{myadvertisements[zone_1]}
خواطر متنوعة حول القرآن و إعجازه و الإسلام
الختيار غير متصل
من أحافير المنتدى
*****

المشاركات: 1,225
الانضمام: Jun 2001
مشاركة: #550
خواطر متنوعة حول القرآن و إعجازه و الإسلام
تحياتي للجميع

بعد أن تكلمنا على تشتت الأفكار في سورة البقرة وتناثرها ، و كله موضح بالأدلة في الخاطرة السابقة رقم 33 ، نأتي الآن إلى قضية أخرى في هذه السورة ، و هي بعض المشكلات اللغوية التي حصرتها في سورة البقرة .

نعم لقد اعتاد أهل اللغة قصف عقولنا على مدى 14 قرناً بأن القرآن هو النص الأبلغ والأفصح بين جميع نصوص العربية ، بله في جميع نصوص الدنيا ، ومن يجرؤ أن يتفوّه بوجود خطأ نحوي في القرآن مثلاً ، وكل هذه العقول العملاقة من أئمة اللغة تقف صفاً واحداً للذود عنه !!

ولكن ، ومع كل هذه العقول الجبارة في علوم اللغة ، والتي لم تترك شاهداً إلا واستخدمته لتفسير القرآن و سبر أغواره ، يمكننا أن نتجرأ الآن ونقول بوجود مشاكل لغوية تتعارض مع القواعد التي اشتقوها وبنوها على القرآن أولاً ، ثم كلام العرب وأشعارهم ثانياً .

وحتى لا يكون كلاماً جزافاً لا يدعمه سند ولا يعززه دليل ، سأذكر عدة أمثلة واضحة لا جدال فيها عن مخالفة بعض آي القرآن للقواعد العربية التي وضعها ونافح عنها أئمة اللغة .

ولكن هل يعقل أن تمر هذه المخالفات اللغوية للقرآن دون أن يجدوا لها تخريجات !!

يقيناً لا ، لكنها تخريجات تبدو في أغلبها متكلفة ، لأنها تقوم في معظمها على تقدير كلام محذوف افترضوا أن الله قاله مضمراً - رغم أنه لم يفعل ولا ندري لماذا يفعل - و استطاعوا هم بحنكتهم أن يكتشفوه.

المثال الأول :

" مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا " الكهف 5

لا أظن أحداً لم يسمع بالفاعل في النحو ، ولا أعتقد أن هناك من يجهل أن الفاعل يكون مرفوعاً دائماً وأبداً ، ولا يمكن أن نجد فاعلاً منصوباً في اللغة العربية أبداً .

ولكن الكلمة التي كبرت و تخرج من أفواههم جاءت منصوبة في هذه الآية ، مخالفة لكل قواعد النحو التي أفنى سيبويه عمره في تقعيدها ، وحجّ من أجلها الكثير من أئمة اللغة لتعلم أسرارها على يد تلاميذه .

ولكن هل يُعقل أن يفوت هذا الفاعل المنصوب على جيش النحويين ودفاعاتهم المنيعة وشواهدهم العتيدة ؟!!

يقيناً لا .

يقول النحاس في إعراب الآية :

" {.. كَبُرَتْ كَلِمَةً..} [5]
نصب على البيان أي كبرت مَقَالَتهُم: {اتَّخذَ الله وَلَداً} كلمة من الكلام. وقرأ الحسن ومجاهد ويحيى بن يعمر وابن أبي اسحاق {كَبُرَتْ كَلمةٌ} بالرفع بفعلها أي عظمت كلمتهم، وهي قولهم: اتخذ الله ولداً. " اهـ .

لا أدري ما هذه الجرأة على الخالق المعبود !
بكل بساطة ، جعل "كبرت كلمةً" تصبح "كبرت مقالتهم كلمةً"

وهكذا يكون قد حل الإشكال . حسب تصوره .

ولا ننسى طبعاً أن هناك من قرأها صحيحة بالرفع كالحسن ومجاهد وغيرهم ، ولكن الجمهور يفضل النصب .

المثال الثاني :

" ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ " غافر 35

وهذه لا تختلف عن تلك أبداً ، وللنحاس فيها تخريج مشابه حيث يقول :

" {مَقْتاً} على البيان أي كَبُرَ جدالُهُمْ مقتاً " اهـ .

ومثلها :

" كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ " الصف 3

وأنا فعلاً استغرب كيف يكون كلام الله الكامل العالم القادر ناقصاُ حتى يكمّله النحويون ويقدّروا ما فاته من الكلام !

المثال الثالث :

" لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا " النساء 162

وكما تعلمون يا قرائي الكرام ، أن المعطوف يتبع المعطوف عليه في الإعراب ، لننظر هذه الآية :

"الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ" / الراسخون مرفوعة لأنها مبتدأ (لكن هنا حرف عطف)
"وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ " / المؤمنون معطوفة عليها وجاءت مرفوعة كذلك
"وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ" نعلّق عليها لاحقاً
"وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ" / المؤتون معطوفة و مرفوعة
"وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ" / المؤمنون معطوفة ومرفوعة .
"أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا " خبر المبتدأ "الرَّاسِخُونَ"

ولكن ما بال "وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ" جاءت معطوفة و منصوبة ؟!!!

نحن لا ندري ، وكذلك أئمة اللغة ، فتجد لهم في هذه الآية تخبطاً ما بعده تخبط ، حتى وصلت أقوالهم في تعليل نصب كلمة "المقيمين" إلى ستة أقوال ، أرجحها عندهم قول نبي النحو سيبويه حيث ينقل القرطبي عنه في تفسيره و النحاس في إعرابه للقرآن والحلبي في الدر المصون أنه قال -أي سيبويه- أنها منصوبة على المدح . حيث قال - أي سيبويه - :
"هذا باب ما ينصب على التعظيم ومن ذلك المقيمين الصلاة "

و نتساءل ويحق لنا أن نتساءل لماذا يخص المقيمين الصلاة بالمدح والتعظيم ؟!

فهل هم أعظم وأرفع درجة من الذين يؤمنون بما أُنزل إلى محمد و ما أنزل من قبله ويؤمنون بالله و اليوم الآخر ؟؟؟

منذ متى يا سيبويه كانت إقامة الصلاة أعظم من الإيمان بالله و اليوم الآخر حتى تُخص بالمدح ؟؟

تخريج عجيب لا يليق بنبي النحو ، لكن ماذا يمكنه أن يقول وقد خرقت هذه الكلمة كل قواعد لغة العرب التي أفنى عمره في تقصّيها والبحث فيها .

ويحضرني قول الحلبي في كتابه الشهير "الدر المصون في علم الكتاب المكنون" حول هذه الآية :

"فأما قراءة الياء فقد اضطربت فيها اقوال النحاة، وفيها ستةُ أقوال، أظهرهما: وعزاه مكي لسيبويه، وأبو البقاء للبصريين - أنه منصوبٌ على القطع، يعني المفيدَ للمدح كما في قطع النعوت، وهذا القطعُ مفيدٌ لبيان فضل الصلاة فَكَثُر الكلامُ في الوصفِ بأن جُعِل في جملة أخرى، إلخ ... " انتهى كلام الحلبي .

فلو كان القرآن أنزل بلسانٍ عربي مبين ، كما وصف نفسه في سورة الشعراء حيث قال :

نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195)

أقول فلو كان القرآن فعلاً قد نزل بلسان عربيّ مبين ، فلماذا تضطرب فيه أقوال أهل اللغة وجهابذة النحو إلى هذه الدرجة ؟

وهنا لا بدّ أن نذكر اعتراض الطبري على تخريج سيبويه حيث قال في تفسيره :

"وَأَمَّا مَنْ وَجَّهَ ذَلِكَ إِلَى النَّصْب عَلَى وَجْه الْمَدْح لِلرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْم وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ يُحْتَمَل عَلَى بُعْد مِنْ كَلَام الْعَرَب لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْل مِنْ الْعِلَّة , وَهُوَ أَنَّ الْعَرَب لَا تَعْدِل عَنْ إِعْرَاب الِاسْم الْمَنْعُوت بِنَعْتٍ فِي نَعْته إِلَّا بَعْد تَمَام خَبَره , وَكَلَام اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَفْصَح الْكَلَام , فَغَيْر جَائِز تَوْجِيهه إِلَّا إِلَى الَّذِي هُوَ بِهِ مِنْ الْفَصَاحَة"

والمعنى باختصار أن الجملة بدأت بمبتدأ هو "الراسخون في العلم" ثم عُطف عليه بالمؤمنين والذين يؤمنون بما أنزل على محمد وما أُنزل من قبله والمقيمين الصلاة والمؤتين الزكاة والمؤنين بالله واليوم الآخر ، ثم ذكر الخبر و هو "أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا " ، ولا يكون النصب على المدح إلا بعد تمام الجملة حسب قوله ، أي لا يصح أن يكون لدينا مبتدأ وخبر و بينهما في الوسط منصوب على المدح ، بل مبتدأ وخبر ثم نصب على المدح فهذا جائز في لغة العرب حسب كلام الطبري .

وحتى يكتمل مشهد التخبط النحوي سأنقل لكم جميع الآراء التي أثبتها النحاس في إعرابه للآية حيث يقول :

{وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ}، في نصبه ستة أقوال فسيبويه ينصبه على المدح أي وأَعني المقيمين. قال سيبويه: هذا باب ما ينصب على التعظيم ومن ذلك المقيمين الصلاة وانشد:
وَكُلُّ قَومٍ أَطاعُوا أَمرَ مُرشِدِهمْ * إِلاّ نُمَيرا أطاعَتْ أَمرَ غاويهَا
الظاعِنِينَ ولَمّا يُظْعِنُوا أَحَداً * والقائِلُونَ لِمَنْ دَارٌ نُخَلِّيها
وأنشد:
لا يَبْعَدَن قَومِي الذينَ هُمُ * سُمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزْرِ
النَّازلين بكـلّ مُعْتَرَكٍ * وَالطَّيِبُونَ مَعَاقِدَ الأُزْرِ

وهذا أصحّ ما قيل في المقيمين، وقال الكسائي: "وَٱلْمُقِيمِينَ" معطوف على "ما". قال أبو جعفر: وهذا بعيد لأن المعنى يكون ويؤمنون بالمقيمين، وحكى محمد بن جرير أنه قيل: إِن المقيمين هنا الملائكة عليهم السلام لدوامهم على الصلاة والتسبيح والاستغفار، واختار هذا القول، وحكى أنّ النصب على المدح بعيد لأن المدح إِنما يأتي بعد تمام الخبر وخبر "ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ" في "أُوْلَـۤئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً" فلا ينتصب على المدح ولم يتم خبر الابتداء لأنه جعل "وَٱلْمُؤْتُونَ" عطفاً وجعل الخبر ما ذكر. ومذهب سيبويه غير ما قال، وقيل: والمقيمين عطف على الكاف التي في قبلك أي من قبلك ومن قبل المقيمين وقيل: "وَٱلْمُقِيمِينَ" عطف على الكاف التي في أولئك وقيل: هو معطوف على الهاء والميم أي منهم ومن المقيمين. وهذه الأجوبة الثلاثة لا تجوز لأن فيها عطفَ مُظهَر على مُضمَر مخفوض، والجواب السادس أن يكون و "ٱلْمُقِيمِينَ" عطفاً على قبلك ويكون المعنى ومن قبل المقيمين ثم أقام المقيمين مقام قبل كما قال {وسْئَل القريةَ} وقرأ سعيد بن جبير وعاصم الجحدري {وَٱلْمُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ} وكذا هو في حرف عبدالله بن مسعود فأما حرف أُبيّ فهو فيه {وَٱلْمُقِيمِينَ} كما في المصاحف .

ولعائشة رأي طريف في المسألة لكنه خطير جداً ذكره القرطبي في تفسيره حيث قال :

" وَالْجَوَاب السَّادِس : مَا رُوِيَ أَنَّ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا سُئِلَتْ عَنْ هَذِهِ الْآيَة وَعَنْ قَوْله : " إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ " [ طَه : 63 ] , وَقَوْله : " وَالصَّابِئُونَ " فِي [ الْمَائِدَة : 69 ] , فَقَالَتْ لِلسَّائِلِ : يَا اِبْن أَخِي الْكُتَّاب أَخْطَئُوا . وَقَالَ أَبَان بْن عُثْمَان : كَانَ الْكَاتِب يُمْلَى عَلَيْهِ فَيَكْتُب فَكَتَبَ " لَكِنْ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْم مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ " ثُمَّ قَالَ لَهُ : مَا أَكْتُب ؟ فَقِيلَ لَهُ : اُكْتُبْ " وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاة " فَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ هَذَا . قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَهَذَا الْمَسْلَك بَاطِل ; لِأَنَّ الَّذِينَ جَمَعُوا الْكِتَابَ كَانُوا قُدْوَة فِي اللُّغَة , فَلَا يُظَنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ يُدْرِجُونَ فِي الْقُرْآن مَا لَمْ يُنْزَل . وَأَصَحّ هَذِهِ الْأَقْوَال قَوْل سِيبَوَيْهِ وَهُوَ قَوْل الْخَلِيل , وَقَوْل الْكِسَائِيّ هُوَ اِخْتِيَار الْقَفَّال وَالطَّبَرِيّ , وَاَللَّه أَعْلَم ."

الكتّاب يخطئون ويلحنون والأئمة يضطربون ويتخبطون .

هل هي تراجيديا أم ملهاة !!! نترك الجواب للقاريء .

طبعاً لا ننسى اختلاف القراء أيضاً (تخبطهم) فمنهم من قرأها "والمقيمون" بالرفع ، مثلها مثل "كبرت كلمة" و التي قرأها بعضهم بالرفع .

والمشكلة أنهم جميعاً مصيبون ولا يعدمون الشواهد الشعرية في كلام العرب كما فعل سيبويه في هذه المسألة .


----------------------------------


بهذه المقدمة نكتفي لإثبات خرق القرآن الواضح لقواعد اللغةالعربية ، والآن سننتقل إلى السورة التي ندرسها هنا ؛ سورة البقرة .


المشكلة الأولى :

" لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " البقرة 177

يعلم القاصي والداني أن "ليس" من أخوات كان ، ترفع الأول ويسمى اسمها وتنصب الثاني ويسمى خبرها ، عكس "لكنّ" التي هي من أخوات إن ، و التي تنصب الأول ويسمى اسمها وترفع الثاني ويسمى خبرها ، وهذا معلوم للجميع منذ صفوف الابتدائية .

لكن الغريب في الآية السابقة ، أن القرآن استعمل "ليس" و "لكنّ" مع كلمة "البرّ" وجعل الأخيرة منصوبة في الحالتين . وهذا يخالف كل ما نعرفه عن قواعد العربية .

نصب كلمة "البر" في "ولكنّ البرَّ" صحيح قواعدياً ولا غبار عليه ، لأنه إسمها المنصوب .

ولكن نصبها وهي إسم للفعل الناقص "ليس" فهذه الطامة الكبرى .

فالمفروض أن تكون "ليس البرُّ أن تولوا وجوهكم .... " بالرفع ، و قد استخدم القرآن "ليس" مع "البر" في آية أخرى في نفس السورة ، لكنه لم ينصب اسمها كما فعل هنا ، بل رفعه كما يجب حيث قال :

" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " البقرة 189

لاحظ التشابه الشديد بين الآيتين .

في الآيتين يقول "ليس البر" أن تفعلوا كذا
وفي الآيتين يقول "ولكن البر" من فعل كذا

فلماذا ينصب البرّ بعد ليس في الأولى 177 و يرفعها في الثانية 189 ؟

سؤال لا يحتاج إلى جواب .

إنه كما قالت عائشة ، خطأ الكتّاب ، لأننا نستبعد أن يقع محمد في هكذا خطأ لا يقع فيه أصغر صبي في قريش .

ومن يبحث في تخريج هذه القراءة نحوياً يجدهم قد قلبوا اسم ليس فجعلوه مؤخراً وقدموا خبرها ، ورغم أن هذا يُعتبَر قليل ونادر في اللغة حتى أن بعضهم نفى وجوده تماماً إلا أنه التخريج الوحيد المتاح لتبرير هذه القراءة الغريبة .


المشكلة الثانية :
" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ " البقرة62

هذه الآية مشهور الخلاف حولها ، فنصب الصابئين هنا لأنه إسم إن ، ولا غبار عليه ، لكنه - أي القرآن - يذكر الآية في موضعين آخرين ، فيقول :

"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " الحج 22

ويقول :
"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ " المائدة 69

وكما ترون فقد رفع كلمة الصابئين رغم أنها معطوفة على منصوب ، و الدليل على ذلك هو آية البقرة 62 والحج 22.

ويقول الحلبي في الدر المصون :

"قوله تعالى: {وَٱلصَّابِئُونَ}: الجمهور على قراءته بالواو وكذلك هو في مصاحف الأمصار. وفي رفعةِ تسعة أوجه، أحدها: وهو قول جمهورِ أهلِ البصرة: الخليل وسيبويه وأتباعِهما - أنه مرفوع بالابتداء وخبرُه محذوفٌ لدلالةِ خبر الأول عليه، والنيةُ به التأخيرُ، والتقدير: إنَّ الذين آمنوا والذين هادُوا مَنْ آمنَ بهم إلى آخره والصابئون كذلك"

أكثر ما يستفزك هو التقدير ، وكأنهم يصححون لله ، أو يتممون ما فاته ذكره وسقط سهواً أثناء نزول الوحي ، وهو الذي يقول عن كتابه أنه كتابٌ أُحكمت آياته ثم فُصّلت ، فكيف يكون مُحكم وهو ناقص غير واضح مربك تضطرب فيه أقوال النحاة و أهل اللغة ؟؟!!!

ثم يذكر الحلبي الوجوه التسعة ، وكلها تخريجات متكلفة لتبرير هذه الفلتة النحوية من القراء أو الكتّاب ، علماً أنه يذكر أن أُبي بن كعب وعثمان بن عفان وعائشة والجحدري وسعيد بن جبير وجماعة قرؤوها "والصابئين" منصوبة ، وهو الوجه الصحيح ، لكن ماذا نفعل وقد تواترت هذه القراءة الخاطئة ، وقوم ذلك الزمان يقدسون المنقول ويقدمونه على المعقول ، لذلك أرهقوا أنفسهم في تخريج رفعها وأرهقونا معهم .

ولكن هل تتوقع أن يقول لك أحد من هؤلاء أن الكتّاب أخطأوا ؟!!


المشكلة الثالثة :

" وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " البقرة234

هذه الآية غريبة ، إذ تجده يبدأ الكلام بمبتدأ "الذين" ، ثم لا يعطيك خبره ، فأنت حين تستمع إلى أحد يقول :
"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً " ثم يتوقف ، تجد نفسك تنتظر منه أن يخبرك ما بهم هؤلاء ، جرّب اقرأ الآية وتوقف بعد "أزواجا" تجد أن السامع يتوقع أن تحدّث عن المبتدأ بخبر ، و لكن المشكلة هنا أن الخبر يجيء جملة فعلية بصيغة التأنيث ، فهو يقول "يتربصن" ، و هذا لا يصح لغة ، فالخبر يوافق المبتدأ في الـانيث أو التذكير .

ولو أنه قال "واللاتي يتوفى عنهن أزواجهن ويذروهنّ يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً" لأصبحت الجملة مفهومة ووافق الخبر "يتربصن" المبتدأ "اللاتي" في تأنيثه .

في النهاية كان يجب أن يكون هناك خبراً لكلمة "الذين" يوافقها في التذكير .

المشكلة الرابعة :

" وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ " البقرة 49

وهذه الآية - حسب المفسرين - تتحدث عن محنة بني إسرائيل في مصر ، حيث قام فرعون بقتل الأبناء الذكور و استحيا الإناث (أي كأنه أحياهن) ولم يقتلهم ، و يرجعون ذلك لرؤيا رآها في منامه أو غيره لا يهمنا السبب هنا ، ما يهمنا هنا هو وصف القرآن للموقف ، إذ يقول عن فرعون و آله أنهم :
يذبحون أبناءكم .
و يستحيون نساءكم .

ونحن نتساءل ، لماذا لم يقل "ويستحيون بناتكم" والتي هي المقابل الصحيح للأبناء بدلاً من "ويستحيون نسائكم" ، لأن كلمة النساء لا يمكن أن تُطلَق على البنات الصغار ، بل هي جمع لامرأة .

يقول ابن منظور في اللسان :
"والنِّساء والنِّسْوانُ والنُّسْوان: جمع المرأَة من غير لفظه "

المشكلة الخامسة:

" زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ " البقرة 212

الفعل "زيّن" هنا جاء بصيغة المذكر ، ونائب الفاعل هو "الحياةُ" ، و نحن نستغرب لم لم تلحق علامة التأنيث الفعل المبني للمجهول حتى يوافق نائب فاعله ؟

فلم لم تكن "زُيّنتْ للذين كفروا الحياةُ الدنيا" ؟
وهي قراءة ابن أبي عبلة حسب الحلبي في الدر المصون .
كذلك قراءة مجاهد وأبي حيوة كانت "زَيّنَ للذين كفروا الحياةَ الدنيا" فيكون الفاعل مستتر و "الحياة" مفعولا به .

ونستذكر آية أخرى قال فيها "بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ " الرعد 33 وكما ترون فلم فقد وافق الفعل نائب فاعله من حيث التذكير ، فالمكر مذكر لذلك جاء الفعل مذكراً بدون أي علامات تأنيث .

فلماذا لم يفعل هكذا في سورة البقرة ؟


للطبري رأي آخر حيث يقول :
"يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا حُبّ الْحَيَاة الدُّنْيَا الْعَاجِلَة اللَّذَّات"

وكأنه يستدرك على الله ما فاته حين أسقط كلمة حب حتى يستقيم المعنى لغوياً .

المشكلة أن القرآن حين كُتب وجُمِع لم يكن هناك علامات ترقيم ولا نقاط فوق الحروف ، لذلك نجد الكثير الكثير مما يسمونه "قراءات" ناتج عن تصحيف واضح لا مراء فيه ، وقد ذكرت أمثلة كثيرة جداً في مقدمة سورة الشجرة ، والآية هنا قد تكون حسب قراءة مجاهد "زَيّنَ" وليس "زُيّن" ، لكنهم لا يعترفون بأخطاء التصحيف ويعتبرونها صحيحة حتى لو جعلت المؤنث مذكراً و المذكر مؤنثاً .

أمثلة أخرى عن استخدام الفعل "زيّن" وموافقته لحالو نائب الفاعل من ناحية التذكير و التأنيث في آيات أخرى دون مشاكل كما حصل في الآية موضوع البحث .

" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ " آل عمران (14)

" إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ " التوبة (37)

" أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ " غافر 37

فكما ترون في جميع الأمثلة السابقة كان نائب الفاعل مذكراً فجاء فعله مذكراً .



[SIZE=4]المشكلة السادسة:

"مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ" البقرة 17

في هذه الآية يصف القرآن حال المنافقين ويشبههم بالذي يستوقد ناراً ، فالمشبه هو المنافقين وهو جمع ، والمشبه به "الذي استوقد ناراً" مفرد ، لكن حين يتابع الحديث على المشبه به يُرجع الضمير إلى المشبه فيستخدم ضمير الجمع ، وذلك في "نورهم" و "تركهم" و"يبصرون" ، فعندما يقول "فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ" فهو يتحدث عن المشبه به دون لبس ، فيأتي جواب لما بصيغة الجمع "نورهم" والمفروض أن يأتي بصيغة المفرد "نوره" .

لذلك وجب أن تكون الآية :
"مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِ وَتَرَكَهُ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرْ"

ولكن كيف ستتماشى هذه الصيغة مع فواصل الآيات التي تنتهي بالواو والنون ، لذلك خلط الضمائر وجعل المفرد جمعاً مراعاةً "للضرورة السجعية" كما أسمهيا .

كذلك كان بإمكانه أن يقول :

"مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِينَ اسْتَوْقَدوا نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُمْ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ" وهكذا يكون قد خرج من ورطة خلط الضمائر وحافظ على فاصلة الواو والنون .

وهناك آيات كثيرة في القرآن استخدم فيها صيغة مشابهة ، لكن دون أن يخلط الضمائر حيث نجده يقول :

البقرة (آية:265): " ومثل الذين ينفقون اموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنه بربوه اصابها وابل فاتت اكلها ضعفين فان لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير "

هنا لدينا تشبيه جمع بمفرد ، وهذا لا خلاف عليه ، لكنه يحافظ على صيغة المفرد فيما يعود على المشبه به ( الجنة )فقال "أصابها" و "آتت" و "يصبها" .

الفتح (آية:29): "محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراه ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطاه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم مغفره واجرا عظيما "

المشبه : محمد وأصحابه (جمع)
المشبه به : زرع (مفرد)

نلاحظ أن كل ما يعود على المشبه به جاء مفرداً (أخرج، شطأه، فآزره، فاستغلظ، فاستوى، سوقه، يعجب، ليغيظ) .

[SIZE=4]المشكلة السابعة:

"الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا [COLOR=Blue]وَالسَّمَاءَ " البقرة 22

وهنا كما ترون قام بتكرار كلمة السماء مرتين في نفس الجملة ، وكان بإمكانه أن يقول :

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنْها مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ

أو يقول :
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ المُزنِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ

حتى لا يقع في التكرار والإسهاب.

وهذا نفس حال الآية التي تقول :
"فَبَدَّلَ [COLOR=Blue]الَّذِينَ ظَلَمُوا" البقرة 59

لا ندري لم التكرار وهو مفهوم من السياق ، فلو قال "فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا [COLOR=Blue]عَلَيْهِمْ " لعفى نفسه من التكرار ، كما فعل في سورة الأعراف حيث قال :
" فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا [COLOR=Blue]عَلَيْهِمْ " الأعراف (162)

ويبرر المفسرون هذا التكرار بالتعظيم والتفخيم ، ونحن نسأل تعظيم ماذا وتفخيم ماذا ؟
ولماذا كان تبديلهم للقول في سورة البقرة أعظم من تبديلهم له في سورة الأعراف ، بحيث يكون إنزال الرجز عليهم في سورة البقرة أعظم وأفخم منه في الأعراف ؟

مجرد تخريجات لا تقنع أحداً ، لكن المهم أن يكون لها شواهد من الشعر وكفى الله المسلمين شرّ القتال .

من الشواهد التي يستخدمونها لتبرير هذا التكرار مثلا :
أَلَا حَبَّذَا هِنْد وَأَرْض بِهَا هِنْد وَهِنْد أَتَى مِنْ دُونهَا النَّأْي وَالْبُعْد

نحن نفهم من هذا التكرار تفخيم وتعظيم محبوبته ، وشغف الشاعر بها و باسمها فيكثر من ترديده ، ولكن هل هذا الحال مشابه لما في الآية السابقة من وعيد للذين بدلون القول حتى يقوم بالتكرار ؟؟

والقرآن حافل بالوعيد لمن أشركوا ولمن حادوا عن الصراط وغيره ، فلماذا لم يكرر في تلك الآيات كما فعل في هذه الآية هنا ؟

ولكنا وجدنا تكرارات أكثر غرابة في مواطن أخرى من القرآن مثل :

"وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [COLOR=Blue]مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ " المائدة 46

ولا ندري لماذا لم تكن :

"وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ "

إِلَّا [COLOR=Blue]مَن تَابَ - الفرقان 70-71

هاته الآيتين غريبتين ، و لا نعرف الفرق بين من "تاب وآمن وعمل عمل صالحا" في الآية 70 و بين "من تاب وعمل صالحا" حتى يبدل الله سيئات الأول حسنات و يصبح الثاني تائباً إلى الله متابا !!!؟؟


[SIZE=4]المشكلة الثامنة:

"إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ [COLOR=Blue]اللَّهُ" البقرة 26

هذه من الآيات المشهورة عند الناس ، خصوصاً بعد الذي اكتشفه الزغلول وجماعته من جرثومة مجهرية تعيش فوق البعوضة ، فقالوا هذا ما قصده القرآن في هذه الآية ، بعيداً عن الضحك والمزاح نقول أن القرآن ينقل لنا هنا كلاماً عن الكفار الذين لا يؤمنون بالله ولا يؤمنون بأن القرآن كلامه ، حتى لو كانوا يؤمنون بالله لكنهم لا يؤمنون برسالة محمد وأن القرآن كلام الله فكفروا به ، ولكن القرآن ينقل عنهم فيدعي أنهم يقولون "مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا " وهذا لا يُعقَل ، لأن حاصل كلامهم أنهم يؤمنون بالله وبالقرآن لكنهم لا يفهمون المقصود من هذا المثل ، بينما هو يسميهم الكافرون ، فإما أن يكون قصده أن كل من يستفسر عن مقصود آية من المؤمنين هو كافر ، أو أن من سمّاهم (كافرين) يؤمنون بالقرآن أنه منزل من عند الله على محمد وهذا يناقض عشرات بل ربما مئات الآيات التي ينقل القرآن فيها كفر القرشيين الذين لم يؤمنوا بمحمد و ديانته وغيرهم من أهل الكتاب والناس .

نعتقد أن كاتب القرآن نسي أنه ينقل كلاماً عمن لايؤمنون بسماوية القرآن ، ولو كان جعلها "فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ رَبُّكُمْ بِهَذَا مَثَلًا" لكانت أكثر صدقاً وإقناعاً .

كذلك "إلهكم" تُعتبَر بديل جيد لمن هو متحمس للفرق بين الألوهية و الربوبية.


[SIZE=4]المشكلة التاسعة:

" فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ [COLOR=Blue]وَقُلْنَا اهْبِطُواْ "

أعتقد أن المشكلة واضحة ولا تحتاج إلى كثير من الشرح .

في الآية 36 يأمر الله آدم و زوجته وإبليس بالهبوط إلى الأرض ، ثم يخبرنا في الآية اللاحقة أنه تاب عليه ، ثم بعد ذلك ، بعد أن تاب عليه ، يأمرهم بالهبوط "جميعا" مرة أخرى ، فهل غضب على آدم مرة أخرى بعد أن أهبطه أول مرة ثم تاب عليه فقرر إهباطه مرة ثانية ؟؟؟؟

لا نعرف ما سبب هذا التكرار و العودة إلى مسألة الهبوط بعد أن انتهى منها في الآيتين 36-37 بل إنه غفر لآدم خطيئته وتاب عليه . فلماذا يعود ليذكرها مرة أخرى لا نعرف ، لكننا نفترض أنه كما قالت عائشة "أخطأ الكتّاب" ونضيف عليها نحن "والرواة".

[SIZE=4]المشكلة العاشرة:


ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ [COLOR=Blue]لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52)

وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)

ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)


لقد استخدم القرآن "لعل" كثيراً في آياته وفي سور مختلفة ، في سورة البقرة وحدها استخدمها تقريبا 16 مرة ، و "لعل" كما يعرف الجميع هي حرف نصب مشبه بالفعل من أخوات إن تنصب الأول ويسمى إسمها وترفع الثاني ويسمى خبرها يفيد الترجي .

في هذه الآيات لا مشاكل نحوية في استخدام "لعل" ، لكن المشكلة لغوية، فالله الذي هو علام الغيوب يعفو عن بني إسرائيل لعلّهم يشكرون ، أي يرجو منهم أن يشكروه ، لكنهم لم يشكروه ، كذلك في "لعلكم تهتدون" و إحياؤه لهم بعد موتهم لعلهم يشكرونه ، لكنهم لم يشكروه بدليل قوله في الآية اللاحقة "وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) " ، فلو كان الله فعلاً يعلم الغيب ، فلماذا يقوم بإحيائهم أملاً في أن ينال شكرهم ، وهو يعلم أنهم لن يشكروه ، ولكنه مع ذلك يأمل في شكرهم ويرتجيه ، وهذا أسلوب غريب أن ننسبه إلى الله الذي ندعي أنه يعلم كل شيء منذ الأزل .


وللحديث بقية
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 03-03-2009, 01:07 AM بواسطة الختيار.)
11-23-2006, 09:55 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
خواطر متنوعة حول القرآن و إعجازه و الإسلام - بواسطة الختيار - 11-23-2006, 09:55 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  خواطر حول اللحية فارس اللواء 0 432 03-21-2014, 05:20 PM
آخر رد: فارس اللواء
  لكل من يقول : تركت الإسلام .أنت لم تعرف الإسلام حتى تتركه . جمال الحر 9 3,972 06-20-2012, 02:35 AM
آخر رد: حر للابد 2011
  خواطر حول هاجس المد الشيعي فارس اللواء 17 4,590 03-16-2012, 03:19 AM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني
  خواطر حول قصة يونس عليه السلام مع الحوت . جمال الحر 24 8,241 12-15-2011, 03:11 AM
آخر رد: ahmed ibrahim
  سورة الأعراف ـ عجائب إحصائية وبيانية متنوعة ؛ إســـلام 3 2,485 09-24-2010, 02:46 AM
آخر رد: أبو فتوح

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 4 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS