بشار أعلن بكل صفاقة أن كل 14 آذار خونة و عملاء. يعني أغلبية الشعب اللبناني خونة و عملاء. يمكن هو يحسبها على أساس الخائن و العميل هو من يخون سوريا! هل تذكر خطاب النصر الإلهي تبع بشار؟

خامنئي قال بصراحة أكبر أنه يجب إٍسقاط حكومة السنيورة بأي شكل، و منذ ذلك الحين و كل جلسات النقاش و الحوار تفشل بحجج جديدة كل كم يوم. لاحظ أن نصر الله يتلقى الأوامر من المرجعية الدينية في إيران و ليس من أحمدي نجاد.

طيب، دعنا نلقي نظرة على ’الخونة‘. من هم 14 آذار في المجلس النيابي الذين اختارهم الشعب؟

تيار المستقبل: 36 مقعداً.
الحزب التقدمي الاشتراكي: 16 مقعداً.
القوات اللبنانية: 5 مقاعد.
قرنة شهوان: 6 مقاعد.
كتلة طرابلس: 5 مقاعد. [يشمل التجدد الديموقراطي و اليسار الديموقراطي]
مستقلون: 4 مقاعد.

كم حزباً تضم 14 آذار؟ كم شريحة من الشعب اللبناني؟ ما نسبة تمثيله للشعب اللبناني؟ 56 بالمائة.

أن يأتي بشار و يقول لك أن 56 بالمائة من الشعب اللبناني خونة و عملاء لإسرائيل و أمريكا و فرنسا و لا أعرف من أيضاً، فهل يعني هذا أن نصدق بشار؟

أي دولة في العالم كله عليها أن تدعم حكومة الأغلبية المنتخبة بشكل ديموقراطي و تحت إشراف دولي، و الدولة التي لا تدعمها و تفضل دعم قوى أخرى هي دولة لا تعترف بالشرعية و لا بالديموقراطية و تحاول خلق الفوضى في البلد.

هذه ألفباء الدبلوماسية و السياسة الدولية التي عرفناها.

تعال و انظر لقائمة حزب الله:
أمل: 15 عضواً.
حزب الله: 14 عضواً.
الحزب القومي السوري الاجتماعي: 2.
مستقلون: 2.

33 مقعداً، بنسبة 25 بالمائة، يعني مليون لبناني، و هو نفس العدد الذي ادعى الحزب أنه نزل اليوم إلى الشارع.

قائمة عون:
الوطني الحر: 14.
كتلة سكاف: 5.
كتلة المُرّ: 2.

21 مقعداً، بنسبة 16 بالمائة.

تدري أين المشكلة؟ أن الحكومة التي شكّلها السنيورة بموافقة لحّود و المقاومة و التنمية تبع حزب الله و أمل لم تضم التيار العوني. لكن بعد أن وقّع عون ورقة التفاهم تبع 5 شباط مع حزب الله [التي تخلى فيها عن مطالبه بنزع سلاح الأخير و أقر لبنانية مزارع شبعا و غيرها من الما-كان-مبادئ] و بهذا أصبحت الكتلة 54 مقعداً بنسبة 42 بالمائة من المجلس النيابي. هذا جعل كلاً من عون و نصر الله يريان أنه من المطلوب الآن أن تُشكّل حكومة جديدة بهذه النسبة من التمثيل، و ذك بحجة ’ضرورة إشراك التيار العوني في الحكومة‘، الذي لم يشركوه عندما تأسست أصلاً برضاهم الكامل!

هل تعرف لماذا يصرّون على عدم شرعية الحكومة برغم أن أي أعمى يمكنه أن يحكم بأن الحكومة دستورية تماماً لأنها تضم 18 وزيراً من أصل 25، يعني أكثر من الثلثين؟ أخبرك أنا لماذا. مؤخراً، خرج علينا لحّود ليعلن استياءه من أن وزراءً محسوبون عليه قد خانوه و غيروا ولاءاتهم، و بالتالي يجب أن يتم استبدالهم بآخرين يتبعونه. هو يتحدث عن الوزراء المحسوبين عليه، يعني شارل رزق، يعقوب صراف، و إلياس المر. من بين هؤلاء وحده صرّاف قدم استقالته تنفيذاً لأوامر لحود. كان المخطط أن ينسحب البقية أيضاً، فيغدو بالحكومة 16 وزيراً فقط من أصل 25 (للمصادفة، كان حسن السبع قد قدم استقالته في 5 شباط 2006)، و بالتالي تكون أقل من الثلين و تسقط و تصبح غير شرعية و غير دستورية. هذه هي اللعبة التي خطط لها التحالف الموالي لسوريا في حالة لم يحصل على ما النسبة التي يريدها من التشكيلة الحكومية. لكن الغباء أنهم لم يحاولوا المجيء بحجة قانونية حقيقية في تلك الساعات القليلة التي ’خان‘ فيها وزراء لحّود رئيسهم، فتمسّك الأغبياء في بعبدا بنفس نص رواية لا دستورية الحكومة، لكن هذه المرة بالحديث عن عدم تمثيل طائفة كاملة، و هو ما لا يوجد أي ما ينص عليه في قوانين إنشاء الحكومة.

هذا الفشل الذريع للخطة هو ما أصاب التيارات الموالية لسوريا بالذعر، فحكومة السنيورة بعدها دستورية، و حزب الله و أمل لم يعد لهم أي وزير يمكّنهم من التصويت ضد مشروع المحكمة و بالتالي عرقلته. لهذا، و تداركاً للخطأ المريع الذي وقعوا فيه، قرر الجميع استغلال شعبية نصر الله في الشارع، و محاولة إسقاط الحكومة بالعنف. لكن ما كان يمنع القيام بهذا في البداية هو تردد عون خوفاً على صورته في الشارع المسيحي، و من أن يدخل في خلاف مع البطريرك من جديد كما حدث في 1990، خصوصاً بعد اغتيال بيير الجميّل. هنا كان الدور على لعبة خبيثة جداً من حزب الله.

أعلنت قناة المنار عن القبض على 9 مسلحين بزي موحد و سيارات بلا أرقام و خريطة لبيت ميشيل عون تحديداً و دمى للتدرب على الرماية، و أن هؤلاء أعضاء من القوات اللبنانية!

ذكاء حزب الله كان في اختيار سمير جعجع بالذات، عدو عون الأكبر، كي يلفقوا إليه تهمة التدبير لاغتيال الأخير. هذه كانت كافية ليحسم عون أمره، و يتم اعتماد النزول إلى الشارع، فقط لنعرف بعدها بيوم واحد أن هؤلاء التسعة يحملون تراخيص حمل سلاح و أنهم حرس خاص لبيير الضاهر رئيس الـLBC و لا دخل لهم بالقوات!

كل هذه القذارة أمر مقبول في لعبة السياسة، لكن ما لا يمكن قبوله بأي شكل هو التالي:
1. لماذا قرر الفريق الموالي لسوريا أن يفعّل مخطط إسقاط الحكومة في هذا الوقت تحديداً؟ لماذا نفس توقيت مناقشة المحمكة الدولية؟
2. لماذا دعا خامنئي لإسقاط الحكومة اللبنانية في هذا الوقت بالذات؟

أنا أرفض تماماً من يقول أن الأمر محض مصادفة؛ فتاريخ حزب الله بشكل خاص لا يشفع أبداً لأن أحسن به الظن. حزب الله هو الذي سيّر مسيرة بعشرات الآلاف ضد المسيرات المطالبة بخروج سوريا العام الماضي. و دوماً كان ممثلو حزب الله يتفادون المشاركة في أي شيء له علاقة بالمحكمة أو الاغتيالات، و يكتفون بتصريح من أحد كوادر الحزب عن ’نحن نؤيد المحكمة‘، من دون و لا أي خطوة عملية واحدة تثبت هذا الكلام.

هذه قراءتي بحسب ما لدي من معلومات على الأقل. و تبقى عمالة حزب الله الظاهرة الواضحة حتى باعتراف حسن نصر الله شخصياً حقيقة لا تقبل الإنكار. و من يقولون عن حكومة السنيورة حكومة فيلتمان من دون أن يقدموا أدلة إلا من طراز ’بوش قال أنه يدعم الحكومة الشرعية‘، فعلى الأقل كل ما تملكونه هو كلام من نوعية ’قالوا له‘، على رأي إيبلا، و ليس أدلة واضحة و اعترافات صريحة كما هي حالة حزب الله.

يمكن كنتم تريدون أن يقول بوش ’أنا أدعم الحكومة ياللي مانّا شرعية‘، أو ’أنا أدعم الإنقلابيين‘. خسارة أن الدبلوماسية و السياسة الدولية تفرضان عليه أن يدعم الحكومات المنتخبة ديموقراطياً من قِبل الشعب!

و على فكرة، بوش قال أيضاً أنه يحترم الإسلام، بل و زار مسجداً في رمضان! أيها الـ1.25 مليار مسلم الخونة! يا عملاء أمريكا!