بقلم : سعود السبعاني

بعيداً عن المدلول التاريخي لاسم اليمامة وحجرها المعروف الذين اشتهرا في العصر الجاهلي وأرتبط أسماهما بمُسيلمة الكذاب ونبوّته المزعومة في بني حنيفة خصوصاً بعد أن تم القضاء عليه وعلى حركته الخارجة عن الإسلام بواسطة الصحابي خالد بن الوليد وذلك في معركة اليمامة المشهورة بموقعة عقرباء .

إلا أن اليمامة التي أعنيها هنا هي صفقة اليمامة العسكرية المشهورة التي عقدها آل سعود مع بريطانيا في فترة الثمانينيات لأجل شراء طائرات بريطانية مُقاتلة من نوع ترنيدو مع عقود طويلة الأمد لغرض الصيانة والتجديد والتي فاحت رائحتها أخيراً وذلك بعد أن بانَ المُخبأ وأنكشف المستور وسقطت ورقة التوت عن عورة آل سعود فإنفضح أمرهم أمام القضاء البريطاني النزيه !

فأصبحت فضيحة اليمامة أو ( اليمامة غيت ) هي الشغل الشاغل للصحافة البريطانية ووهي حديث الساعة بالنسبة للسياسيين الإنجليز هذه الأيام خصوصاً بعد تسربت أخبار صحفية تقول بأن السفير السعودي في لندن محمد بن نواف قد وجه تهديداً صريحاً ووقحاً للخارجية البريطانية كان يُساومهم فيه مابين إغلاق ملف فضيحة صفقة اليمامة أو أن السعودية سوف تُلغي الصفقة الجديدة مع بريطانيا في شراء مُقاتلات التايفون الايرو فايتر بل لوح لهم بقطع العلاقات وعدم التعاون معهم فيما يُسمى بمُحاربة الإرهاب !

ومن يعرف خفايا تلك القضية المُخزية وأسرارها سيفهم لماذا يتصرف آل سعود بتلك الطريقة الانفعالية والانتحارية غير محسوبة العواقب ؟

فتلك الصفقة أدخلت الملايين من الجنيهات الإسترلينية إلى حساب ولي العهد الحالي سلطان بن عبدالعزيز وولده خالد بن سلطان المعروف جربوع الصحراء ؟

وهما من أكبر المُستفيدين من كومشن تلك الصفقة الخيالية المعنية وأي إثارة لتلك القضية الحساسة تعني فضيحة ولي العهر السعودي الحالي الأمير سلطان وأبنائه وبناته !

ناهيك عن فضيحة صهره وابن أخيه الأمير تركي بن ناصر آل سعود والذي كان يشغل في السابق منصب قائد قوات الدفاع الجوي وهو متزوج من نورة بنت سلطان بن عبدالعزيز والذي سبق وأن هربت أبنته الأميرة عبير بنت تركي من عائلتها بعد تزوجت من طبيب عراقي في لندن !

ويبدو فضيحة صفقة اليمامة سوف تثير العواصف بين الرياض ولندن والسبب أن القضاء البريطاني مُصراً على كشف مُلابسات الرشى والفساد المالي الذي رافق تلك الصفقة الخيالية والتي كانت حصة الأسد فيها لوزير الدفاع السعودي سلطان بن عبدالعزيز وكذلك صهره تركي وهذا ما دفع مكتب الفساد والجريمة البريطاني إلى ملاحقة الجناة ومخاطبة بعض البنوك السويسرية والإطلاع على الأرصدة السرية لبعض الأمراء الذين تورطوا في الحصول على كومشنات ورشى بلغت حوالي 60 مليون جنيه إسترليني دفعت لأفراد من آل سعود من قبل شركة بي ايه اي سيستمز !

وخصوصاً تلك الخدمات الترفيهية التي وفرتها الشركة لابنة سلطان بن عبدالعزيز من طائرات خاصة في رحلاتها المكوكية إلى منتجع لاس يغاس كما ذكرت بعض الصحف أن هناك خدمات جنسية قد وفرت للأمير وعائلته !؟

وهذا الأمر جعل آل سعود يفقدون أعصابهم ويطير صوابهم لأنهم لم يتعودوا من قبل بأن تظهر فضائحهم الأخلاقية والجنسية على الملأ ولم يتوقعوا بأن تكشف سرقاتهم المالية على العلن بتلك الطريقة الإعلامية وخصوصاً بأن هناك أسماء لأميرات سوف يُكشف النقاب عنها في حال أخذت القضية مجراها !؟

وفي المقابل فأن الشعب في بلاد الحرمين مازال يغط في سبات عميق ولا يدري ما يدور حوله ويبدو أن يمامتهم تختلف عن يمامة أحفاد مرخان ؟

فقد نشب صراع كبير وصدام خطير ينذر بالشر المُستطير بين حزب العلمانيين والمُتدينين أو بالأحرى بين أفراد مطاوعة الجامية مع مجموعة من ليبراليي البنتاغون السعوديين فأدى ذلك إلى حدوث عراك وحالة من الشغب وإطلاق النار بين أفراد الأمن والشرطة مع الجمهور الذين كانوا قد حضروا في ندوة ثقافية في كلية اليمامة !؟

فأصبح الناس مُنشغلين في حادثة شغب اليمامة تلك ونسوا يمامة آل سعود التي أشغلت الجمهور الإنجليزي وضجت بفضيحتها كُبريات صحفهم !؟

ولو سألت أي مواطن عن فضيحة اليمامة الآن لروى لك حكاية الشغب الذي حصل في كلية اليمامة !؟

فهل هو غباء أم جهل وعدم إدراك أو تغييب مُتعمد من قبل النخبة البائسة ؟

وربما كان هذا الأمر يصب في صالح آل سعود وذلك حينما ينشغل هؤلاء الأغبياء في صراعهم الديني والأيدلوجي الداخلي فينصرفوا عن فضيحة يمامة سلطان بن عبدالعزيز ؟

إلا أن ورود ذكر اليمامة في ذلك النزاع الداخلي العقيم وتكرار وترديد الاسم بين المتخاصمين بالتأكيد سوف يؤرق آل سعود وقطعاً سيُذكرهم بقضية اليمامة غيت تلك الفضيحة التي بدأت تتفاعل بشدة في المُجتمع البريطاني والتي حتماً سوف تجعل توني بلير يترنح وتزيدهُ هماً على هم ما يجري في العراق .

وبما أن المثل العربي يقول كلٌ يغني على ليلاه إلا أن الوضع في بلاد الحرمين يبدو مُختلفاً كثيراً فهناك كلٌ يناجي يمامته ؟

لأن يمامة آل سعود هي بالقطع ليست يمامة الشعب