أخي النجم اللامع

تستطيع أن تفرض ما تشاء، وأن تستند على مصادرك وتبني عليها، هذا شأنك، لكن هذا لا ينفع في حاور هو عبارة عن تساؤلات تتناول وطنية الآخر، فهو يستدعي أن ندع جانباً أوصافاً كثيرة (لقد ارادوا الغزو) و(لقد رحبوا به) و(الجميع يعلم) و(أنهم يقبضون) ...

لاحظ أنني حتى الآن لم أستطع أن أقع على أي تساؤل موضوعي ، تطرحه بعيداً في مضمونه عن أفكار مسبقة أو إنطباعات شخصية.

هذا يعني، بكل بساطة، أنه قبل أن تأتينا حاملا أسألتك التي تشبه الإدانة، لا يضرك أن تتجرّد للحظة، وأن تتخلى مستقبلاً عن العموميات التي لا تفيد.

حينها (فقط ) يمكننا أن نورد إبلنا كما ينبغي. :)

الآن نأتي على ما عرضت واحدة، واحدة.

- ما موقف حزب الله المعلن من الحكومة العراقية الراهنة؟.

الجواب:

لا موقف معلن؛ لا بالتخوين، ولا بالقبول.

- ما هو سبب سكوته؟

الجواب:
لأن حزب الله في أجندته لا يتطرق إلى الحكومات العربية أصلاً بسلب أو إيجاب، لأن غرضه هو المقاومة، وحصر المواجهة لتكون ضد الإسرائيلي فقط.

حزب الله إلتزم بهذا النهج مع كثير من الحكومات العربية والتي اعتدت عليه حتى ، إلا من أصرت منها على إقحام نفسها في خط المواجهة معه، كالقذافي وصدام، فقد كان حزب الله يرد عليهما مهاجماً، في سياق الدفاع عن النفس.


هذا هو بيان موضوعنا الأساس: موقف حزب الله المعلن.



نأتي للمسألة العويصة التي دوّختكم كثيراً :)

بيّنتُ لكَ، في ردّ سابق، أن مقاومة الباغي، تارة تكون بالحل السياسي، وتارة تكون بالعملية الحربية.

وأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان تارة يعقد المعاهدات مع المشركين وأعداء الإسلام، وتارة ينفذ قوله تعالى (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) ، فهل توافق على هذا؟


بداية الحرب، كان الجلبي ومعه كثير من المتأمريكن (شيعة وسنة) يطلبون من الأمريكي دخول العراق.

دعني أطعمك من نافل القول:

اليوم، هناك سعوديون: شيعة ليبراليون من الشرق، وسنة من رجالات الحجاز، يطالبون بتفعيل الإنموذج العراقي في السعودية.
بعضهم يقف على باب الكونجرس الأميركي مستصرخا: خلصونا من اعداء الديمقراطية.

خوّنهم، وأنا معك من المخوِّنين. (بالكسر)

على أن يكون تصنيفك هذا محصوراً في رفض المبدأ، لا أن تصنف الناس بشكل قطيعي تعميمي الشيعة الخونة .. الليبراليون الصهاينة...

ولا يضر، أيضاً، أن تجد لهم بعض العذر، فهذا ليس وطننا نحن فقط ، أنا و أنت، فقط ؛ بل إنه أيضاً وطنهم .. ومن حقهم، أيضاً، أن يروا كيف خلاصه .. ومن حقنا، جميعا، أن نختلف. (f)

- تحدثتَ عن فتوى السيستاني.

سأكلفك بأمر، طالما أنك تتحدث عن بديهيات.

أريدك أن تأتي بفتوى السيستاني (أطال الله في عمره) التي تتحدث عنها، واشرح، وحلل، لنا، كيف أنها تقول:
رحبوا بالمحتل.

يكفي أن تثبت أن السيستاني ، وهو مرجع تقليد شيعي كبير، طلب من أتباعه أن يحفلوا بالمحتل، لأقول لك: بلى كلنا، نحن أتباع السيستاني، خونة.!

أتوقع بالطبع أن لا تكون أدلتك صورة لسيدة مسكينة فقيرة تقدم وردة للجندي الأمريكي، ولا شابا بائساً متعباً يقبل جنديا أمريكياً، ولا صاحب عمامة غمر (لاوزن له) يتقدم راكعا للأمريكي.

لاحظ أنني، حتى الآن، أطلب منك أن تأتي بدليل واحد على أن الشيعة (كذا بمجموعهم) و(كما قررتَ في ردك) قد حفلوا بالمحتل.

الفرق هنا أن القبض على صدام قد أبهج كل من عانى من ظلمه وجبروته، ويمكنك فهمه في السياق الذي جاء في قصيدة للشاعر العراقي أحمد مطر عن حبيب الملاعين، وانا هنا أقتبس، وناقل الكفر ليس بكافر :) :

(هل نأسى لعاهرة [صدام] إذا كان غريمها القوّاد [أمريكا]؟)

إذن، نحن فرحين بخلاصنا من العاهرة، لكن هذا لا يعني أننا راضين عن القوّاد.!

ومن هذا نخلص إلى نتيجة: أن كثيراً من العراقيين ينظرون إلى أنه ليس من مصلحتهم مقاومة [القواد]. بل يرون أن تقوم دولة يستتب فيها الأمن، على أن يلزموا الأمريكي [القواد] بما ألزم به نفسه: أنه أتى لنشر الديموقراطية، ولتأييد قيام حكومة تمثل الشعب العراقي.

هذا، عندي، إسمه:خيار سياسي، أو حل سلمي، أو الهدف الآني، أو المرحلية....

ولا يمكن أبداً أن نسميه: عمالة، خدمة المحتل، الإحتفاء بالغزاة...


قد تتفق مع هذا الطرح، وقد تختلف معه، لكن رجاءا، يعني، لستَ مضطراً لتخون، ولتراهن على وطنية أحد في هذا المجال، لأن هذا الوطن هو، إن شئت، للجميع. (f)


سؤالك عن حكومة السنيورة، في سياق مقارنتها مع الحكومة العراقية، يستدعي سؤالا آخر سابق له:
ماذا كان عنوان الهجمة الأمريكية - الإسرائيلية على لبنان؟ وماذا كان أهدافها؟ وما كان موقف حكومة السنيورة؟

على ضوء هذه التساؤلات يمكنك أن تتوصل للإجابة بنفسك.

دعنا نضع سؤالا أخطر:
ماذا يعني أن ينتقد زلامي قوات الأمن العراقية التي يقودها الشيعة وهو من المفترض أن يكون ممثلا لحكومته في حلفها مع الشيعة ، في المقابل، نرى مجلساً إسرائيليا مصغراً قبل يومين لبحث كيفية دعم حكومة السنيورة؟

في الحالة العراقية، العلاقة مريبة بين الطرفين، الحكومة العراقية والأمريكي، فالأخيرة ترى إلى أن من ضمن الأولى من يسعى إلى إحياء مشروع إيراني مساوق لمشروعها في العراق.

وفي الحالة اللبنانية، نرى دعماً مطلقاً لحكومة السنيورة دون مواربة.


في الحالة الأولى لم يكن هنالك أي مجال لأية تسوية داخلية قبيل الحرب، كون صدام كان يستبد بالجميع، ويحكم بالحديد والنار، أما في الحالة الثانية، فالخيار الديمقارطي ميسّر.

في الحالة الأولى، رغب كثير من العراقيين بإزاحة صدام عن حكمه ولمّا يقدروا، وفي الحالة الثانية، رغب الكثيرون بخروج السوري من لبنان، وقد حصل ذلك.

في الحالة الأولى، كان الأمريكي يواجه صدام الذي كان يستقوي على شعبه، وفي الحالة الثانية كان الأمريكي والإسرائيلي يواجهون حزب الله الذي سخر سلاحه للدفاع عن لبنان لا ليقاتل به أشقاءه في الوطن.

نأتي الآن لأسئلة طرحها الأخ أبوخليل بصياغته، وهي مشروعة، ومقابلة لأسألتك، طالما انك ترغب في ان تنحو بالحوار هذا المنحى، وسأعيد لك صياغتها بنفسي:

هناك قواعد أمريكية في أكثر من بلد عربي.

معظم الحكاما لعرب هم عملاء للأمريكي، ولفترض أن الحكومة العراقية مثلهم عميلة، لا فرق، السؤال:
لماذا لا يقاتل السنة الأمريكان في بلدانهم؟
لماذا لا يثور السنة على حكامهم الذين يوالون أمريكا؟
لماذا يسكت الاردنيون والمصريون والسعوديون والقطريون والكويتيون (السنة) عن حكامهم؟

لماذا لا يثوروا على الظلم وعلى تكميم الافواه؟

لماذا لا ينتفض السنة ضد الإسرائيلي الذي يحتل فلسطين؟

.... ولقد إقتطعتُ من وقتي لأكتب لك، ولغيرك، متوسماً فيك إمرئاً عاقلاً، فهلا أجبتني عن هذه الأسئلة دون مراوغة (f)