عزيزي عوليس،

ابتداء فإنك حين تفرض أصلا جديدا إلى الوحي، وهو أقوال مجموعة من آل بيت رسول الله لا يتجاوزون الثلاثة عشر شخصا، فإنه يغيب عنك الدليل القطعي الذي يجعل الأصل أصلا.

الأصل عندنا كمسلمين، لا يعنيني السنة والشيعة وغيرهما، هو الوحي وما أرشد إلى الوحي، وحين تفرض رأي جعفر الصادق أو علي الرضا أو فاطمة الزهراء كوحي، فإنك ملزم بدليل قطعي من الوحي يؤيد ما ذكرت.

لا سيما وأن هؤلاء ليس منهم نبي ولا نبية.

ثم نعود إلى الصحابة،
مفهوم العدالة هو مفهوم شرعي منضبط، وهي نقيض الفسق. والفسق هو المعالنة بالمعاصي.
لا يوجد إنسان، صحابي أو من آل البيت أو غيرهما إلا ويعصي ويخطئ ثم يتوب أو لا يتوب، ما خلا الأنبياء الكرام.
فإن نزعنا عدالة الصحابة لذنوب ارتكبوها فلننزع عدالة الناس جميعا إذن.

ثم تأتيني بقول بعض مدارس السنة في حجية رأي الصحابي، هذا رأي لمدرسة لم أنقله ولم أتبنه، وأناقشك فيما أتبناه أنا يا عوليس، وإلا لم لا أقول لك قالت الشيعة الكيسانية، وقالت الشيعة الغرابية، وقالت الشيعة الزيدية، وقالت الشيعة الإمامية الإسماعيلية؟

رأي الصحابي هو اجتهاد لمجتهد، قد يصيب وقد يخطئ، وهو على الحق إذ اجتهد.

ثم إن خلاف المجتهدين لا يقدح في عدالتهم، ما يقدح في عدالتهم هو ارتكاب الفسق المعالن، وليس منه البغي على ولي الأمر، لأن الله سمى البغاة المتؤلين الخارجين لشبهة حق مؤمنين، والمؤمن غير الفاسق قطعا. وهو عدل حتما.

ثم حين نسبت الزنا والقتل المحرم والشتم إلى بعض من يسمون صحابة فقد جانبت الصواب مرتين.
مرة حين حسمت فيمن هو الصحابي، وهو موضوع غير موضوعنا، إلا أنني كمحاور لك لست أقبل أن ينسب إلى الصحابة كثير ممن نسبوا إليهم، وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان وأبوه.
ومرة أخرى حين اتهمت القوم بناء على دعوى.
ما تدعيه على خالد بن الوليد أو المغيرة بن شعبة من زنا أو اعتصاب نساء إنما هو دعوى على جريمة، تثبت بالمحكمة أو لا تثبت.
فلندع خالدا على حدة لنقص معلوماتي في شأنه، ولنذكر قصة المغيرة واتهامه بالزنا.
المغيرة ليس بدعا من الناس، وحين يتهم بالزنا فينبغي أن يشهد عليه أربعة شهود بالرؤية العيان، وكذلك أنا وكذلك أنت. وحين لا يشهد الشهود بالرؤية العيان يكون القوم قد وقعوا في ذنب القذف.

لم يشرع الشارع الحدود ليتعقب الناس، بل ليمنع الناس من تحدي الحكم الشرعي، ولو تنظر إلى الحدود لوجدتها محدودة معدودة، مقيدة بشروط صعبة التطبيق على رأسها أن يدرأ الحد بالشبهات.
حتى لو اعترف الجاني بالحد فينبغي على القاضي أن يسعى له في شبهة تخرجه من الحد، رغم أن الاعتراف سيد الأدلة، ألم تر ترديد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لماعز والغامدية؟

ولم يشهد على المغيرة أربعة، دليل أن الرجل كان في بيته مستترا من الناس، ولا يقدح في عدالة الرجل أي رجل ارتكاب معصية، بل يقدح في عدالته المجاهرة بها، وإلا لما وجد عدل.