الأستاذ المحترم الختيار:

لكم استمتعت كثيرا بقراءة كل حرف مما كتبت و يمكن أن أعيد قراءته عشرات المرات دون ملل. أجمل ما فيها هو صراحتك الفائقة مع نفسك دون أي ذرة من المكابرة. في اعتقادي، أنت الملحد أو اللا أدري الذي هو أقرب لقلب الله من مؤمنين كثيرين لأنك أصبت "كبد الحقيقة".

تقول أستاذنا:

اقتباس:بمعنى إن كانت الحياة لا تستقيم بدون إله (نظرياً) فليكن الإله الغائب ، على الأقل يمكن أن نضمن عدم وجود قتال باسم الدين و لا مؤمنين درجة أولى و كفار درجة ثانية .

جميل أنك حتى تقبل نفس الفرض بعدم استقامة الحياة بدون إله، و حتى لو كان ذلك على المستوى النظري. ثم تعود و تسميه بالإله الغائب لأجل المناقشة for the sake of argument و هذا في الحقيقة يوافق ما رأه القديس بولس في أثينا (أعمال 17) حيث تمت مجادلته مع بعض اليونانيين الذين كانوا ينتمون لـ "إله مجهول" و الطريف أن بولس نفسه قال لهم إنه قد جاء يبشرهم بـ هذا الإله المجهول! لم يرفضه بل اعتمده كإله مجهول عرفوا لسنين طويلة هذا عددها و لكنها في الحقيقة يريد أن "يعلن" عن نفسه. إنه غائب و لكنه حاضر لمجرد الإقرار بوجوده، و مُعلن برغم أنه مجهول.

اقتباس:لكن العلم لم يقدم لنا جواباً لما قبل الكتلة الأولية عالية الكثافة التي انفجرت و أعطت الكون ، هنا من هذه اللحظة لا نختلف ، أي ما بعد الإنفجار الكبير لا نختلف ، و نتسلسل بالأحداث إلى أن نصل إلى الكون الموجود الآن ضمن السببية ، و لا يمكن أن يكون هناك فراغات في هذه السلسلة أو فجوات ، لأنك إن قطعتَ هذه السلسلة تكون قد أخذت المايكروفون من يد أي مؤمن تقليدي و بدأت تنظّر معه بأن الله هو الذي يخلق الأشياء من العدم .

هذا أجمل ما فيك: الصراحة (f)
نعم العلم لم يقدم لنا جوابا عن الكتلة الأولية عالية الثقافة التي انفجرت وأعطت الكون. لا يهم أن قبلنا بفكرة إله يخلقنا من العدم أو من مادة سابقة و لكن المهم أنه فعلا يخلق و أن هذه الكتلة الأولية عالية الكثافة لم تأت من فراغ. لابد من موجد لها. كل من ينكر وجود الألوهة سيصطدم دوما بتعليل ما حال الوجود قبل الكتلة عالية الكثافة و السببية ترتطم بنا من وقت لآخر. أنا لا أؤمن بأن الله خلق الأِشياء من العدم و لكن أؤمن بأنه موجود و سبب الوجود. و على هذا الأساس أنا مسيحي.

اقتباس:فقد يكون هناك إله لكنه لا يريد أن يبعث أنبياء ، و لا يريد أن يشرح لنا عن نفسه ، و لا يريد أن يشرّع لنا قوانيننا ، و لا أن يمسك بيدنا ليرينا كيف نمشي ، بل قوانينه موجودة في الطبيعة و هي نافذة لا يعطلها من أجل أحد بمعجزة و لا يغيرها نكاية في أحد أيضاً . لذلك سميته الإله الغائب .

ربما ما تقوله صحيح و ربما لا. لكن لا يوجد كائن أو أي طاقة فيزيائية في الوجود تريد أن تبقى غير معلنة بدون أي إفصاح. الجذب شيء طبيعي حتى في قوانين الذرة. الله، حسب ما أعتقد لأني مؤمن بوجوده، يريد أن يفصح عن نفسه. البشر يكتشفونه بالتدريج من خلال إعلانات و ظلال و رموز كونية إلى أن يصلوا للإعلان الكامل و الذي هو، بحسب اعتقادي الشخصي، ظهر كاملا في الإنسان يسوع المسيح ابن الله باعتباره من يظهر الله و يعلنه كاملا على طبيعته.

شكرا لحضورك و إثراءنا أستاذي الختيار.

(f)