اقتباس: رغم أنك - على ثقافتك الواسعة و مع احترامي لك - عندما يأتي الحديث عن الإسلام ألاحظ أنك تفتقر الى أدنى حد من الموضوعية و الحياد و كثيراً ما تستسهل ممارسة التعميم ،

أهلا بك مجدداً. أولاً هذا اتهام مباشر لي بأني أفتقر للموضوعية والحياد. كلنا نقدم آراءنا بحسب مانفهم وبحسب ما وصل إلينا من معرفة وهذا هدف المناقشة. ربما أنا غير محايد تجاه الإسلام ولكنك في الوقت نفسه منحازة بشكل قوي جداً للإسلام وهذا طبيعي؛ وإلا فأين الولاء لدين الحق؟ هذا متوقع ولا أتوقع عكس ذلك. ما طلبته هو مساحة من النظر من "زاوية أخرى" وليس أكثر.

اقتباس:بلغة الواقع و الأرقام ، لماذا لا يخبرني أي مسيحي أو ملحد عن سبب وجود هذه النسبة الكبيرة في اغتصاب النساء في دول غربية " مسيحية " و " علمانية " و " غاية في الإنفتاح "؟!

هذه الأرقام الكبيرة تحدث في البلاد الأوروبية وأميركا لأن البشر بشر وليسوا آلهة. لم يقل أحد أن هذه البلاد معصومة أو "بلاد طاهرة". أسطورة البلد الطاهر لا وجود لها إلا في الوهم الديني.

اقتباس:هل هذه مجتمعات إسلامية ؟ هل الإسلام لديهم هو دين الدولة ؟ لماذا لا أجد جواباً واضحاً و صريحاً ممن يدينون الإسلام بدلاً من المراوغة و تكرار الكلام ذاته كأشرطة التسجيل ؟ هل كبرياء البعض يمنعه من الإعتراف بأن الخير و الشر موجودان في كل مكان بعد أن كان يعتقد أن الشر موجود فقط في الدول العربية و الإسلامية ؟

قلت لك يا ستنا العزيزة إني لا أدين الإسلام كدين مسئول أساسا عن التحرش الجنسي ولكن قلت وبشكل واضح أن الدين يرسم تركيبة للمجتمع لا تخلو من الضغط والكبت ويترتب عليها سلوك نابع من الكبح الجنسي. لم يقل أحد أن أوروبا ملائكة والبلاد الإسلامية شياطين. مرة ثانية، أسطورة البلد الطاهر أو الأراضي المقدسة قد عفى الدهر عليها وشرب.

اقتباس:لو كان عدم زواج الكهنة هو السبب في هذه الجرائم ، عندها لا يكون هناك مبررات لوجود نسبة كبيرة للإعتداءات الجنسية العالية خارج أسوار المؤسسة الكنسية !

إنحراف الكاهن جنسياً له أسبابه فهو عنده هرمون التستاسترون يعمل 24 ساعة ومع ذلك ينكر ويناقض طبيعته الإنسانية السكسولوجية. ماذا ننتظر بعد ذلك؟!
ما يحدث خارج أسوار الكنيسة هو سلوك مرده عوامل أخرى لربما مرجعها هو الانحراف السيكولوجي والرغبة في القهر والانتقام وليس بالضرورة الرغبة في التنفيس الجنسي لأنه لن يتعثر في الحصول على شريكة جنسية إن أراد. هذه أمور ما أسهلها ولكن الدافع هنا مردة اضطراب سيكولوجي بالأحرى.

اقتباس:التحرشات و اغتصاب النساء و الأطفال و إن كان موجوداً في الدول العربية و الإسلامية إلاّ أنه أيضاً منتشر بدرجة كبيرة و مهولة في الدول الغربية - المسيحية الهوية و العلمانية الأنظمة - في الشارع و المنزل و المدرسة و الكنيسة .

كلامك صحيح بكل تأكيد ولكن يجب أن لا ننسى أن أسبابه تختلف من مكان لمكان. عندما يلجأ صبي عربي إلى اللواط فهذا لأنه يخشى مصير فتاة يضيع غشاء بكارتها والذي يعني ضياع شرف القبيلة بأكملها.. وليس بعيداً ضياع شرف الوطن العربي بالمرة في هذا! التركيبة الاجتماعية تلعب دور لا نستهين به في تفسير التحرش الجنسي. الإسلام دين يشجع على الطهارة والعفة وليس من العدل أن نلومه على التهتك الجنسي ولكن الإسلام في الوقت نفسه يفرض علينا مجتمع كله ضغوط نفسية وكبح وقمع نفسي وقائمة طويلة عريضة من الحلال والحرام ويترتب عليها أن ينفجر الشخص في النهاية؛ فما نحن إلا بشر ولسنا ملائكة. لا ألقي باللائمة على شاب في بيئة قمعية يلجأ للتنفيس الجنسي بطريقة ما بل أتعاطف جداً معه. كثيرا ما قصّ علي الشباب قصص مغامراتهم في البحرين وكنت كلي آذان صاغية لأني مدرك أنهم ليسوا من حديد ولكنهم من لحم ودم مثلي.

اقتباس:اذاً لا علاقة مباشرة للإسلام بجرائم بعض المنتسبين اليه إلاّ اذا اعتبرنا المسيحية أيضاً مذنبة بجرائم بعض المنسبين اليها .

بعض الفلاسفة قاموا بإلقاء اللائمة على المسيحية وأذكر منهم نيتشة صاحب كتاب "عدو المسيح" أو "ضد المسيح" Anti Christ [ حصلت عليه بفضل الأخ مسلم معنا في ساحة قرأت لك ]؛وهو يقدم أمور تستحق الوقوف عندها ولا أن أطرحها في غضب قائلا هو يكره المسيحية ويحقد عليها بل يجب أن أتوقف عند ما يقول وربما كان بل كثيرا ما يقدموا نقاط ممتازة تستحق إعادة النظر.

اقتباس:لكن في المرة القادمة عندما يرغب أحد الزملاء في التحدث عن " تقاليد "هنا أو هناك ، أرجو أن يتكرم و يضع ذلك في العنوان حتى لا نضيع وقتنا في مناقشة أمر ما و نكتشف أنه ليس محور الشريط

الإسلام أسلوب حياة والتقاليد ينتظر ويتوقع فيها أن تكون تقاليد إسلامية ولا توجد شيزوفرونيا اجتماعية هنا بين الدين وتوغله في ممارسات التقاليد الاجتماعية.

وأكتفي بالقدر هذا. (f)