يبدو لي أن هناك تخليط مفتعل وعدم جدية متعمدة عندما يكون النقاش يتعلق بموضوع ختان النساء.
نريد بجدية أن نتطرق لهذا الموضوع، حبا في النساء ودفاعا عنهن، وبعيدا عن العبث او الأهداف الدنيئة كالإستفزاز الذي لاطائل من ورائه او إلصاق تهمة ما بعقيدة أو بفئة معينة. هدفنا الأول والأخير هو الوقوف على حقيقة ختان النساء، ليس دفاعا متزمتا عن عقيدة ما، بل الهدف أسمى من ذلك، وهو الحقيقة وانصاف المرأة واعطاءها ما لها وما عليها.

القيل والقال ليس مقياسنا هنا ولو كان ذلك القيل والقال أحاديث شريفة مشرفة حكاها قديس عن فلان روى أن فلانا روى.

مقياسنا سيكون فقط التحليل الموضوعي والمنطقي للمعطيات التاريخية والإجتماعية والعلمية من وجهة النظر الطبية، لا غير.

قد يتساءل عقل يفكر، إذا كان ختان النساء (وسأعود آنفا لتعريف ختان النساء عن كثب) عمل شنيع شجع عليه وأمر به الإسلام ورسوله، فلماذا ياترى لم تنتشر هذه العادة "المقدسة" في كل العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه؟ ولماذا ياترى تجدها تركزت فقط في منطقة واحدة وهي شمال شرق افريقيا، مثل مجاهل مصر والسودان واثيوبيا وما جاورها، عند قبائل منها المسلمة ومنها غير المسلمة. ولا تجدها في غير هذه المنطقة إلا عند عائلات هاجرت من هذا المثلث قديما أو حديثا وحملت معها تلك العادة نحو كندا أو هولندا أو الشرق الأوسط أو جنوب افريقيا؟
ولماذا ياترى توجد رسوم فرعونية من الزمن السحيق تمثل عمليات ختان النساء؟ أكان كهنة الفراعنة مغرومين بالخيال العلمي ويتنبأون بختان النساء في آلاف السنين المقبلة؟

ولنفترض أن تلك الأحاديث التي تفنن الرواة قديما في سردها من فلان إلى فلان حقيقية وصحيحة. علينا أولا أن نعرّف ختان النساء تعريفا دقيقا لكي نوضّح للغافلين حقيقة الأمر من جهة، ومن جهة أخرى لكي لا ندع للعابثين مجالا للتخريف واستغلال هذا الموضوع من أجل البهتان والكذب أو أهدافهم الدنيئة.

ختان النساء كلمة ليست دقيقة لأنها تخلط بين عمليتين مختلفتين ولا تفرق بينهما. بعكس كلمة "ختان الرجل" والتي هي كلمة دقيقة المعنى، يتصور من خلالها كل من سمعها أنها عملية يتم أثناءها قصّ الجلد الزائد المحيط بالفحشة في مقدمة الذكر، والنتيجة تكون لا بأس بها: تنظيف الذكر يصبح أسهل لأن البكتيريا لم تعد تجد ذاك الجلد الذي كانت تعشش تحته في دفء ورطوبة شبيهين بدفء ورطروبة وعاء تربية الباكتيريا في مختبرات التجارب، والفحشة تصبح أقل حساسية لأنها لم تعد محمية مما يمكن الرجل من إطالة العملية الجنسية وهو شيء يُسعد شريكته، إضافة لذلك يصبح الذكر المختن أكثر جاذبية على المستوى الجمالي.
هذا عن ختان الرجل، فلنعد لموضوعنا ختان المرأة.
كما سبق القول فهناك تخليط وسوء فهم لكلمة "ختان المرأة". استئصال البضر يسمى خطأ "ختان"، بينما هو عملية تساوي عملية الخصي عند الرجل، أي بتر ذكره. هذا النوع من ختان المرأة، الذي هو في الحقيقة استئصال لبضرها، جريمة نكراء. عادة أصلها قبائلي من شمال شرق افريقيا ويمكن اعتبارها أسوأ وجوه التسلط والقمع الإجتماعي والنفسي للمرأة، الهدف منه قتل شهوتها الجنسية لكي تبقى عذراء حتى الزواج ووفية لزوجها بعده. جريمة لاتغتفر.

أما ختان المرأة بمعناه الصحيح الذي يمكن مقارنته بختان الرجل، فقديم أيضا قدم التاريخ وهو معمول به كذلك في الطب الحديث أو الجراحة التجميلية. مع الأسف يخلط بعضهم إما عن جهل أو عن قصد بين جريمة استئصال بضر المرأة وبين ختان المرأة ذي الهدف الخيّر. ختان المرأة (بالمعني الصحيح) يكون إما التخلص من غلفة البضر (يعني الجلد الذي يغلف البضر)، أو قصّ الشفرين الصغيرين، أو كلتا العمليتين في نفس الوقت. ختان النساء هذا له إما هدف تجميلي، أو هدف شهواني، أو كلاهما.

تقول السيدة سندي وهي أمريكية: قمت بعملية الختان التي تخلصت خلالها من غلفة البضر التي كانت كبيرة عندي لكي احصل على مزيد من الحساسية والنظافة. بعد الختان عانيت من بعض الآلام الخفيفة لكن الإلتئام جرى سريعا. أنا اليوم سعيدة، بضري أصبح بعد الختان أكبر بعض الشيء وأنا الآن أنظف من الماضي وأستطيع أن أتمتع أثناء الجنس أكثر.

السيدة كاثي أيضا أمريكية: تم ختاني قبل عامين، لم يكن بإمكاني قبل ذلك أن اشعر بلذة دون استعمال اليد لأن بضري كان مختفيا. اقترحت علي طبيبتي أن تختنني فقبلت، والنتيجة رائعة...

هنا بعض الصور للتوضيح:



قبل الختان ثم بعد إزالة غلفة البضر والشفرين الصغيرين



قبل الختان ثم بعد إزالة الشفرين الصغيرين


تحياتي