{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
في "التغريبة الفلسطينيّة" شاهد نفسك بطلاً... أو كومبارساً
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #4
في "التغريبة الفلسطينيّة" شاهد نفسك بطلاً... أو كومبارساً
التغريبة الفلسطينية: استحضار الشعرية وتفجر الشاعرية
2005/01/12


مازن دويكات
بعد مجموعة من الأعمال التلفزيونية المتميزة للثنائي المبدع د. وليد سيف كاتباً، وحاتم علي مخرجاً، امتدت إلي ثلاثة مسلسلات، صلاح الدين الأيوبي وصقر قريش وربيع قرطبة، وعلي الرغم من هذا الإبداع الملفت، إلا أن مقولة ليس في الإمكان إلا أبدع مما كان أصبحت رؤية إبداعية محكومة بالجمال والحس الإنساني تراود مخيلة وليد سيف وحاتم علي، وكانت التغريبة الفلسطينية عملاً درامياً اقترب كثيراً من الواقع بدأ بالملامسة وانتهي بالحفر في أعماق التراجيديا الفلسطينية التي لم تنه أعمالها الموجعة بعد، فوق أرض الواقع الفلسطيني، داخلياً علي ما تبقي من الوطن، وخارجياً علي ما تشظي في المنفي من وجع وحنين.
في هذا العمل استطاع وليد سيف كونه شاعراً أولاً أن يستحضر أعماله الشعرية التي أبدعها في مطلع السبعينات من خلال مجموعتيه الشعريتين وشم علي ذراع خضرة وتغريبة بني فلسطين خاصة في قصيدته المتميزة في بعدها الدرامي تغريبة زيد الياسين إن خضرة الموشومة بذراعها لم تحتمل مساحة الشعر الضيقة، لذلك كان لا بد لها أن تنطلق مهرة خضراء في ساحة أكثر اتساعاً حتي يلمح ويري أصالتها الفلسطينية أكبر قدر ممكن من أبناء شعبها الذي أنجبها. إنها خضرة الموشومة بقلبها الذي لم يحتمل خروجها مع المهاجرين لذلك أعادها إلي رشدها في مسقط الروح والبدن، وأعاد ابنها رشدي إليها، إلي أرض الوطن في أرض عام 1948، خضرة هي زوجة الشهيد عبد وشقيقة الشهيد حسن أولاً وهي شقيقة قائد ثورة الفلاحين أحمد وأم رشدي ثانياً، رشدي الذي حمل الحلم في الذاكرة وبندقية والده الشهيد التي أصبحت في نهاية الحلقة الأخيرة من المسلسل حالة رمزية تعبر عن امتداد المقاومة وديمومتها إلي أن تنتهي هذه التغريبة علي أرض الواقع. إن وقوف رشدي أمام المغارة بعد أن أخرج البندقية جاء علي أرضية وخلفية الضوء الذي يخترق باب المغارة ونشيد الفدائي لإبراهيم طوقان هو في الباب واقف والردي منه خائف وفي نفس الوقت كان صوت المقاوم في قصيدة محمود درويش أيها المارون بين الكلمات العابرة احملوا أسماءكم وانصرفوا يعمق هذا المشهد الذي جسد مثلث الحياة والأمل.
البندقية والشهيد والمقاوم، وقد يكون مشهد استشهاد زوج خضرة من أكثر المشاهد قسوة علي متابع المسلسل، خاصة حين حمله الجنود الإنكليز إلي البلدة، والقوهُ في الساحة العامة كي يتعرف عليه الناس، لقد كتمت خضرة أنفاسها حين تعرفت علي زوجها الشهيد ومن يقرأ قصيدة الموت آخر الليل لوليد سيف من ديوانه وشم علي ذراع خضرة، يحس أن الشهيد في القصيدة يخاطب الحشود الملتفة حول جسده المسجي في ساحة البلدة داخل المسلسل:
حين أداروا ظهري بنذالة
كانت خضرة
تسلخ عن وجهي
أعشاب الزمن البائت
وقباب المدنِ المأفونة
وعن الجسد الريان الأخضر
تخلع لي أقنعة الصمت الفائت
وبكل فنون العزم العاشق
كشفت لي كل الأسرار
سقطت جمرة
واشتعلت في صحن الدار
حين أداروا ظهري
وقبيل مروق النار
كنت هنالك أدخل فيها
عبر تضاريس الجسد الفائد
أتوحد فيها
دون هوية أسفار
أما في مجموعة وليد سيف الشعرية تغريبة بني فلسطين لا يخفي علي أحد علاقتها في الطباق والمعني والدلالة مع اسم المسلسل كذلك مع قصيدته الشهيرة تغريبة زيد الياسين أن زيد الياسين ما زال يتنقل ويرحل بين مخيمات اللجوء والشتات، فقد يكون أبو جندل في مخيم جنين وقد يكون ابن زريق البغدادي في الفلوجة. فعلي الرغم من حجم حالة الفقد الهائلة التي عاشها النبي يونس داخل الحوت إلا أن القدرة الإلهية لم تسمح بالفقد النهائي في الحالة النبوية كذلك في حالة زيد الياسين الذي هو في بعده الآخر أحمد صالح الشيخ يونس، فكأنه من نفس السلالة التي لم يستطع الحوت هضمها حتي ولو كان هذا الحوت مداً استعمارياً أحلالياً مدعماً بحاضنة صهيونية ورافعة أميركية. إن مثل هذا الاستحضار الشعري لوليد سيف، هو أيضاً تفجر شاعرية علي صعيد الإخراج التلفزيوني لحاتم علي الذي استطاع بجدارة أن يوظف الشعر والموسيقي والفن التشكيلي ليجرد العمل من وثائقيته وخطابه السياسي الذي يعتمد علي الشعار الرنان، كذلك جاء التركيز علي البعد الإنساني في هذه التراجيديا بلغة فنية شاعرية تتناغم كلياً مع شعرية وليد سيف.
إن مسلسل التغريبة الفلسطينية آثر أن لا يحتك في النظام السياسي العربي، ليس خوفاً من الاحتكاك ونتائجه فقط، ولكن لضرورة فنية، لذلك جاء الرمز في هذا المسلسل علي خلفية رؤية فنية وضرورة جمالية، وليس وقائية خوفاً من المسائلة وقوانين الرقابة الصارمة، هناك مجموعة من الرموز تم توظيفها في هذا المسلسل وجاءت هذه الرموز متعددة الأبعاد والأغوار، مما حقق حالة من الرضي والانسجام لكل شرائح المجتمع الذين تابعو هذا المسلسل، وقد جاء التفاوت والاختلاف في هذه الرموز بثلاثة أطياف رؤيوية، منها الطيف الترميزي الواضح والطيف الشفاف والطيف المعتم الذي يحتاج لبصيرة زرقاء اليمامة حتي تضيء عماه المعتم، لقد حشد في المسلسل كما متعددا من الرموز الواضحة المعروفة لدي الجميع مثل الكوفية والملابس واللهجة والبرتقال ومفتاح البيت.. إلخ، مثل هذه الرموز مهمتها ووظيفتها أن تدل علي هوية الإنسان والمكان، أما الرمز الشفاف، فقد تجسد في حالة موت حسين خلال رحلة العذاب في الصحراء إلي الكويت بحثاً عن لقمة الخبز المغمسة بالنفط الأسود.
ليس صدفة أن تقف الساعة في يد الميت لحظة موته، في الأصل أن يحمل مسعود هذه الساعة ويحتفظ بها كونها ذكري من صديقه الميت، ومما يؤكد علي رمزية المشهد، ترك الساعة فوق قبر الميت لأنها تدل علي توقف الحياة، وهذا يتناقض مع الحالة الفلسطينية في بعدها الراهن والمستقبل، فالفلسطيني يحتاج إلي وقت إضافي إلي يومه حتي يرمم هذا اليوم ويبني علي أرض الواقع المؤلم حلمه المتحصن في الذاكرة، كذلك نستطيع اعتبار انتقال البندقية من الشهـــيد زوج خضرة إلي أخيها الشهــــيد حسن ومن ثم انتقالها التراجيدي إلي ابن الشهيد رشدي، إن هذه البندقية علي صعيد الواقع فقدت مفعولها التقني بالأقدمية، بمعني أنها فقدت قدرتها القتالية أمام أسلحة العدو الحديثة، وقد جاء إنتقال البندقية عبر عدة مراحل ليؤكد علي البعد الرمزي الذي يقصد منه استمرار المقاومة الفلسطينية من جيل إلي جيل.
فالرمز الشفاف هنا وظّف ليدل علي الاستمرارية والمواصلة حتي بلوغ الهدف، أما الترميز الثالث في هذا العمل، هو الرمز المعتم، فقد تداخل وتشابك في مسارين، المسار الأول تجسد في الأمومة والبنوة، بين خضرة وابنها رشدي من جهة، وبين المجنونة أم سالم وابنها سالم من جهة أخري، أما المسار الثاني فقد تجسد في خضرة الزوجة وزوجها الثاني (جابر)، في المسار الأول حدث تداخل وتشابك حدّ التماهي بين رشدي الذي فقد أمه في الهجرة وبين المجنونة أم سالم التي فقدت ابنها في نفس الأحداث، إن هذا الفقد التعويضي علي الرغم من عدم تكافئه إلا أنه حقق الدلالة في نهاية العمل من خلال رشدي الذي أسس علاقته مع المجنونة أم سالم علي أساس تعويض فقد أمه خضره، وفي المقابل جاء ليعوض أم سالم عن فقدها لابنها من خلال رشدي، فكأن رشدي وما يحمل اسمه من دلالة قد أعاد الرشد إلي أم سالم في نهاية المسلسل، وفي المقابل كذلك سالم من خلال دلالة اسمه قد أعاد رشدي سالماً إلي أمه، بعد ذلك جاء موت أم سالم حدثاً طبيعياً لأن مهمته الدلالية قد انتهت بعد التقاء خضرة الأم مع ابنها رشدي في مسقط الرأس علي أرض 1948 وليس في المنفي ومخيمات اللجوء وهذا مما يؤكد علي مكانة خضرة الترميزية في العمل، وهذا نلمحه ونحسه في المسار الثاني الذي طرفاه خضرة وزوجها (جابر) النذل الذي باع بندقية زوجها الأول الشهيد (عبد). سؤال يطرح نفسه في العمل، لماذا هاجر كل أهل خضرة بما فيهم أخيها أبو صالح قائد ثورة الريف، وخضرة لم تهاجر خاصة وإنها زوجة رجل لا يحمل أي هم وطني، عدا كونه نذلاً وجباناً، إن عدم هجرة خضرة يؤكد علي بعدها الترميزي الشمولي فكأن خضرة هي الوطن بسمائه وأرضه، وبمائه وهوائه، وما زوجها الثاني سوي الأوصياء الجدد الذين باعوا البندقية ولم يقاتلوا.
إن مثل هذا النظام السياسي الذي يمثله زوج خضرة، ما زال يعمل، ولكن خضرة بنت صالح الشيخ يونس ما زالت خضرة، علي الرغم من أزمنة القحط التي خلفها الجراد القادم من وراء البحار.
كاتب وشاعرمن فلسطين
0

01-14-2005, 02:44 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
في "التغريبة الفلسطينيّة" شاهد نفسك بطلاً... أو كومبارساً - بواسطة بسام الخوري - 01-14-2005, 02:44 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  موسيقا نسمعها غالباً بالدعايات فهل يعرفها أحد " مرفق مقطع فيديو " Free Man 2 2,219 11-17-2008, 12:32 AM
آخر رد: Free Man
  باقة فيروزيات على كيف كيفكم هدية ل "عمو" بني آدم :) (وعد الحر ديييييييين) Narina 5 2,360 07-23-2008, 12:47 PM
آخر رد: Narina
  قدود حلبية و موشحات (إهداء ل "يجعله عامر") Narina 12 5,941 07-17-2008, 02:18 PM
آخر رد: Narina
  دعوة لمشاهدة الفيلم الرائع " الأرض " بنى آدم 4 2,183 02-21-2008, 01:03 AM
آخر رد: bassant
  بطل "الامين والمأمون".. مقاوم يحمل البندقية وعاشق يحب اليهودية! تروتسكي 1 1,174 09-20-2007, 11:43 AM
آخر رد: تروتسكي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS