عزيزي شحيتاوي ،

اكتب مداخلتي هذه ، صراحة ، دون ان اقرأ مداخلات الزملاء بشكل كامل حول الموضوع ، و ربما ان هناك من تحدث قبلي بالأفكار نفسها التي اناقشها !

نرى بان الاحتمالات التي سبق لك طرحها هي التالية :
الإحتمال الأول:
أن المادة كانت موجودة في العدم ثم انبثقت منه...

الإحتمال الثاني:
أن تكون المادة قد أوجدت نفسها بنفسها...

الإحتمال الثالث:
أن تكون هناك قوة ما هي التي أوجدت المادة...
أخيرا :
لو رفضت الإحتمال الثالث أيضا، فهل أجد إنسانا عاقلا يدلني على وجود احتمال رابع يفسر لي نشأة المادة؟

الرد :

الاحتمال الاول و الذي قمت وجدته متنافضا هو في نظري اهم من بقية الاحتمالات . فقد بينت الابحاث الفيزيائية منذ اكثر من عشر سنوات خاصة مع ظهور نظريات كالنظرية الوترية ( نظرية الاوتار ) و غيرها كثير بان ليس هناك فرق بين المادة و اللامادة . فكلمة " العدم " هي كلمة كلاسيكية تنقض نفسها ، اذ ليس هناك شيء يمكن ان نسميه عدما الا نظريا . أي ان العدم واقعيا ، غير موجود ! و لهذا فمصطلح " اللامادة " أو الشكل الآخر الواقعي و الذي يحتمل الوجود عمليا اكثر من مفهوم العدم هو أقرب للبحث العلمي و الفلسفي منم " العدم " . فالعدم هو العدم بالتاكيد ، الا اذا استخدمنا تلك الكلمة لتبرير وجود طاقة ما اسمها اله ليخلق نفسه و يخلق الوجود معه !
فابحاث الفيزيائيين في مجال الطاقة الجزيئية " الجسيمات الفيزيائية " و ما تحت الجزيئية ادت الى اكتشاف وجود اشكال من الطاقة ( كي لا نقول المادة ) تغير شكلها بحسب المجال الذي تكون فيه و حسب المؤثر الخارجي ، و تتحول من شكل طاقي الى آخر . فهي احيانا تكون الكترونا و احيانا فوتونا و احيانا كوارتزا و احيانا أخرى جسيمات جديدة لها اسماء و اسماء يعرفها الفيزيائيون ، كلها تدل على حركة المادة الطاقة و تبدلاتها بحسب المحرض او المثير الخارجي . كما و انعدم الفرق بين الطاقة و الوسط ، فتداخل الوسط الذي تتحرك فيه المادة الطاقة مع الجسيم المتناهي بالاصغر كاد يجعل من الصعب التمييز بينهما . و يتحدث العلماء اليوم عن المادة السوداء التي لا نراها لكنها تملا الفراغ الكوني أي الفضاء الذي يبدو خاليا من المادة ظاهريا !
اذا ، فقد تجاوزت العلوم الحديثة فكرة ( المادة ، العدم ) لتصل الى فكرة الطاقة المتبدلة منذ الازل و التي تحكمها قوانينها الخاصة و التي يسعى العلماء للاطلاع عليها منذ وقت ليس بالطويل !

الام نصل ؟ نصل الى ان المادة و اللامادة ( كي لا نقول العدم ) متواجدان منذ الازل ، و ان لم تكن هناك ضرورة لياتي اله ما و يخلقهما من عدم افتراضي . و تلط الطاقات ( من مادة و لامادة ) تتبدلان و تتغيران باشكال مختلفة منذ القدم ، اكان عبر البيغ بانغ ( الانفجار الكوني الاولي العظيم ) او عبر التحولات الغازية و الفيزيولوجية التي طرات على الكون منذ مليارات السنين . و هكذا فان ما نعيشه اليوم من مظاهر المادة و اشكال اللامادة ليست الا حالة طارئة قابلة للزوال بعد مليارات السنين لتحل مكانها اشكال اخرى من الطاقة يصعب علينا تخمينها .

اما فكرة الاصل المبدع و الخالق للكون و الحياة ، فما هي الا انعكاس طفولي بدائي لعقل بدائي غير قادر على التريد ، انه عقل الاقدمين الذي ما كانوا قادرين على تصور وجود كون بلا اله . فالخلق هو عملية سحرية ما كان الانسان القديم يستطيعها . و لذا فليس غريبا ان تاتي اسطورة خلق الانسان من صلصال مع اختراع الفخار منذ نيف و ثمانية قرون . حيث انعكس الفهم الديني على عقول مثقفي ذلك العصر ، فكان ان تصوروا ان الرب خلق الانسان من صلصال تماما كما يصنع الصانع الفخار و يزينه بالشكل الذي يريد ! و لقد كان رد الفيلسوف لوك على فكرة الصانع الاول بالقول :

انا لا اؤمن بالرب اذا كانت الفكرة انه الصانع الاول . لان هنماك اشياء لا يمكن ان يصنعها كائن واحد مهما كان ، و الا فتكثر التناقضات في عمله . و اذا كان لا بد من الايمان بالصانع الاول فاني اميل للاعتقاد بوجود اكثر من رب يتشاركون صنع الكون بما فيه . انظروا الى الباخرة ، على سبيل المثال ، هل يمكن لصثانع واحد ان يصنعها ؟ طبعا لا ! فلا بد من تضافر مئات البشر ، من عمال و مهندسين و فنيين و اداريين و مواد و تقنيات و برامج .. الخ لكي يتم صنعها . اذا لا يمكننا ان نعيد صنع الاشياء شديدة التعقيد الى صانع واحد كما كان يظن البدائيون . فعلينا فلسفيا ان نتجاهل مبدأ الصانع الاول ( الخالق ) و نعلم بان في هذا الكون مجموعة متناقضة من القوى التي تدمر بعضها نتيجة لقوانين فيزيائية يجب علينا فهمها . و قد فهم الاقدمون تلك القوى على انها آلهة متعددة و ىمنوا بانها تختلف مع بعضها كما يختلف البشر بامزجتهم. و لهذا يمكننا القول بانه لا يمكن لصانع أول وحيد ان يصنع قوانين متناقضة في كون واحد !

و لك تحياتي .

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	حزب "البعث" غير المأسوف عليه ....	العلماني	1	696	02-26-2012, 04:07 AM آخر رد: vodka
	بذمتكم هذا كلام واحد عاقل ...	SH4EVER	4	2,326	07-17-2011, 11:39 PM آخر رد: SH4EVER
	إسلامنا المُفترى عليه	عاشق الكلمه	68	12,920	08-24-2010, 10:41 PM آخر رد: seasa1981
	محمد عليه الصلاة والسلام : وجهة نظر عسكرية أمريكية	عزالدين بن حسين القوطالي	20	5,298	02-15-2010, 09:08 PM آخر رد: أبو نواس
	النادي و الطارئون عليه	أسامة مطر	16	4,268	02-07-2010, 02:25 PM آخر رد: أسامة مطر