومن قدموا هم أدرى بالسياسة ممن لم يقدموا.

الناصبي هو من يؤذي آل بيت رسول الله ويمنعهم من مشاركة الناس في شؤونهم العامة.
من يرفض أن ينافس علي غيره على الخلافة هو ناصبي، لأن علي من المسلمين يحق له أن ينافسهم في شأن شريف، ولا عبرة أنه من آل البيت فينبغي له أن يقعد.
من يسعى إلى ابن رسول الله فيطعنه في فخذه ويسلبه ثوبه وهو في صدد قتال البغاة هذا ناصبي.
من يسعى إلى ابن رسول الله فيخرجه من بيته بأهله، ثم يتعتع به ويحرمه من الماء ويقتله وأهله وأصحابه وهو يدعو إلى الهدى هذا ناصبي.
من يلعن فريقا من مؤمنين آل البيت ناصبي.
من يسجن فريقا من مؤمني آل البيت دون ذنب إلا لإبعادهم عن السياسة فهو ناصبي.
من يخرج بنساء آل البيت وبنات رسول الله أشباه أسارى وسبايا من بلد إلى بلد فهو ناصبي.

أما من يخالف الشيعة في آرائهم كلها فهو ليس ناصبي.
من يعادي الشيعة لأنهم يتوسلون بالبشر فهو ليس ناصبي، بل متطرف في عدائه، هو لم يعادي القوم لحبهم لمحمد وآل محمد صلوات الله عليهم وسلم، بل عاداهم لما رآه خروجا عن أمر محمد. وهو فهم له كما كان الرأي المقابل فهم لهم، يحل بالحوار وأمر الإمام يرفع الخلاف.